“التسطريب”.. عادة رمضانية تثير ضجة واسعة.. اعرف القصة
دعاء رحيل
قبل غروب الشمس وأذان المغرب بساعة أو نحوها في مدينة اجدابيا، تقف يومياً عشرات السيارات في شهر رمضان، ويتكدس المتفرجون من الشباب والأطفال حول ساحة موقف السيارات الإسفلتية أمام مقر جامعة اجدابيا الخارجي، يأتون خصيصاً للاستمتاع بمشاهدة “تمتيع” السيارات، وشمّ رائحة الإطارات المحترقة بفعل الاحتكاك بالإسفلت، وهو مسلسل مسائي يومي حيّ، يشاهدونه بانتظام فقط خلال الشهر المبارك.
“التشحيط” أو “التفحيص” أو “الهجولة” أو “التسطريب” أو “التمتيع”، هذه كلمات لا جذر لها في اللغة العربية، لكن شعوباً عربية تستخدمها للتعبير عن الحركات التي يتقصدها سائقو السيارات للانزلاق أثناء القيادة، حيث يتم تغيير الاتجاه باستعمال فرامل اليد “فرينّو مَاني” وعجلة القيادة “الدُّومان” أو “الاسْتِيرسُو”، وكل ذلك بهدف نيل الإعجاب و استعراض المهارات، بالرغم مما يكتنفه من خطورة.
نادٍ خاص
وفي هذا الصدد قالت أم نجوان أحد سكان ليبيا، إن السبب الرئيسي لممارسة هذه الهواية هو المخاطرة والمغامرة الجنونية، “وهذا وحده يجعلني مدمناً عليها”، منوهة أن قبل الشروع في حلقة “التمتيع” تُتخذ ترتيبات وتجهيزات أساسية، تتضمن استبدال إطارات السيارات بأخرى ملساء، واختبار المحرك ودواسات البنزين وفحص معدلات سوائل السيارة.
وأضافت يجب وجود قائد لتلك لمجموعة الهواة ضمن منطقته الجغرافية، وحلقة التمتيع باجدابيا يترأسها وينظم حلباتها خالد (25 عاماً) الذي أوضح أن هوايتهم هي قيادة سيارات BMWs خاصةً بهذه الطريقة، “نحن حريصون على سلامة الجميع” يؤكد خالد، ولكن ما يطلبونه أن يكون لديهم نادٍ خاص، ويردف أن “التمتيع” مثل الفروسية والألعاب الرياضية الأخرى.
وفي سياق متصل قال زكريا الدليمي (42 سنة) “هذا النشاط يمكن اعتباره رياضة، لكنه بحاجة للتنظيم وتخصيص ساحات وملاعب مجهزة خارج المدينة، وبعيدة عن العمران مع اتخاذ مواصفات تضمن سلامة السائقين والمتفرجين، ورغم أن كثيرين من عامة الناس يحبون مشاهدة التمتيع في شهر رمضان ولا يتذمرون من افتقار المكان للكراسي والتنظيم أو احتياجات السلامة الأساسية، إلا أن هذه الرياضة تثير موجة من الجدل في أوساط المتابعين، بين معجب مستمتع وساخط حانق، فالفريق الأول يعتبرها هواية ولعبة تستحق التأطير وصولاً إلى تنظيم البطولات والمنافسات المحلية والدولية وتكريم الأوائل.
كما نوه محمد سالم عضو هيئة التدريس بجامعة اجدابيا “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، فلو طلبنا من عاقل أن يحطم سيارته لينال استحسان الناس لما فعل”. متسائلا هل يستوي هذا الذي يتفادى وقوعها في مطب، مع من يتعمد تدميرها وخرابها؟ ويجيب على نفسه “لا يستويان مثلاً، فلو كان سباقاً في السباحة أو الرماية أو ركوب الخيل لكان خيراً لهم”، ويرفض وصف هذه الرياضة سوى بأنها “عادة سيئة”.