المقاتل سعيد خطاب.. “الثعلب” بطل كمين الطريق الأوسط خلال حرب أكتوبر 73
أسماء صبحي
المقاتل سعيد خطاب، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، الملقب بـ”الثعلب”. فهو بطل كمين الطريق الأوسط الحاصل على وسام نجمة سيناء. ففى عام 1966 التحق المجند سعيد محمود خطاب بالقوات المسلحة. وكان يظن أن خدمته لن تزيد على عامين على أقصى تقدير. ولم يدر بباله أنه سيظل لما يزيد على 9 سنوات فى خدمة الوطن. ليخرج بعد ذلك بطلاً حاصلاً على نجمة سيناء. تلك التي لا تمنح إلا لمن قام بأعمال بطولية خارقة في القتال المباشر مع العدو بمسرح العمليات. وترتب عليه إلحاق العديد من الخسائر الفادحة بالعدو.
ذكريات المقاتل سعيد خطاب
قال المقاتل سعيد خطاب، في ذكرياته من حرب الاستنزاف وحتى حصوله على نجمة سيناء: “لا أنسى يوم نكسة 1967. كنت أنا وزملائي نشعر بحالة من القهر والحزن، لم يتذوق واحد منا الطعام لما يزيد على اليومين. كنا نفكر كل يوم فى الثأر والانتقام لمن استشهد من زملائنا، وعودة سيناء المغتصبة. لكن كانت الأوامر من قياداتنا بالصبر، وأن الوقت لم يحن بعد”.
نتقلت إلى اللواء 112 مشاة، وهناك بدأ الاستعداد على قدم وساق لأمر مهم. كنا ننتظره منذ سنوات، لم يصرح به، لكننا كنا نعرفه ونتيقن من قربه. وفى يوم السادس من أكتوبر عام 1973، وفي تمام الثانية ظهرًا كنت على متن أحد القوارب المطاطية، التى عبرت إلى شرق قناة السويس إلى سيناء. وبحمد الله تعالى وببسالة جنود مصر البواسل استطعنا قهر خط بارليف وتدميره. وهو الخط الذى قالت إسرائيل عنه إنه لا يقهر، ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة. وهي الفرحة التى لا ينساها أحد شارك في حرب أكتوبر 73.
استطعنا الوصول إلى عمق 8 كيلومترات في سيناء. وكنت على الطريق الأوسط المجاور لتبة الشجرة، الذي استغله العدو للتخطيط لاغتيال الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، عقب هزيمة 1967. واستطاعت قوات الصاعقة والمشاة الاستيلاء على هذه التبة، وتدمير 6 دبابات إسرائيلية و4 مدرعات و6 سيارات جيب. وعدد كبير من أجهزة الاتصال والقيادة، التى كان يصل مداها لـ200 كيلومتر. والتي ساعدت قواتنا على فك شفرات العدو، وضرب عملية التواصل بينه وبين وحداته.
المقاتل سعيد خطاب ينفذ كمين الطريق الأوسط
في الساعة الثانية بعد منتصف ليلة السابع من أكتوبر، علمنا بقدوم دورية إسرائيلية، وقررت ألا أسمح لها بالمرور مهما بلغ الأمر. وأخبرت قائد الفصيلة بما أنتوى عمله، وفي البداية رفض خشية الخطورة وفشل المهمة. لكنني قلت له أنا أتحمل المسؤولية كاملة، وقمت بزرع الألغام المضادة للدبابات على شكل “رجل غراب” في جانبي الطريق ووسطه. ثم حفرت حفرة “برميلية” لأختبئ بها، ورفضت الابتعاد، حتى أرى دبابات العدو تنفجر، وتشتعل بها النيران. لذا أطلق على زملائى الثعلب، المخطط لكمين الطريق الأوسط.
اقتربت الدورية الإسرائيلية، وكانت عبارة عن دبابتين وعربة مجنزرة ناقلة أفراد. وبمجرد مرورهم من الكمين، الذى نصبته لهم، انفجرت الألغام. واشتعلت النيران فى الدبابتين والعربة المجنزرة، وأضىء ليل سيناء، واستطعنا قتل 18 جندياً إسرائيلياً وضابطاً، وأسر جندي. وأذكر أن الضابط الإسرائيلي قام بخطف سلاح أحد زملائنا، وأصابه به، فقمت بضربه “بدبشك” السلاح وقتلناه، ورفضنا أسره.
تم منحنى وسام نجمة سيناء من الطبقة الثانية. كنت أتمنى الشهادة في سبيل الله، وفي الحقيقة أن غيري من زملائى، الذين استشهدوا هم من يستحقون التكريم الحقيقي. فهم من عاشوا لنحيا نحن، وقدموا دماءهم فداء لمصر وترابها”.