أميمة بنت رقيقة: صحابية صابرة في بيعة النساء والجهاد
في عصر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- برزت قصص العديد من النساء اللواتي كان لهن أثر كبير في حياتهن وما بعدها. تناول الكاتب والمترجم السوري أحمد خليل جمعة في كتابه “نساء في عصر النبوة”، الصادر عن دار ابن كثير، سير هؤلاء النساء وأدوارهن في نشر الدعوة الإسلامية وعلاقتهن بالنبي الكريم.
أميمة والنسب
تُعد أميمة بنت رقيقة من الصحابيات القرشيات اللواتي اشتهرن بنسبهن لأمهاتهن، إذ يُنسبها معظم المحدثين وكتّاب السير إلى أمها رقيقة بنت خويلد، وهي أخت السيدة خديجة، زوجة النبي ﷺ، مما يجعلها ابنة خالة السيدة فاطمة الزهراء. أما من جهة الأب، فهي ابنة عبد الله بن بجاد من بني تميم، القبيلة التي ينتمي إليها الصحابي الجليل أبو بكر الصديق. تزوجت من حبيب بن كعب الثقفي، وأنجبت منه.
أسلمت أميمة مبكرًا مع بدء الدعوة في مكة، وكانت من أوائل المؤمنات اللواتي تعرضن لأذى المشركين وصبرن عليه. فقد ذكر ابن سعد أنها كانت من الذين عُذبوا في سبيل الله، وظلت ثابتة حتى جاء النصر وأصبح المسلمون أعزة.
أميمة والبيعة المباركة
ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يمتحن المؤمنات المهاجرات بمقتضى الآية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ﴾. حضرت أميمة بيعة النساء وقالت: “أتيتُ رسول الله في نسوة نبايعه، فقلنا: نبايعك يا رسول الله على ألا نشرك بالله شيئًا…”. فوافق النبي على بيعتها بكلامه دون مصافحة، إذ لم يكن يصافح النساء.
أميمة والجهاد
كان لأميمة دور في الجهاد، فقد شاركت في معركة مؤتة كما أشار ابن عساكر في تاريخه. استمرت حياتها في المدينة حتى وفاة النبي ﷺ.
رُوي عن أميمة عدد من الأحاديث، أبرزها حديث البيعة، وقد نقل عنها ابنها محمد بن المنكدر وابنتها حكيمة.
عاشت أميمة حتى عصر الخلافة الأموية، وانتقلت إلى دمشق حيث أكرمها معاوية بن أبي سفيان، وبنى لها دارًا. ويُقال إنها زارته في مرض وفاته، وكانت ممن ودعوه بتأثر شديد. تابعت حياتها في دمشق حتى توفيت.
تجسد حياة أميمة مثالًا للمرأة المسلمة القوية، التي شاركت في صنع التاريخ وعاشت مخلصة لدينها وملتزمة بأخلاقها النبيلة.