كتابنا

جمال أسعد يكتب:الزلازل.. والإنسان

جمال أسعد يكتب:الزلازل.. والإنسان

 

خلق الكون ووجد ويسير بقوانين كونية لها مسبباتها ونتائجها. ولأن التفكير الإنسانى منذ البداية لم يكن بالإدراك والثقافة التى تجعل الإنسان يستطيع إدراك وفهم كنه هذه القوانين الكونية. كانت الأسطورة التى ابتدعها الإنسان من خلال الإبداع الإنسانى الفطرى. واستمرت الأسطورة طريقًا زمنيًا لاكتشاف قوانين هذا الكون. فلم تعد الأرض تتحرك أو تدور على قرن ثور!!! ولم تصبح الظواهر الفلكية نتاجًا لشرور أو انتقام من نوع من البشر. كما أنها لم تعد مكافأة لبشر خير دون الآخر الشرير. فتلك الظواهر الفلكية (زلازل وبراكين وعواصف.. إلخ) تصيب الجميع جنسيًا ودينيًا وجغرافيًا نتيجة لعوامل أمكن معرفتها وإدراكها بالعلم وليس بالخرافات والأساطير. والزلازل والتى لها أسبابها (الصفائح التكتونية) تحدث للجميع وتصيب الجميع (الإنسان). وإذا كانت الكتب الدينية لكل الأديان تحدثت عن هذه الظواهر فهذا لوجودها الأبدى السابق على الأديان وضعية وسماوية. ولكن الفيصل هنا هو ذلك الفكر الدينى المنغلق والمتخلف الذى يفسر النص على أرضية لا علاقة لها بالعلم أو المعرفة أو لمقاصد الأديان العليا التى كرمت الإنسان مطلق إنسان.
ولذا إذا كانت الزلازل نتيجة لخلل شارك فيه الإنسان عن طريق بعض المبتكرات والإنشاءات التى سببت خللًا فى القشرة الأرضية مثل (تلوث البيئة والإسهام فى تغير المناخ وإنشاء البحيرات الصناعية.. إلخ)،
فكان ويكون من الطبيعى أن يصاب الإنسان من نتاج هذا الحال. هنا يجب أن تكون هذه الظواهر الطبيعية مثل الزلازل فرصة لتضامن وتوافق وتكامل إنسانى حقيقى يسقط الأحقاد وينهى الصراعات ويسرع فى حل المشكلات. فهل يعى هذا الإنسان ذاك جيدًا؟ هل يعى أن المصاب إنسانى لا علاقة له بمشاكل دنيوية أو خلافات دينية أو صراعات سياسية أو أطماع زائلة؟ فماذا رأينا بعد الزلزال الذى أصاب تركيا وسوريا وذهب ضحيته ما يقرب من أربعين مليون إنسان وآلاف المصابين وملايين المشردين؟ هل وجدنا ذاك التضامن والتكامل الإنسانى كما يجب أن يكون وعلى الأرضية الإنسانية؟ أم وجدنا ممارسات ومواقف تعلن عن تمييز بين الإنسان والإنسان. وجدنا تصفية حسابات سياسية. وجدنا الإصرار على إعلان أفكار دينية طائفية مغلقة ومتعصبة تعصبًا أعمى يسيء للإنسان ولا يعرف قيم الأديان. فكانت المساعدات السريعة لتركيا لأنها عضو فى حلف الناتو! وجدنا تباطؤًا فى تقديم أى مساعدات إلى سوريا فى وقت تعانى فيه سوريا وشعبها الشقيق آلام وآثار ضغوط وقوانين أمريكية جائرة ومستبدة!!!!! دفع ويدفع ثمنها الإنسان السورى الذى لا يختلف إنسانيًا عن التركى أو غير التركى. بما يكشف أكاذيب وادعاءات الذين يتشدقون بالدفاع عن الإنسان وحقوقه. وجدنا من يفسر ويتفلسف دينيًا بأن هذا الزلزال نتيجة لشرور هنا أو هناك ونتيجة لأن سوريا قد قمعت اليهود ولذا فقد انتقم منهم الله!!! الغريب فى هذا الأمر أن الزلازل وما يماثلها لا تفرق بين خير أو شرير، بين مسلم أو بوذى أو مسيحى، بين أبيض وأسمر، بين غنى وفقير أو قوى وضعيف. ولكنه الضعف البشرى وحب الذات المريضة والمتاجرة بالأديان بعيدًا عن قيمها وأخلاقياتها.
وجدنا السياسة وبحساباتها الضيقة. فهل يتناسى هؤلاء أن هذه الكوارث تصيب الجميع ويحتاج حين ذاك الجميع للتضامن الإنسانى. فهل نتعظ من هذه الكارثة ونقرب سويًا وإنسانيًا حتى يمكن أن نواجه التحديات بكل أشكالها وصنوفها التى يدفع ثمنها الإنسان الذى لا علاقة له بتلك الصراعات؟ جعل الله الإنسان كائنًا مميزًا ومتميزًا ولكن الإنسان لا يعلم ذلك ولا يدركه فعليه أن يدفع الثمن. حمى الله الإنسان والإنسانية من أفعال البشر قبل تلك الكوارث الكونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى