تاريخ ومزارات

«سوبيريور» أو بحيرة السحرة .. تحولها عواصف وثلوج الخريف إلى مقبرة سفن

أميرة جادو

«عواصف السحرة»، اسم يطلقه البحارة على عواصف الخريف التي تحدث بشكل متكرر عبر منطقة البحيرات العظمى في الولايات المتحدة، حيث تهب رياح قوية لكن قبل 117 عاما هبت أسوأ رياح قطبية محملة بالثلوج،  فلا يمر شهر نوفمبر دون ترك عواصف قاتلة، وهو ما يحدث سنويًا مع بحيرة سوبيريور، لكن كان أسوأها عام 1905، حيث قتل 36 شخصًا وتضررت أو دمرت 29 سفينة.

بحار يتحدى العاصفة

 

وفي 24 نوفمبر 1905 ، هبت عاصفة فوق بحيرة سوبيريور، حيث وصلت رياح إلى 60 ميلاً في الساعة، وأمام ذلك تم وضع معظم السفن بأمان بعيدًا في موانئها في انتظار ضربة العاصفة، وفي أحد الأيام بدت السماء صافية فأصر قبطان إحدى السفن على إخراجها والإبحار، إذ كانت سفينته تسحب بارجة محملة بشحنة من الحديد الخام.

واستمرت الأمور في الاستقرار حتى مساء اليوم التالي، حيث ضرب الكابتن إيه جيه تالبوت وطاقمه موجة قوية من الرياح تبلغ سرعتها 60 ميلاً في الساعة، مع تساقط الثلوج الكثيفة والشرسة لدرجة أن أحدًا لم يستطع الثبات في موقعه أمام العاصفة للحظة.

وعلى مدار 12 ساعة تالية، صارع البحارة والكابتن أمواجا عاتية ورياح شرسة، زادت سرعتها إلى 80 ميلاً في الساعة، وزاد الطين بلة تساقط الثلوج ليلاً وغياب التكنولوجيا الحديثة، وما إن تجاوز القبطان ما يعرف بجزر الرسول، الواقعة بالقرب من حدود ويسكونسن- ميشتجان، سمع صوت «طقطقة مدوية» مثل طلقة بندقية، واندفع فجأة إلى الأمام، ليجد أن كابل السحب بين السفينتين قد انقطع، كانت البارجة ماديرا غير المزودة بمحركات وطاقمها على غير هدى في العاصفة.

لم يكن القبطان بإمكانه رؤية سوى نصف طول سفينته والبارجة المحملة بالحديد والتي يتولى سحبها بسبب كثافة الثلوج، فضلا عن تراكم الأمواج فوق مؤخرة السفينة، وفي عام 1905، كان الاتصال الأساسي بين السفن هو الصفارات ومكبرات الصوت، لكن في هذه الظروف بدت عديمة الفائدة في عواء الرياح.

ونظرًا لخطر الرياح والأمواج القوية، اتجه القبطان تالبوت إلى الأمام لمدة ساعة قبل الرجوع إلى البارجة ماديرا، ولكن بعد ذلك، سمع صوتا هائلا، كانت البارجة قد جنحت في المنحدرات على شاطئ مينيسوتا، صحيح أن السفينة لم تغرق لكن فقد أحد البحارة حياته بعد أن سقط في المياه أثناء العاصفة، بينما نجى البقية.

تحطيم السفينة وإنقاذ الطاقم

لقد انجرفت البارجة تحت رحمة العاصفة حتى تحطمت أيضًا على منحدرات مينيسوتا مع اصطدامها بالمنحدرات المرتفعة وكسرها مرارًا وتكرارًا، حيث كان موت الطاقم وشيكًا، غير أن أحد البحارة وضع لف حول نفسه حبلا، وعندما اصطدمت السفينة بالصخور مرة أخرى، قفز على الجرف الرطب، ومع استمرار هبوب العاصفة وفي ظلام الليل، شق طريقه صعودًا عبر الصخور والجليد والثلج، ونجح في إنزال حبل إلى زملائه لينقذ الجميع.

وفي اليوم التالي، احتشد ما يقدر بـ10 آلاف متفرج على الخط الساحلي حيث تم تنفيذ جهود الإنقاذ، وتم إنقاذ 15 من أفراد الطاقم، بينما تم تجميد جثامين خمسة من التسعة الذين لقوا حتفهم على سطح السفينة، كان لا بد من قطع أحدهم من الجليد.

حطام السفن

وفي عاصفة ماتافا عام 1905، تحطمت 11 سفينة في امتداد 47 ميلاً من منحدرات مينيسوتا بين سبليت روك ودولوث، واختفت سفينة أتلانتا وأفراد طاقمها البالغ عددهم 14 شخصًا دون أن يتركوا أي أثر بالقرب من جزر الرسول، فيما أبلغ البعض عن رؤيتها كسفينة أشباح، فقد ستة وثلاثون بحارًا حياتهم في عاصفة مطافعة، وتضررت أو دمرت حوالي 29 سفينة.

وهذا الشهر، قالت الجمعية التاريخية لحطام السفن في البحيرات العظمى، إنه تم العثور على حطام أتلانتا بعد أن ظل غير مكتشف في النسيان البارد لأعماق البحيرة لأكثر من قرن، أعاد الإعلان إحياء قصة كيف حارب أفراد طاقم أتلانتا من أجل حياتهم في أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى