«بئر عنبر وعيذاب».. مسار حجاج مصر والمغرب إلى الأراضي الحجازية
منذ عقود طويلة، يلوح السؤال عن سبب استقرار العديد من أولياء الله الصالحين في مصر، خصوصًا محافظات الصعيد، والذين هم في الأصل مغاربة، ومن أبرزهم عبدالرحيم القنائي، وأبوالحسن الشاذلي وآخرون.
جميع الروايات القديمة، تتحدث عن استقرار أولياء الله الصالحين في مصر، إبان رحلتهم وسفرهم لأداء فريضة الحج، من المملكة المغربية إلى المملكة العربية السعودية، إذ كانت مصر إحدى الطرق المؤدية إلى السعودية لأداء فريضة الحج، وخلال السطور التالية عن منطقة كانت تعتبر استراحة الحجاج العرب من مختلف أنحاء الدول العربية وخصوصًا المملكة المغربية، وعن الطرق التي كان يسلكها الحجاج في رحلتهم للملكة السعودية، الذين كانوا السبب في استقرار أولياء الله الصالحين من المغاربة بمصر.
استراحة الحجاج
بحسب الدكتور محمود عبدالوهاب مدني، الباحث في الآثار الإسلامية، ومدير عام الشؤون الأثرية بمنطقة آثار مركز نجع حمادي شمال محافظة قنا، فإن هنالك استراحة كانت للحجاج قديمة تقع في قرية بئر عنبر بمركز قفط الواقع جنوبي محافظة قنا.
ويتابع الباحث في الآثار الإسلامية، أن تلك الاستراحة، قد أمر القائد إبراهيم باشا، نجل محمد علي باشا الكبير، ببناؤها منذ عقود طويلة، وذلك لتكون موقع لاستقرار الحجيج فيها أثناء رحلاتهم للملكة السعودية.
الخطط التوفيقية
ويشير مدير عام الآثار إلى أن الكاتب علي باشا مبارك، ذكر في الخطط التوفيفية، التي دونها والمكونة من قرابة 20 جزءً، أن نجل محمد علي قرر بناء الاستراحة، لكون الطريق الذي يسلكه الحجاج من الدول العربية وصولا للملكة السعودية كان طويلا، وكانت الاستراحة التي بناها تعتبر المحطة الأولى في طريق الحجاج، ولذلك قرر بناؤها، وكان يشرف على تلك الاستراحات العديد من الكبار والأمراء في الدولة المصرية حين ذاك.
أولى محطات طريق الحج
ذكر الباحث في الآثار، أن تلك الاستراحة كانت تعتبر أولى المحطات في طريق السفر من مصر إلى السعودية، إذ كان يبدأ الطريق من مركز قفط جنوب قنا، حتى مدينة القصير التابعة لمحافظة البحر الأحمر، ومنه إلى ساحل البحر الأحمر، حتى المملكة السعودية.
البناء
أفاد مدني، أن تلك الاستراحة بنيت من الطوب الأجر ومونة الحمرة، والجير والقصرمل، إلا أن الذي تبقى منها حتى الآن مجموعة من الحجرات بتقدمها ممر مقبي.
طريق الحج والتجارة
نوه مدير عام الآثار، إن الاستراحة كانت أول المحطات في طريق الحج في المسافة ما بين قفط والقصير، وكان هذا الطريق له أهمية خاصة، إذ أنه كان طريقا للتجارة وطريقا للحج، وكان هذا الطريق يوصل إلى البحر الأحمر ومنه يستقل الحجاج المراكب الشراعية متجهين إلى الأراضى الحجازية.
استراحة أقصر طرق الحجاج
فيما يؤكد الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري، أن استراحة بئر عنبر، التي تعتبر أول المحطات في طريق السفر إلى الأراضي الحجازية، والتي تقع على رأس الطريق من ناحية الوادي تقع في أقصر الطرق بين ساحل البحر الأحمر ووادي النيل.
رحلة الحج
ولفت مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري، إلى أن حجاج مصر والمملكة المغربية ظلوا لقرابة 200 عام، يتوجهون إلى مكة المكرمة من صحراء عيذاب، يتوجهون إلى المملكة السعودية، من صحراء الفسطاط، ثم يستقلون الإبل من مدينة قوص جنوب قنا، مرورًا بمركز قفط، حتى يصلون إلى عيذاب، والتي اتخذوها طريقا للحج.
وألمح ريحان، إلى أن ذلك الطريق ظل الطريق الأبرز في رحلات الحج والطريق الرئيسي للتجارة، منوها بأن كان هناك طريق آخر للحج من سيناء، إلا أنه كان غير محببا للحجيج، وذلك لكونه كان يعتبر طريقا حربيا، خاصةً في فترة الحروب الصليبية، مما أبقى على طريق قوص مرورا بقفط إلى عيذاب مسارًا للحج، واتخذه الحجاج المصريين والمغاربة وعددا من الحجاج في قارة أفريقيا، خصوصًا أنه يعتبر أقصر الطرق بين ساحل البحر الأحمر ووادي النيل.
فيما أورد محمد إمام، الباحث في التراث الإسلامي، أن طريق “قفط – عيذاب” واستراحة بئر عنبر، كانت سببًا في استقرار أولياء الله الصالحين من أبناء المملكة المغربية داخل مصر، خصوصًا أن المغاربة كانوا يذهبون إلى الحج عبر ذلك الطريق، إذ استقر العديد منهم في مصر خصوصًا عبدالرحيم القناوي وأبو الحسن الشاذلي.