لماذا مُنع الأنصار من زيارة المسجد الحرام؟
دعاء رحيل
لماذا منع الأنصار من زيارة مسجد الحرام هذا المسجد المبارك الموجود في مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، وهو أعظم المساجد في العالم لأنَّه قبلة المسلمين ولأنه المسجد الذي يذهب إليه المسلمون في كل عام لأداء مناسك الحج في المكة المكرمة.
من هم الأنصار
يعرف الأنصار على أنَه سكان مدينة يثرب التي أصبح اسمها المدينة المنورة بعد أن هاجر إليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن معه من المسلمين، وقم سُمِّي الأنصار بهذا الاسم لأنهم نصروا وأيَّدوا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وينتمي الأنصار إلى قبيلة الأوس وقبيلة الخزرج، وهما قبيلتان عربيتان معروفتان في شبه الجزيرة العربية، اشتهرت هاتان القبيلتان قبل الإسلام باقتتالهما الدائم التي مرَّت بأطوار كثيرة آخرها حرب يوم بعاث وهي حرب وقعت بين الطرفين قبل هجرة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى يثرب، ويُعدُّ الأنصار من أعظم من ساهم في نصرة الدين الإسلامي ونشره، حتَّى أنَّ الله -سبحانه وتعالى- ذكرهم في القرآن الكريم في قوله في سورة التوبة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[1] والله تعالى أعلم.
لماذا منع الأنصار من زيارة مسجد الحرام
لقد منع الأنصار من زيارة المسجد الحرام بسبب تصديقهم رسولَ الله وبسبب موقفهم مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما ناصروه وآمنوا معه بعد أن هاجر الرسول ومن معه من المسلمين إليهم نحو يثرب، فلمَّا هاجر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى يثرب استقبل الأنصار -وهم أهل يثرب- بحفاوة كبيرة، وآمنوا معه ونصروه حتَّى أسس رسول الله أركان الدولة الإسلامية في يثرب والتي كان الأنصار عنصرًا أساسيًا في بنائها، والله تعالى أعلم.
فضل الأنصار في الإسلام
إنَّ للأنصار في الإسلام فضلًا عظيمًا، يتجلَّى هذا الفضل في كثرة النصوص الشرعية -من قرآن كريم وسنة نبوية- التي ذكرت فضل هذه الفئة من المسلمين، ومن هذه النصوص ما يأتي:
قال تعالى في سورة التوبة: {لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}[3].
قال تعالى في سورة الحشر مثنيًا على الأنصار: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[4].
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّه قال: “لَمَّا كانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَنَائِمَ بيْنَ قُرَيْشٍ، فَغَضِبَتِ الأنْصَارُ، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أما تَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالدُّنْيَا، وتَذْهَبُونَ برَسولِ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – قالوا: بَلَى، قالَ: لو سَلَكَ النَّاسُ وادِيًا أوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصَارِ أوْ شِعْبَهُمْ”[5]
قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في الحديث: “خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فِيهِ، بمِلْحَفَةٍ قدْ عَصَّبَ بعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حتَّى جَلَسَ علَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ ويَقِلُّ الأنْصَارُ، حتَّى يَكونُوا في النَّاسِ بمَنْزِلَةِ المِلْحِ في الطَّعَامِ، فمَن ولِيَ مِنكُم شيئًا يَضُرُّ فيه قَوْمًا ويَنْفَعُ فيه آخَرِينَ، فَلْيَقْبَلْ مِن مُحْسِنِهِمْ ويَتَجَاوَزْ عن مُسِيئِهِمْ فَكانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”[6].
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، رَأَى صِبْيَانًا وَنِسَاءً مُقْبِلِينَ مِن عُرْسٍ، فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُمْثِلًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِن أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِن أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ يَعْنِي الأنْصَارَ”[7].