في ذكرى استشهاد العميد إبراهيم الرفاعي.. تعرف على أسطورة الصاعقة .
في ذكرى استشهاد العميد إبراهيم الرفاعي.. تعرف على أسطورة الصاعقة .
العميد إبراهيم الرفاعي، قائد سلاح العمليات الخاصة في حرب أكتوبر 1973، قائد ومؤسس المجموعة 39 قتال أول مجموعة صاعقة خلف خطوط العدو والتي أطلق عليها “الأشباح”، “والشياطين المصريين” نظرا للخسائر التي ألحقتها بقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الاستنزاف ولقب بـ”أسطورة الصاعقة المصرية”
قام “العميد الرفاعي “ومجموعته القتالية بتنفيذ 72 عملية انتحارية خلف خطوط العدو الصهيوني من بين 67، 1973، ودمر معبر الجيش الإسرائيلي على قناة الدفرسوار، الوحيد في الجيش المصري الحاصل علي وسام نجمة سيناء٣ مرات وهو أعلي وسام في القوات المسلحة وحصل على 12 وساما تقديريا لشجاعته، منها وسام الشجاعة الليبي من القذافي، وأخيرا استشهد في حرب أكتوبر في مثل هذا اليوم وكان يوافق يوم الجمعة أيضا ٢٣ رمضان فكان استشهاده أروع خاتمة لبطل عظيم بحسب ما وصفها الكاتب جمال الغيطاني، في كتابه “الرفاعي”، وكتاب “إبراهيم الرفاعي” للمراسل العسكري عبده مباشر، و٣٩ قتال للبطل اللواء محي نوح، وكتب عنه زميل رحلته اللواء البطل رجائي عطية مؤسس المجموعة ٧٧٧.
نال البطل الشهادة في ميدان القتال كما كان يتمني، تاركا زوجة شابة تبلغ من العمر وقتها ٣٣ عاما وابنه سامح عمره ٩ سنوات وابنته ليلي ١١ عاما.
وفى هذا السياق نرصد ١٠ محطات عن الشهيد الرفاعي نقلا عن ابن البطل العقيد سامح الرفاعي، الذي سار علي خطي الوالد البطل والتحق بالكلية الحربية.
البطل من مواليد قرية الخلالة، مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية في 27 يونيو عام 1931 -1
التحق إبراهيم بالكلية الحربية عام 1951 وتخرج 1954، وانضم عقب تخرجه إلى سلاح المشاة وكان ضمن أول فرقة قوات الصاعقة المصرية في منطقة (أبوعجيلة) ولفت الأنظار بشدة خلال مراحل التدريب لشجاعته وجرأته منقطعة النظير.
حيث تم تعيينه مدرسا بمدرسة الصاعقة وشارك في بناء أول قوة للصاعقة المصرية وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر 1956 شارك في الدفاع عن مدينة بورسعيد.
2-كانت معارك بورسعيد من أهم مراحل حياة إبراهيم الرفاعي، إذ عرف مكانه تماما في القتال، وهو خلف خطوط العدو، وكان لديه اقتناع تام بأهمية التدريب والتعلم وتطوير أساليب القتال، فالتحق بفرقة «بمدرسة المظلات» ثم انتقل لقيادة وحدات الصاعقة للعمل كرئيس عمليات.
3-شارك في حرب اليمن لتزيد خبرات ومهارات البطل أضعافا، وتولى خلالها منصب قائد كتيبة صاعقة بفضل مجهوده والدور الكبير الذي قام به خلال المعارك، حتى إن التقارير التي أعقبت الحرب ذكرت أنه «ضابط مقاتل من الطراز الأول، جريء وشجاع ويعتمد عليه، يميل إلى التشبث برأيه، محارب ينتظره مستقبل باهر»، وخلال عام 1965 صدر قرار بترقيته ترقية استثنائية تقديرًا للأعمال البطولية التي قام بها في الميدان اليمني.
4-بعد معارك 1967 وفي يوم 5 أغسطس 1968 قرر البطل إبراهيم الرفاعي تشكيل مجموعة صغيرة من الفدائيين للقيام ببعض العمليات الخاصة في سيناء، باسم فرع العمليات الخاصة التابعة للمخابرات الحربية والاستطلاع كمحاولة من القيادة لاستعادة القوات المسلحة ثقتها بنفسها والقضاء على إحساس العدو الإسرائيلي بالأمن، وصدق علي القرار مدير إدارة المخابرات الحربية اللواء محمد أحمد صادق ووقع اختياره على إبراهيم الرفاعي لقيادة هذه المجموعة، فبدأ على الفور في اختيار العناصر الصالحة.
كانت أولى عمليات هذه المجموعة نسف قطار للعدو عند «الشيخ زويد» ثم نسف «مخازن الذخيرة» التي تركتها قواتنا عند انسحابها من معارك 1967، وبعد هاتين العمليتين الناجحتين، وصل لإبراهيم خطاب شكر من وزير الحربية على المجهود الذي يبذله في قيادة المجموعة.
٥-مع الوقت كبرت المجموعة التي يقودها البطل وصار الانضمام إليها شرفا يسعى إليه الكثيرون من أبناء القوات المسلحة، وزادت العمليات الناجحة ووطئت أقدام جنود المجموعة الباسلة مناطق كثيرة داخل سيناء، فصار اختيار اسم لهذه المجموعة أمرا ضروريا، وبالفعل أُطلق على المجموعة اسم المجموعة 39 قتال، وذلك من يوم 25 يوليو 1969 واختار الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي شعار رأس النمر رمزا للمجموعة، وهو نفس الشعار الذي اتخذه الشهيد أحمد عبدالعزيز خلال معارك 1948.
6- وفى عام 1968 كان الرفاعي ومجموعته أصحاب الفضل في أسر أول ضابط إسرائيلي وهو الملازم، دانى شمعون، والعودة به إلى القاهرة دون إصابات.
وكانت المجموعة 39 قتال التي يقودها الرفاعي معروفة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد أذاقت العدو مرارة الهزيمة المصحوبة بالحسرة، في عدة اشتباكات، ووصفتهم الصحف الإسرائيلية في وقت ما قبل الحرب بـ«الشياطين المصريين».
وكانت المجموعة الوحيدة التي سمح لها الرئيس جمال عبدالناصر بكسر اتفاقية «روجرز» لوقف إطلاق النار، كما يذكر عنهم أيضا أنهم أول من ألفوا نشيد الفدائيين المعروف بين رجال القوات المسلحة.
7-في مطلع عام 1968 نشرت إسرائيل مجموعة من صواريخ أرض – أرض لإجهاض أي عملية عبور للقوات المصرية.. وعلي الرغم من أن إسرائيل كانت متشددة في إخفاء هذه الصواريخ بكل وسائل التمويه والخداع، إلا أن وحدات الاستطلاع كشفت العديد منها على طول خط المواجهة.
وقال الفريق أول عبدالمنعم رياض لإبراهيم الرفاعي «إسرائيل نشرت صواريخ في الضفة الشرقية.. عايزين منها صواريخ يا رفاعي بأي ثمن لمعرفة مدى تأثيرها على الأفراد والمعدات في حالة استخدامها ضد جنودنا».
عبر برجاله قناة السويس واستطاع أن يعود وليس بصاروخ واحد وإنما بثلاثة صواريخ، وأحدثت هذه العملية دويًا هائلًا في الأوساط المصرية والإسرائيلية على حد سواء حتى تم على إثرها عزل القائد الإسرائيلي المسئول عن قواعد الصواريخ.
8-صبيحة استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض طلب عبدالناصر القيام برد فعل سريع وقوي ومدوٍ؛ حتى لا تتأثر معنويات الجيش المصري باستشهاد قائده، فعبر الرفاعي القناة واحتل برجاله موقع المعدية 6، الذي أطلقت منه القذائف التي كانت سببا في استشهاد الفريق رياض، وأباد كل من كان في الموقع من الضباط والجنود البالغ عددهم 44 عنصرًا إسرائيليًا.
حتى إن إسرائيل من هول هذه العملية وضخامتها تقدمت باحتجاج إلى مجلس الأمن في 9 مارس 1969، يفيد بأن جنودهم تم قتلهم بوحشية.. ولم يكتف الرفاعي بذلك بل رفع العلم المصري على حطام المعدية 6، بعد تدميرها وكان هذا العلم يرفرف لأول مرة على القطاع المحتل منذ 67، ويبقى مرفوعا قرابة ثلاثة أشهر.
وتواصلت عملياتهم خلف خطوط العدو لتجبر العدو علي طلب هدنة فيما عرف بمبادرة روجرز، نجحوا خلال ٧٢ عملية في تكبيد العدو خسائر جعلته المطلوب الأول لدي إسرائيل.
9-وجاءت لحظة الثأر الأكبر كما أطلق عليها البطل وبدأت معركة السادس من أكتوبر المجيدة، ومع الضربة الجوية الأولى وصيحات الله أكبر، انطلقت كتيبة الصاعقة التي يقودها البطل في ثلاث طائرات هليكوبتر لتدمير آبار البترول في منطقة بلاعيم شرق القناة لحرمان العدو من الاستفادة منها وينجح الرجال في تنفيذ المهمة.
وتتوالى عمليات المجموعة الناجحة؛ ففي السابع من أكتوبر تُغير المجموعة على مواقع العدو الإسرائيلي بمنطقتي شرم الشيخ ورأس محمد، وفي السابع من أكتوبر تنجح المجموعة في الإغارة على مطار (الطور) وتدمير بعض الطائرات الرابضة به؛ مما أصاب القيادة الإسرائيلية بالارتباك من سرعة ودقة الضربات.
10- في 18 أكتوبر طلب الرئيس أنور السادات من إبراهيم الرفاعى أن يعبر القناة حتى يصل لمنطقة «الدفرسوار» التي وقعت فيها الثغرة ليدمر المعبر الذي أقامه العدو ليعبر منه إلى الغرب، وإلا فإن قوات العدو يمكن أن تتدفق عبر قناة السويس.
لم يخذل الرفاعي الرئيس السادات، واستطاع هو ومجموعته بالفعل تفجير المعبر ووقف الزحف الإسرائيلي إلى منطقة الدفرسوار. واستطاع الرفاعي أن ينهي المذابح التي ارتكبها الإسرائيليون في هذه المنطقة لدرجة أن أرييل شارون، الذي كان قائد المجموعة الإسرائيلية، أصيب وهرب من جحيم الرفاعي بطائرة هليكوبتر، ما دفع الجنرال، جونين، قائد الجبهة في ذلك الوقت إلى المطالبة بمحاكمته لفراره من المعركة، وبينما كان رجال المجموعة يخوضون قتالا في بحيرة فرعون مع مدرعات العدو الصهيوني سقطت قنبلة من إحدى مدفعيات الإسرائيليين بالقرب من موقع البطل العظيم لتصيبه ويسقط جريحا، وبرغم ذلك رفض أن ينقذه رجاله، وطلب منهم أن يستمروا في المعركة.
كان خبر إصابة البطل الجسور إبراهيم الرفاعي صادما للقوات التي تعاملت مع الخبر برغبة في الثأر ، وعندما علم السادات طلب سرعة نقل البطل إلى القاهرة، لكنه استشهد في يوم الجمعة 23 رمضان.
ويروي قيادات المجموعة، ويدعى البطل ابراهيم مصطفي الشهير بـ” الغضنفر”، وأبو الحسن والذي تواجد معه لحظات استشهاد الرفاعي، قائلًا: «كان الرفاعي عادة ما يرتدي حذاء ذا لون مختلف عن بقية المجموعة عندما رأى زملاؤنا حذاءه أبلغوا باللاسلكي أنه أصيب وسمعهم اليهود وعرفوا الخبر وكانت فرحتهم لا توصف حتى إنهم أطلقوا الهاونات الكاشفة احتفالا بالمناسبة وذهبنا به لمستشفى الجلاء وحضر الطبيب وكانت الدماء تملأ صدره وقال لنا (أدخلوا أبوكم) فأدخلناه غرفة العمليات ورفضنا أن نخرج فنهرنا الطبيب فطلبنا منه أن ننظر إليه قبل أن نخرج فقال: أمامكم دقيقة واحدة فدخلنا إليه وقبلته في جبهته وأخذت مسدسه ومفاتيحه ومحفظته ولم نستطع أن نتماسك لأننا علمنا أن الرفاعي استشهد وكان يوم جمعة يوم 23 رمضان وكان صائما، فقد كان رحمه الله يأمرنا بالإفطار ويرفض أن يفطر وقد تسلمنا جثته بعد ثلاثة أيام وفي حياتنا لم نر ميتا يظل جسمه دافئا بعد وفاته بثلاثة أيام وتنبعث منه رائحة المسك.. رحمه الله».