ثورة خضراء بمنطقة الغراء في سيناء
أبناء القبائل بمنطقة الغراء بسيناء يحققون إنجازًا في زراعة أرضهم وتعميرها خلال عام واحد من عودتهم
سيناء – محمود الشوربجي
منذ اثنتي عشرة سنة وكانت منطقة الغراء غرب مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء صحراء جرداء لا أخضر ولا يابس، سوى بعضًا من الحشائش والعشب الذي يزينها وفقط، لكن اليوم وبعد مرور عام كامل من عودة الأهالي إليها بعد تطهيرها من الإرهاب، استطاع الأهالي إلى تحويلها إلى أرض خضراء تزينها حدائق رائعة من الأشجار المثمرة.
واستطاع أهالى منطقة الغراء بشمال سيناء تحقيق إنجازًا فريدًا من نوعه بتكاتف أبناء القبائل والأهالي العائدين بالتوسع في المساحات الخضراء وزيادة الرقعة الزراعية خلال عام واحد بالإنتهاء من زراعة ١٦ ألف شجرة زيتون واستصلاح ٥٠٠ فدانا.
وأعلن أهالي منطقة الغراء احتفالهم بمرور عام على زوال خطر الإرهاب من مناطقهم وتطهيرها وعودتهم إليها بإنجازات تحققت ساعدتهم فيها الدولة والجهات المجتمعية بتوفير جانب من البنية التحتية، وأنهم يواصلون جهودهم فى استصلاح الأراضي والتوسع فى المساحات الخضراء.
وبعث الأهالى بهذه المناسبة برسالة شكر وتقدير لرئيس الجمهورية وللقوات المسلحة والشرطة المدنية، وكافة الجهات التنفيذية بمحافظة شمال سيناء.
ويعيش أهالي المنطقة هذه الأيام فرحة العودة، ويفخرون برجال القوات المسلحة والشرطة وجميع أجهزة الدولة بما تحقق من إنجازات خلال عام تفوق الخيال وتتحدى الزمن في الإسراع بالتنمية والتعمير على تلك الأرض الطيبة.
ثورة خضراء بالغراء
وأكد الحاج حسين أبو عيطة أحد الرموز القبلية بتجمع أبو يوسف أحد تجمعات الغراء أنه كان آخر من غادر التجمعات وقت الأزمة وأول من عاد إليها فور تطهيرها من الإرهاب ومخلفاته، موضحًا تحقيق العديد من الانجازات بداية من المسجد إلى ترميم المنازل للإقامة بها وصولًا إلى إعادة تأهيل الأراضى الزراعية وآبار المياه وباقي الخدمات ومرافق التنمية للعمل. إلى جانب إنشاء شبكات الكهرباء والمياه ومد شبكات التليفونات وغيرها.
وقال عبد الرحمن يوسف أحد الرموز الشبابية بالمنطقة، أن أهم ما تم انجازه خلال عام هو: ترميم المنازل كاملة ومسجد وديوان بتجمع أبو يوسف بالغراء، وترميم عدد 4 مساجد بتجمعات الغراء (مسجد أبو يوسف ، مسجد الذيابي ، مسجد أبو معالي ، ومسجد الكراشين) وتم تسمية المسجد بتجمع أبو يوسف بإسم الشهيد عميد أركان حرب خالد علاء العريان الذي استشهد على رمال هذه القرية في 30 مايو من عام 2021 ، واستصلاح مساحة أكثر من 500 فدانًا زراعيًا.
وأضاف “عبد الرحمن” أنه جرى خلال العام إنشاء آبار للري وعمل شبكات زراعية وزراعة أكثر من مائة فدان بأشجار الزيتون ( 16 ألف شجرة زيتون)، مشيرًا إلى أنه حاليًا يتم تجهيز وزراعة الخضروات الموسمية مثل البامية – الكنتلوب – البطاطس- والطماطم لسد احتياجات الأهالي بالمنطقة، وصيانة عدد 4 آبار كانت معطلة بسبب العبث بها فى فترة الإرهاب ، وحفر 10 آبار جديدة للري الزراعي وإعادة تشغيل 6 آبار كانت معطلة ، واستصلاح الطرق وفتحها بالتجمعات كاملة بواسطة مجلس مدينة الشيخ زويد.
كما أشار إلى تركيب عدد 3 محطات تحلية مياه الآبار المالحة وتحويلها لمياه عذبة صالحة للشرب الآدمى تكفى التجمعات بالكامل سعة 50 مترا مكعبا / اليوم للمحطة الواحدة بجهود مجتمعية ، وإنارة التجمعات بأعمدة إنارة وكشافات من خلال مجلس مدينة الشيخ زويد وإدخال عدد ٧ محولات كهرباء للتجمعات وتم تركيبها عن طريق شركة الكهرباء ، تركيب شبكة التليفونات الأرضية للتجمعات وجارى العمل على تشغيلها خلال الشهر القادم ، وتقام حاليا حلقات تعليمية وتثقيفية للأطفال لتعليمهم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وزرع الحس الوطني والديني لديهم.
بينما لفت إلى أنه فى مجال الأنشطة التى قدمتها الشباب والرياضة للمنطقة، تم تنفيذ عدد من القوافل الرياضية لإسعاد الشباب تضمنت أنشطة متنوعة للشباب والأطفال ، وتقديم هدايا وتوفير أدوات رياضية، مؤكدًا أن الأهالي جهزوا مساحة أرضية وتم التقدم بطلب لتحويلها لملعب رياضي وإقامة منشآت رياضية ومركز شباب عليها.
زراعة الأرض وتعميرها
وقال حسين كويس من تجمع أبو معالي بالغراء أنهم بعد عودتهم لمناطقهم انطلقوا فى عملية الزراعة وتعمير الأرض ، وحاليا يزرعون كافة المحاصيل الناجح زراعتها وهم يواصلون تعمير مناطقهم، مشيرًا إلى أن بالقرية أنشطة منوعة ، وهى : الزراعة ومزارع تربية الدواجن. فضلا عن أنشطة الأسر في تربية الأغنام.
من ناحيته أكد مسعد أبو كريشان من شباب منطقة الغراء بتجمع الكراشين على اعتزازهم وفخرهم بمجهودات الدولة وما تقدمه لهم ، وتضافر أهالى المنطقة، مشيرًا إلى أن الأسر استقرت فى أماكنها ، وأن الدولة وفرت لمنطقتهم بئر مياه جوفي لخدمة المزارعين إلى جانب مشروعات منوعة وفرها الهلال الأحمر لدعم الشباب ومساعدتهم فى زراعة أرضهم ، وهذا ساعد فى زيادة المساحات الخضراء ، وتنافس الجميع فى الإسراع بزراعة الأرض.
وبدوره .. أشار الدكتور عبد الكريم الشاعر مسؤول التدريب وخدمة المجتمع بجامعة العريش إلى أن لرجال المجتمع المدني دور مهم فى مساندة أهالي تجمعات الغراء، موضحًا أنه جرى تنفيذ فعاليات ومبادرات مجتمعية، كان أبرزها: اتحضر للأخضر، وإطلاق إشارة بدء زراعة حديقة الأبطال بجوار مسجد الشهيد خالد العريان تماشيًا مع رؤية الدولة وتوجهها نحو البيئة النظيفة ، وإطلاق مبادرة الاستفادة من البيئة المحلية وتوظيفها فى السياحة العلاجية والزراعية ، والسعي لعمل برامج توعوية تستهدف إبراز مواهب الأطفال.
وأوضح إسلام عروج أحد ممثلي المجتمع المدني ورائد الأعمال الإنسانية، أن الغراء كانت أول مكان يعود إليه أهله، حيث تضامن رجال الأعمال مع قواتنا المسلحة والشباب ومنظمات المجتمع المدني من أجل أن تصبح الغراء نموذجًا للتنمية يحتذى به، من خلال ترميم منازل تجمع أبو يوسف، معربًا عن أمله أن يكون المكان واجهة نموذجية تستحق أن يطلع على تجربتها الجميع فى سيناء ، وأن تتكرر فى كل قرى المحافظة.
كما أشار “عروج” إلى أن ما يقوم به المسئولون لهو دليل وتطبيق عملي لتوجهات الدولة فى تحقيق التنمية الحقيقية على أرض سيناء.
احتياجات ضرورية
أمّا مصطفى أبو عيطة أحد الشباب بالمنطقة، يرى أن أهم الاحتياجات العاجلة والضرورية لأهالي تجمعات قرية الغراء هي: إنشاء المدرسة التي كانت موجودة بها وأصبحت بحاجة لإنشاء جديد، مساعدة أهالي القرية بإنشاء عدد 5 آبار مياه للتوسع فى الرقعة الزراعية. حيث أن الزراعة هي المهنة الوحيدة لشباب ورجال القرية فى الوقت الحالى ( تكلفة إنشاء وتشغيل البئر الواحد حوالى 60 ألف جنيها ) ، توفير عدد 5 صوب زراعية لزراعة المحاصيل الشتوية وعمل إكتفاء ذاتي للمواطنين ( تكلفة الصوبة حوالى 150 ألف جنيها ) ، إنشاء مبنى صغير لتعليم الأطفال وإقامة الأنشطة والمسابقات لهم به وذلك لعدم وجود مكان لمثل هذه المسابقات ، إنشاء عدد 5 خزانات خرسانية لتجميع مياه الأمطار بها ( تكلفة الخزان الواحد عشرة آلاف جنيها ) .. إضافة إلى ضرورة الانتهاء من تخصيص مركز شباب وملعب رياضي وبناء المعهد الأزهري، حيث قام الأهالي بالتبرع بالأراضي اللازمة للبناء عليها لهذه المنشأت.
ومن جهته أكد الشيخ عبد العاطي كريشان من مشايخ ورموز منطقة الغراء أن مسيرة الأهالى وملحمة التعمير متواصلة، وأن لديهم إصرار أنه خلال عام قادم ترتفع أعداد أشجار الزيتون التى يزرعونها فى أراضيهم إلى 50 ألف شجرة زيتون ، وحفر 50 بئرًا للمياه ، والتوسع أكثر فى زراعات موسمية وخضروات وفواكه.
وأوضح “كريشان” أن مساحة تجمعات الغراء تصل لنحو 3500 فدانًا، والأهالي لديهم رغبة قوية في إعادة إعمار الأرض بالبناء والزراعة ، وتضم القرية عدد عشرة تجمعات ( أبوغانم ، أبو يوسف ، أبو معالي ، الكراشين ، أبو دهشان ، الذيابي ، أبو خوار ، أبو خويطر ، الطبيقي ، والملاحيس ) .
وقال أنه يوجد ترابط وتلاحم بين أهل القرية، مما يعود على المنطقة بالنفع العام، ونسبة التعليم وخريجى الجامعات عالية بالمنطقة ، والمنطقة بها أراضى زراعية خصبة تصلح لزراعات الزيتون والخوخ واللوز والخضروات ، ومن أهم مميزات القرية أن المياه الجوفية بها قريبة من سطح الأرض ، وبفضل سواعد الشباب المخلصين من أهل القرية سيكون هناك إنتاج من زيت الزيتون الموسم القادم.