سبب تسمية قبيلة قريش بهذا الإسم.. وهذه فروعها
أسماء صبحي
قبيلة قريش هي واحدة من أشهر القبائل العربية التي كان لها صيت وشهرة بين قبائل العرب زمن الجاهليّة وفي صَدْر الإسلام. وكانت تسكن مكّة المكرّمة وبلاد الحجاز العربيّ. وكان لقبيلة قريش شأن عظيم وعلا شأنها أكثر بعد أن ولد منها سيد البشريّة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- فبرزت شمسها أكثر. أمّا حضارة قريش وسيرتها فهي أشهر من الوصف وأغنى عن التعريف. بل إنّ قبائل العرب قاطبةً كانت ترجع إلى قريش لعظيم قدرها. حيث كان العرب كلّها تخطب وُدّ قريش وتحسب لها ألف حساب.
كانت قريش تشتهر بعدّة ميزات تجعل لها الصدارة في جميع المحافل. وأبرزها خدمة بيت الله الحرام والحُجّاج، وتجارتهم المشهورة التي كانت تنطلق من قريش صيفاً وشتاءً. كما ورد ذكر قريش في كتاب الله تعالى؛ بل إنّ فيه سورة تسمّت باسمهم. فما سبب تسمية قريش بذلك، وما هو سبب تفضيل قريش على غيرهم من القبائل؟.
معنى قريش
ورد في معنى قريش اللغويّ والاصطلاحيّ عدّة معانٍ، منها: أنّه يعني الشدّة أو الشيء الشديد. ومنه جاءت تسمية نوعٍ من أنواع الجبن لشدّة يباسته لذلك سمّي بقريش. أمّا قريش في المعنى المشهور لدى الناس: هي إحدى قبائل العرب الكبرى. وقد عاشت تلك القبيلة في أكناف بيت الله الحرام بمكّة المكرّمة.
اختصت قبيلة قريش عن باقي قبائل العرب بأنّها كانت تخدم الحجيج كما أنّها اشتهرت بالتجارة. حيث كانت تشتهر برحلتي الشتاء والصيف، الأولى إلى اليمن وكانت في الشتاء. والثانية إلى الشّام وكانت في الصيف، وتعود أصول تلك القبيلة إلى بني مضر. ومن تلك القبيلة نبي الله محمد بن عبد الله -صلّى الله عليه وسلّم-. والنسبة إلى قبيلة قريش تكون بإطلاق قرشي أو قريشي على الشخص. وفي كتاب الله سورة تسمى باسم قريش، ويأتي ترتيبها من حيث ترتيب سورالقرآن في الرقم: 106. وهي سورة مكيّة وعدد آياتها أربع آيات.
سبب تسمية قبيلة قريش بهذا الاسم
روى المؤرخون وأهل العلم عدّة روايات حول سبب تسمية قريش بذلك. فمنهم مَن يرى أنّ أصل التسمية يرجع إلى مكانة قريش وعظمتها. ومنهم من يرى أنّ ذلك يرجع إلى وظيفتها التي اشتهرت فيها؛ هي التجارة. وفيما يأتي بيان أقوال العلماء والمؤرخين حول سبب تسمية قريش بهذا الاسم:
- قال بعض أهل العلم إنّ سبب تسمية قريش بذلك يرجع إلى وظيفتها التي اشتهرت بها، أي التجارة. والإسم في أصله يرجع إلى القروش التي كانت رائجة حينها، فسمّيت قريش من التقرّش. والتقرّش يعني التكسّب والتجارة، وقد ذكر ذلك ابن هشام.
- روى ابن إسحاق -رحمه الله- في سبب تسمية قريش بذلك إنّه يرجع إلى تجمُّعها بعد أن كانت متفرّقة. وهو مأخوذ من التقرّش؛ أي التجمّع.
- ورد في رواية أخرى أنّ سبب تسمية قريش بهذا الاسم يرجع إلى سمك القرش. كنايةً عنه وذلك لقوّة قريش وعظمتها ومكانتها. وهي بذلك تتشبه بسمك القرش الذي يطغى على باقي الأسماك فيبتلعها. وقريش كذلك تبتلع باقي القبائل بسبب قوّتها.
- ورد في رواية من الروايات أنّه كان أحد أدلّاء بني كنانة اسمه قريش بن بدر بن يخلد بن النضر. وكان دليلاً لهم في التجارة، فإذا قدمت التجارة قال الناس: قدمت عير قريش. كنايةً عن العير التي ترافق ذلك الدليل، وقريش ذلك من بني عمرو بن الحارث. لذلك أُطلق على قريش ذلك الاسم.
نسب قبيلة قريش وفروعهم
تنقسم قبيلة قريش الى قسمين رئيسين، ويتفرّع عن كلّ قسم من هذين القسمين عائلات وجذور. أمّا بيان تلك الأقسام والجذور لقبيلة قريش فهو على النحو الآتي:
- قريش البِطاح: هم الذين ينزلون الشِّعب في بطون مكّة، وهم القبائل التي ترجع في نسبتها إلى كعب بن لؤي. وهم: بنو عبد مناف وبنو عبد الدار وبنو عبد العزّى وبنو زهرة وبنو مخزوم وبنو تيم وبنو جمح وبنو سهم. وهما ابني عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب.
- قريش الظّواهر: هم الذين ينزلون خارج الشعب، ولا ينزلون داخله، وهم قبائل بني عامر بن لؤي بن يخلد بن النضر. أمّا أنساب تلك القبائل فترجع إلى: الحارث ومالك وقد انتهى نسبهما. والحارث ومحارب ابنا فهر، وتيم الأدرم بن غالب بن فهر، وقيس بن فهر، وقد انتهى نسبه.
أمّا مَن جمع قريش بعد تفرّقها وجعلها قبيلة عظيمة الشأن عزيزة بين القبائل يهابها كلّ العرب. فهو: قصي أحد أجداد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وإليه ترجع قريش في النّسب. ويرجع الفضل لقصي في أنّه جمع كلمة قريش بعد فرقتها، ووحددها بعد شتات أمرها.
كانت قريش حينها تنتشر في أنحاء متفرّقة من شبه الجزيرة العربية. فقام قصي بالتواصل مع أحياء القبائل في تلك المواضع ممّن أطاعه من أصول قريش. ثمّ استعان بهم على حرب خزاعة التي كانت في تلك الفترة تنزل في مكّة المكرّمة وقاتلهم حتى أخرجهم منها، واجلائهم عن بيت الله الحرام. وجرى تسليم مفاتحه إلى قصي، وبعدها كان بينهم قتال كثير ودماء غزيرة. ثمّ جلسوا لعقد صلحٍ بينهم ولجأوا إلى التحكيم، فحكم لقصي بأنّه وقومه هم الأولى بالبيت من خزاعة. فتولّى البيت وجمع قصي قومه من منازلهم التي كانوا ينزلون فيها حتى قدموا إلى مكّة المكرّمة. وأصبح مَلِكاً على قومه ومَن في مكّة من غير قومه.