“المراجيح”.. بهجة الصغار وشغف الكبار تراث شعبي ارتبط باحتفالات المولد النبوي
“المراجيح”.. بهجة الصغار، وشغف الكبار، تراث شعبي ارتبط باحتفالات المولد النبوي في دشنا، منذ عشرات السنين، خصوصا لتميزها باستمرار موالد الصالحين لأكثر من أربعة أشهر متتالية، وهناك يبدأ عامل المراجيح في نصب عدته، ليكون أول الحاضرين، فيلتف حوله الأطفال، متسابقين على اللعب.
تاريخ
شورى قاسم ياقوت، عامل مراجيح أربعيني، بدأ ممارسة المهنة منذ ما يزيد عن 30 عامًا، حين كان يساعد والده في مراقبة المراجيح، في مولد الشيخ جلال الكندي، يروي قاسم أن عائلته امتهنت مهنة المراجيح منذ ما يزيد عن 50 عامًا، إذ بدأ جده ياقوت منذ الخمسينات في التنقل بين موالد الصالحين بدشنا وخارجها، كانت أجرة المراجيح حينها لا تتعدى الملاليم، وانتقلت المهنة من جده إلى أبيه، الذي طور من نفسه واشترى ألعاب جديدة مثل اللعبة الدوارة.
يشير قاسم إلى أن أجرة ركوب المراجيح ارتفعت في أيام والده لتصل إلى 25 قرشا، لافتا إلى أن الأجرة الحالية تتراوح ما بين جنيه وجنيهان.
أول الحاضرين
يلفت قاسم إلى أنه من المعروف بدشنا أن المولد مراجيح وحلاوة، لذلك فهو أول الحاضرين بالمولد، إذ يحرص على نصب المراجيح في منطقة الشيخ جلال قبل انطلاق المولد بأسبوع على الأقل، ليتجمع حوله الأهالي مصطحبين أبنائهم ليفرحوا بالمولد، ملمحا إلى أنه يكون أيضًا آخر الراحلين في المولد، فبعد خروج الثوب في يوم 12 ربيع يبدأ في تفكيك المراجيح ليتوجه إلى مولد آخر، مشيرا إلى أن دشنا تتميز بتعدد موالد الصالحين بها والتي تستمر لأكثر من أربعة أشهر متتالية، يكون هو ومراجيحه صاحب السبق في الحضور وبدء الاحتفال، وبعد انتهاء موالد الصالحين بدشنا يتجه إلى مولد سيدنا الحسين ليكون آخر الاحتفالات التي يشارك فيها خلال العام.
صعوبات
يلمح عبدالغفار محمد، عامل مراجيح من مركز قفط 40 سنة، إلى أنه اعتاد منذ أن كان في سن الخامسة أن يحضر مع والده من قفط للمشاركة في موالد دشنا بداية من مولد الشيخ جلال والمولد النبوي نهاية بمولد الشيخ ناصح في شهر رجب، لافتا إلى أنه يتكبد مشقة نقل المراجيح من قفط إلى دشنا، والتي تكلفه حوالي 1000 جنيه، ليحافظ على العادة.
ويؤكد أن الأمر بالنسبة إليه أكثر من مجرد حرفة، بل هو المشاركة في الفرح برسول الله والصالحين، لافتا إلى أن بعض الصعوبات تتمثل في ملاحظة الصغار الذين يحضرون بمفردهم، مشيرًا إلى أن عامل المراجيح يجب أن يكون يقظا حتى لا يتعرض الأطفال للأذى بسبب شقاوتهم – على حد قوله- أو أن تصطدم المراجيح التي تشبه القوارب برؤوس المتفرجين، كما يجب أن يتحلى بالصبر في التعامل مع طلبات الأطفال المتكررة.
صنعة قديمة
يلفت محمد إلى أن المراجيح التي يتعامل بها تعد من التراث، وهي عبارة عن شغل يدوي يقوم على العروق الخشبية المركبة ببعضها البعض بمسامير حديدية، مشيرا إلى أنه من الصعب أن يوجد مثلها حاليا، لأن معظم المراجيح الحديثة من مواد معدنية تصنع بالمصانع وتعمل بالكهرباء، أما هذه المراجيح تعتمد على قوة دفع العامل أولا ثم تجديف الراكب بيديه وجسمه، قائلا “المراجيح دي تعتبر انتيكة حاليًا”.
نفحات المولد
يؤكد كل من شورى وعبدالغفار، أن أجرة ركوب المراجيح رمزية كما يسميها الأهالي نفحة، لافتين إلى أنهما في أحيان كثيرة عندما يحضر طفل يتيم أو ليس لديه نقود لركوب المراجيح لا يمانعا في أن يتركاه يلعب لبعض الوقت، معللين ذلك بأنه مولد النبي ومليء بالنفحات وأجمل نفحة يمكن أن يحصلا عليها هي إدخال البهجة على قلب طفل يتيم، مشيران إلى أنهما بالرغم من زهد ثمن الركوب إلا أنهما في نهاية الموسم يجنيان أرباحا مرضية.