“رأس الملكة تي”.. توثيق لأسلوب النحت في فن العمارة قديمًا
أسماء صبحي
صنعت رأس الملكة تي من الشست الأخضر مع بعض آثار التذهيب، ويبلغ ارتفاعها ٧,١ سم. وتمثل لنا هذه الرأس الملكة العظيمه تي زوجة امنحتب الثالث ووالدة امنحتب الرابع ( اخناتون) و ابنة يويا و تويا.
تم العثور على التمثال في سيناء بمعبد الآلهة حتحور في سرابيط الخادم خلال عام ١٩٠٤. وقد عبدت الآلهة حتحور في هذه المنطقة منذ الدولة الوسطي علي انها الآلهة الحامية لمناجم سيناء. والتي تم استغلالها منذ الدوله القديمه في منطقه وادي المغارة، ثم في الدولة الوسطي في سرابيط الخادم حيث أقيم معبد كرس لعبادتها.
وصف تمثال رأس الملكة تي
نرى الملكة تي وقد ارتدت شعرا طويلاً مستعارا ذو خصلات صغيرة متدرج. ويعلو شعرها تاج كانت تعلوه قديماً ريشتان و يزينه ثعبانان مجنحان يحيطان بالخرطوش الخاص بالملكة. وقد مثلت نفس الألهتين ( الكوبرا) من جبهة الملكة حيث ارتدوا تاج الوجه البحري و الوجه القبلي.
الوجه بيضاوي ذو وجهتين مرتفعتين و عينين اتخذتا شكل اللوزيتن و شفاه غليظة. وهذه التفاصيل تعكس بوضوح بعضًا من الملامح الشخصية للملكة الواثقة والجادة، والتي أعتلت مكانة عالية إبان فترتي حكم زوجها وولدها.
أسلوب النحت هنا يمثل المدرسة الفنية التي سادت في أواخر عصر أمنحتب الثالث. كما تمهد و تقدم لأسلوب النحت الذي سوف يظهر في فن العمارة.
شخصية الملكة “تي”
لقد كانت “تي” تتمتع بشخصية قوية وباحترام كبير لدى زوجها. ومما يدل على ذلك هو الإعلان الملكي الذي أصدره بمناسبة زواجه الثاني من الأميرة الميتانية “جيلوخيبا” ابنة “شوتارنا” ملك دولة متياني.
وهكذا لم يفت الملك في هذه المناسبة التي عقد فيها زواجه السياسي على أميرة أجنبية. وبعد مضى ثماني سنوات على زواجه من “تي” أن يذكر اسمها بل واسم أبيها وأمها. مؤكداً بذلك تفوق مركزها، وكان أمنحوتب الثالث يلبي أغلب الظن كل طلبات زوجته الملكة تي.
ونعرف من نقش على جعران له أنه بعد سنة من زواجه بالأميرة الميتانية، أي في العام الحادي عشر من حكمه، قد أمر ان تحفر لها بركة كبيرة مساحتها 3700 × 700 ذراع مصري ( الذراع المصري 52 سم ) لكي تتنزه فيها بزورقها، وقد تم حفر البركة في أسبوعين، وهو أمر قد يصعب تصديقه وخاصة إذا اتخذنا في الاعتبار أن البركة المشار اليها هي بركة هابو الواقعة في البر الغربي بطيبة.
دور الملكة “تي” السياسي
وقد لعبت الملكة “تي” دوراً كبيراً كأهم الملكات اللاتي اشتغلن بأمور السياسة الخارجية وذلك في عهد زوجها وأبنها، ويدل على ذلك الكثير من الشواهد وأهمها الرسائل التي دارت بينها وبين حكام وأمراء الإمبراطورية المصرية مترامية الأطراف في عهد زوجها أمنحتب الثالث، واستمر أولئك الأمراء يراسلونها بشخصها ولمحورية دورها ودرايتها الواسعة بمجريات الأمور، وذلك فيما يعرف برسائل العمارنة.
كما دلت شواهد الأمور على أنها قد ظلت حتى أواخر حكم زوجها ذات شأن كبير لا في القصر فحسب بل وفي توجيه سياسة الإمبراطورية كلها، حتى بات ذلك الأمر معروفًا عند الأمراء والحكام في أقاليم الشرق، فكانوا يقدرونها ويبعثون إليها برسائل الود ويعرفون مركزها السامي في البلاد.