القبائل في العصر الجاهلي.. نظامها الاجتماعي ومكوناتها
أسماء صبحي
كان النظام الاجتماعي بين القبائل في العصر الجاهلي قائماً على عادات وقيم القبيلة. فالقبيلة تقوم بتنظيم كل أمورها من كافة النواحي القانونية والاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى العلاقات العامة التي تحدّد علاقة القبيلة بالقبائل الأخرى.
تختلف القبائل فيما بينها من حيث العدد والعدّة في الوقت الذي توجد به قبائل كثيرة العدد وتمتلك من القوة الشيء الكثير. وتوجد قبائل قليلة العدد والعدّة وتكون هذه القبائل عرضةً للغزو بأية لحظة. لذلك كانت تلجأ الكثير من القبائل الصغيرة إلى عقد تحالفات مع قبيلة أقوى منها من أجل حماية حقوقها.
مكونات القبائل في العصر الجاهلي
تتألف القبيلة في العادة من عدّة طبقاتٍ تشكل الكيان العام للقبيلة، وهذه الفئات هي:
أبناء القبيلة
هم الجماعة التي تربطهم مع بعضهم رابطة الدم ورابطة النسب. وتعتبر هذه الفئة عماد القبيلة والجزء الأهم من قوتها. فهم فرسان القبيلة ولديهم جاهزيةَ عاليةَ للنهوض والدفاع عن حقوق القبيلة وأيّة حروب يقررها شيخ القبيلة.
العبيد
هم الأفراد أو الجماعة الذين يتمّ استقدامهم أو شراؤهم من البلاد الأجنبية أو المجاورة. ويكون الهدف من شرائهم هو خدمة أبناء القبيلة وبشكلٍ خاص زعماء القبيلة.
الموالي
هم الأفراد الذين تخلعهم قبائلهم فتطردهم من القبيلة ويرحلون عنها. فيستجير الشخص المخلوع بقبيلةٍ أخرى فتجيره هذه القبيلة وتسمح له بالانضمام إليها والإقامة في مناطقها وتتعهّد بحمايته.
الصلح والسلم بين القبائل في العصر الجاهلي
يرأس كل قبيلة زعيم يسمى “شيخ القبيلة“، وهذا الشيخ يمثل صفة الحاكم للقبيلة. يعاونه مجلس مصغر في إدارة شؤون القبيلة يتكوّن هذا المجلس من وجهاء القبيلة. يحرص هذا الشيخ ومعاونيه على نشر السلم والتعاون بين أبناء القبيلة. والمحافظة على علاقات طيبة مع القبائل المجاورة. ويشكل هذا الموضوع جزءاً من سمعة القبيلة وكرامتها.
في حال حدوث أي نزاعٍ داخل القبيلة يتحرّك الشيخ ومعاونيه في تطويق هذا الخلاف والحكم بين المتخاصمين. ويكون الحكم قطعياً يجب تنفيذه من قبل الطرفين.
أما في حالات الخصومات مع قبيلة أخرى تقوم القبيلة صاحبة الحق بالتقاضي أمام قاضٍ معروف لديهم. وتعرف عنه الحكمة والعدل وتعترف بعدالته كافة القبائل،فيستدعي هذا القاضي الشهود ويسمع أقوالهم في جلسة علنيّة لوجهاء القبيلتين المتخاصمتين. ويقدّم كل طرفٍ أدلته وحججه للتأكيد على حقهِ بهذه القضية. وفي نهاية الجلسة يصدر القاضي الحكم في القضية المطروحة فيسمعه جميع الحضور وعلى المتخاصمين القبول بهذا الحكم وتنفيذه. وقد تطول مدة المحاكمة حتى تستكمل القضية كافة أركانها.
تسعى زعامة القبيلة إلى تثبيت روح التعاون بين أفرادها. والمحافظة على تقوية اللحمة بينهم. ممّا يؤدّي إلى تعميق انتماء الشخص لقبيلته وافتخارة بالانتماء إليها حتى يصل إلى درجة التعصب لها ولقضاياها العامة. كما أنّ سمعة القبيلة تعتمد على علاقاتها الحسنة مع القبائل الأخرى. ويحرص شيخ القبيلة على حماية هذه السمعة والمحافظة عليها.
إلى جانب هذه الفضائل الحسنة للقبيلة. إلا أن حالات الثأر تأخذ حيزاً كبيراً في مجرى الأحداث في كثير من القضايا. وهناك أمثلة كثيرة على حروب استمرت لسنوات بسبب عادات الثأر.