ذكريات انتصار أكتوبر 73 على لسان مشايخ قبائل أرض الفيروز
الناس معادن.. والمصريون "دهب"
دعاء رحيل_أسماء صبحي
الشيخ سالم الهرش فضح إسرائيل على الهواء مباشرة.. وأبكى قادتها غيظًا فى مؤتمر الحسنة
زعيم سيناء الراحل قال لـ مائير: سيناء مصرية وستظل مصرية.. وباطن الأرض أكرم لنا من ظهرها إذا ما وافقنا على هذا المخطط الإسرائيلى
الشيخ حسن علي دمّر مركز القيادة الإسرائيلية بالعريش.. ونقل الصواريخ والأسلحة والمدد على الإبل من شرق القناة حتى عمق سيناء
الشيخ سليمان الزملوط: أبناء سيناء كانوا مثل الرادار يرصدون كل شىء للقوات المسلحة
تحمل أرض سيناء الطاهرة الكثير من الذكريات والبطولات التي حفرت في ذاكرة المصريين بشكلٍ عام، وأهالي سيناء على وجه التحديد، فلا يستطيع أحد أن ينكر الدور الذي قام به أهالي سيناء في دعم جيشهم المصري والوقوف في وجه العدوان الإسرائيلي منذ احتلال سيناء عام 1967 ومرورًا بحرب الاستنزاف وصولاً إلى نصر أكتوبر المجيد عام 1973.. ويستعرض التقرير التالي بعض بطولات أهالي سيناء على لسان مشايخ قبائل أرض الفيروز.
شيخ المجاهدين فى سيناء
ويأتي في مقدمة الشخصيات التي حاربت العدو الإسرائيلي منذ اللحظة الأولى لدخولها أرض الفيروز، الشيخ حسن علي خلف من قبيلة السواركة شيخ المجاهدين في سيناء، حيث أكد أنه شارك مع عدد كبير من شباب سيناء في تشكيل منظمة سيناء العربية والدفاع عن سيناء ضد الاحتلال عندما داهمها في عام 1967م، ونجح في ضم عدد كبير من شباب القبائل لخلايا المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف الشيخ حسن، أنه كان في الصف الثاني الثانوي عندما وقعت حرب يونيو 1967، قائلًا: “رأيت مآسي عديدة، رأينا قتل جنود الاحتلال لجنود جيشنا أثناء انسحابهم وهم عُزّل بدون سلاح، بدم بارد، تلك المشاهد حفرت في ذاكرتي ما حييت، ولن أنساها أبدا، فهزيمة 1967 أحيت مشاعر الثأر والكرامة لدى أبناء سيناء وحفزت النفوس من أجل الحرية، وسادت مشاعر الحمية العربية وروح الانتقام، وكنت واحدًا من مئات رفضوا الهزيمة وتقدموا للمخابرات الحربية في ذلك التوقيت لتقديم المساعدة للجيش المصري في حربه ضد العدو الصهيوني.
وتابع الشيخ حسن: “لم يكن لدينا أقمار اصطناعية خلال الحرب، ولكن كان لدينا العيون الصادقة لأبنائنا في سيناء، لقد جعلوا المواقع الإسرائيلية كتابًا مفتوحًا أمام القوات المسلحة، ولولا أبناء سيناء لما كانت حرب أكتوبر”.
وعن بطولاته خلال فترة الاحتلال؛ أشار الشيخ حسن إلى أنه قام بعدد كبير من العمليات ضد العدو الإسرائيلي وجميعها موثقة منها “ضرب مركز القيادة الإسرائيلية بالعريش، وضرب مستعمرات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق الشيخ زويد، التحرك وتنفيذ عمليات نوعية مترجلًا ومستخدمًا الإبل في التنقل ونقل الصواريخ والأسلحة والمدد من شرق القناة حتى عمق سيناء، تجميع وتجنيد عدد من الفدائيين من شباب القبائل وضمهم لخلايا المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، استخدام مهارات التنقل عبر الدروب الصحراوية والعيش لأيام طويلة في مناطق قاحلة انتظارًا لتنفيذ عمليات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية”.
واختتم الشيخ حسن حديثه قائلًا: “وقعتُ في قبضة الاحتلال الإسرائيلي في إحدى العمليات وحكم عليّ بالسجن 149 عامًا بتهمة قتل الأطفال والتنقل بين ضفتي قناة السويس دون تصريح، وقضيتُ عامين في سجون الاحتلال وخرجت في عملية تبادل أسرى عقب انتصار أكتوبر، وحصلت على نوط الامتياز من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات بعد عودتي من الأسر عام 1974”.
رئيس جمعية مجاهدى سيناء
ومن جهته؛ أكد الشيخ المجاهد عبد الله جهامة، شيخ مجاهدي سيناء ورئيس جمعية مجاهدي سيناء “من قبيلة الترابين”، أن بطولات أبناء سيناء يدخل الكثير منها في مصاف المعجزات الخارقة، ومنها بطولات قاموا بها من تلقاء أنفسهم، وهي كثيرة، ومنها ما قاموا بها بالتعاون مع ضباط المخابرات العسكرية منهم من استشهد ومنهم من سُجن بالسجون الإسرائيلية، قائلًا إن أهالي سيناء قاموا بالعديد من المبادرات التلقائية ومنها مساعدة أفراد القوات المسلحة العائدين والشاردين بعد حرب 5 يونيو 1967، حيث كان شيوخ سيناء يساعدون في إرشادهم وتوصيلهم إلى قناة السويس بعد إخفائهم عن أعين القوات الإسرائيلية.
ولفت جهامة، إلى مبادرة أهلية أخرى قام بها أهالي سيناء بتجميع البطاقات الشخصية والعائلية الفارغة من مبنى السجل المدني قبل وصول قوات الاحتلال الإسرائيلي إليها واستخدامها في تهويد أبناء سيناء، كما قام الأهالي بإخفاء الأختام وشعار الجمهورية وقاموا باستخراج بطاقات شخصية وعائلية لأفراد القوات المسلحة المصرية الذين اختفوا في منازلهم لإيهام السلطات الإسرائيلية أنهم من أبناء سيناء، مضيفًا أن الأهالي كان لهم دور بارز في مساعدة ودعم القوات المسلحة خلال حروبها مع إسرائيل على أرض سيناء، وإنهم ساهموا في نقل الأسلحة والذخيرة والمفرقعات إلى القوات المسلحة على ظهور الإبل.
وعن دوره خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي؛ قال جهامة إن الاحتلال الإسرائيلي بدأ وهو في مرحلة الشباب، فقرر أهالي سيناء تنظيم مجموعات لمحاربته، ورغم صغر سنّه إلا أنه تولى قيادة إحدى هذه المجموعات التي كانت مسؤولة عن تصوير المواقع العسكرية الإسرائيلية وجمع المعلومات تحت إشراف المخابرات العسكرية.
وتابع: “تمكنتُ بالفعل من تصوير عدد من المنشآت العسكرية الإسرائيلية ليس في سيناء فقط، ولكن في عمق إسرائيل نفسها، وإمداد القيادة في القاهرة بالمعلومات أولاً بأول عن طريق شفرات تدربت عليها وزملائي جيداً، وكان لهذه المجموعة وغيرها من المجموعات دور في تعرية الإسرائيليين وجعلهم كتاباً مفتوحاً للقيادة المصرية، الأمر الذي أدى إلى هزيمتهم في حرب أكتوبر هزيمة مريرة”.
وأشار شيخ المجاهدين إلى أن مهمة مجموعته لم تكن تصوير وجمع المعلومات فقط، بل نفذت عدداً من العمليات الناجحة ضد إسرائيل، منها نسف استراحة الطيارين الإسرائيليين بالعريش والتي قُتل فيها 11 طياراً، وامرأة، ولم تعترف تل أبيب بالعملية وقتها، لكنها أعلنت عنها فيما بعد.
وبعد تحرير سيناء، تم تكريم جهامة وزملائه المجاهدين من قِبل الرئيس الأسبق حسنى مبارك عام 1982، وتم منحهم نوط الامتياز من الطبقة الأولى تقديرا لدورهم البطولي.
الشيخ سليمان الزملوط
في السياق ذاته؛ أكد الشيخ سليمان الزملوط، من قبيلة البياضية بشمال سيناء وعضو مجلس الشيوخ، أن التفاعل بين أهالي سيناء والقوات المسلحة خلال فترة الحرب كان سريعًا جدًا، مشيرًا إلى أن أبناء سيناء كانوا مثل الرادار يرصدون كل شيء للقوات المسلحة، وخاصةً أن سيناء هي الباب الأول للدفاع عن مصر.
الشيخ سالم الهرش
وفي 31 أكتوبر 1968، وجه مشايخ قبائل سيناء صفعة للعدو الإسرائيلي، حينما جمعتهم إسرائيل عقب الاحتلال، لتعرض عليهم صفقة فحواها “إعلان دولة سيناء” أي فصل سيناء عن مصر وإعلانها دولة مستقلة، وفي إطار ذلك عمل الإسرائيليون على استمالة أهالي سيناء وتحريضهم على الاستقلال، حيث التقت وزيرة الخارجية وقتها جولدا مائير، ووزير الدفاع في إسرائيل آنذاك موشيه ديان، عددًا من مشايخ سيناء وأغدقوا عليهم الهدايا والأموال لإقناعهم بفكرة تحويلها إلى دولة مستقلة، وما كان من قبائل سيناء إلا أن أعلموا المخابرات المصرية بهذا المخطط، وطُلب منهم حينها مجاراة العدو.
وتم عقد “مؤتمر الحسنة”، وحشدت إسرائيل وقتها الصحف العالمية والكيانات الدولية كبعض أعضاء منظمة الأمم المتحدة، منتظرة لحظة إعلان دولة سيناء، ولكن فاجأهم شيخ المجاهدين الشيخ الراحل “سالم الهرش” من قبيلة “البياضية” متحدثًا بالنيابة عن مشايخ قبائل سيناء، قائلًا: “سيناء مصرية وستظل مصرية، وباطن الأرض أكرم لنا من ظهرها إذا ما وافقنا على هذا المخطط الإسرائيلي، وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل وأمر سيناء في يد مصر، سيناء مصرية مائة في المائة ولا نملك فيها شبرًا واحدًا يمكننا التفريط فيه”، ونظراً لموقفه الوطني قام الرئيس عبد الناصر بتكريمه عام 1968 وأهداه نوط الامتياز من الدرجة الأولى، وبعد انتهاء حرب أكتوبر عاد إلى سيناء وتوفي عام 1981.