تاريخ ومزارات

من هو الصحابي الذي غسلته الملائكة وهو من بطون قبيلة الأوس؟

دعاء رحيل

يعد الصحابة الكرام هم خير البشر وأفضلهم بعد الأنبياء والرّسل عليهم السّلام. والصّحابة هم أتباع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّمّ- الّذين آمنوا به وصدّقوه، ورأوه ثم وافتهم المنيّة وهم على ملّة الإسلام. ولقد كرّم الله تعالى الصّحابة الكرام رضوان الله عليهم وفضّلهم على سائر البشر. وبيّن مكانتهم العظيمة والرّفيعة عنده تبارك وتعالى. وكذلك قد ذكر عظمها الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- في قوله: “خيرُ هذه الأُمَّةِ القَرنُ الذي بُعِثتُ فيه، ثم الذين يَلونَهم، ثم الذين يَلونَهم، ثم يَحلِفُ قَومٌ تَسبِقُ شهادتُهم أيمانَهم، وأيمانُهم شهادتَ

والصحابة الكرام هم الّذين جاهدوا وصبروا ودافعوا عن الرّسول وعن الدّعوة الإسلاميّة. وهم من أعانوا النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على دعوته لتوحيد الله تعالى وكذلك في تأسيس الدّولة الإسلاميّة، فكان لهم بصمتهم العظيمة في التّاريخ وآثارهم فيه. وإنّ الصحابة الكرام لهم الفضل في وصول علم النّبيّ كما هو دون تحريفٍ أو تزوير حتّى هذا اليوم لأنّهم حفظوه وسجّلوه ونقلوه صحيحاً دون زيادة أو نقصان. ووعد الله تعالى الصّحابة رضوان الله عليهم بالأجر العظيم والثّواب الجزيل في الآخرة. وكذلك قد أعدّ لهم جنان الخلد مع رسول الله -عليه أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم- والله أعلم.

الصحابي حنظلة بن أبي عامر

إنّ الصحابي الذي غسلته الملائكة هو الصّحابيّ الجليل حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه وأرضاه. وإنّه حنظلة بن أبي عامر بن صيفي بن مالك بن أمية بن ضبيعة بن زيد بن عوف عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسيّ. لقّب بغسيل الملائكة بعد أن استشهد في غزوة أحد، وقد كان فخراً لقبيلة الأوس. فغسيل الملائكة له كان تشريفاً وكرامةً من الله -سبحانه وتعالى- لشهادته وقتاله دفاعاً عن الرّسول وعن الإسلام والمسلمين. فجعلت الأوس تتباهى به أمام قبيلة الخزرج وذكرت عدّةً من الصّحابة الّذين لهم العديد من المناقب. وردّت عليه الأخرى بمثل ذلك بذكر الصّحابة والشّهداء وقد ولد حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه في المدينة المنوّرة قبل الإسلام وعاش فيها. فكان من أنصار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ثمّ استشهد فيها قرب جبل أحد.

ووراء لقبه بغسيل الملائكة قصّةٌ عجيبة فمن المعروف أنّ الشّهيد لا يغسل بل يدفن بدمائه. وقد شهد الصّحابة -رضوان الله عليهم- حسن إسلام حنظلة. فقد قاتل ضدّ أبيه المشرك في غزوة أحد العظيمة، كما في حياته توجد الكثير من البصمات النّبويّة، وكذلك في تربيته. ونال خلال جهاده في سبيل الله تعالى الشّهادة والمنزلة العالية عند الله -سبحانه وتعالى- وفي قصّته بيانٌ لمكانة الشّهداء ومنازلهم الّتي يؤتيهم إيّاها الله، والكرامات والمناقب الّتي تبقي ذكرهم قائماً على مدى العصور والأيّام. قال تعالى في محكم تنزيله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.[4] فلهم بشهادتهم الخير والأجر العظيم والله أعلم.

سبب تسمية حنظلة بن أبي عامر بغسيل الملائكة

من المعروف أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد نهى الصّحابة رضوان الله عليهم أن يغسلوا الشّهداء قبل دفنهم، بل يجب أن يدفنوا بدمهم فيكون كفناً لهم، فلماذا غسلت الملائكة الصّحابي حنظلة بن أبي عامر عند استشهاده؟ وإجابة هذا السّؤال قد كانت على لسان زوجته، فقد تزوّج الصّحابيّ حنظلة رضي الله عنه جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول، فدخل عليها في اللّيلة الّتي سبقت يوم أحد، وقد أشهدت أربعة رجالٍ على ذلك.

وفي صباح اليوم التّالي قد نادى المنادي للجهاد، فلبّى حنظلة -رضي الله عنه -النداء لكنّه قد خرج من بيته وهو جنبٌ، وانضمّ لصفوف جيش المسلمين فاستشهد وهو جنب، فارسل الله تعالى الملائكة تغسله من الجنابة تكريماً له وتشريفا ًلمكانته العظيمة بين الشّهداء، ولمّا رآه رسول الله بين الشّهداء الّذين كانوا في غزوة أحدٍ، وقد كان يقطر من رأسه الماء، قال عليه الصّلاة والسّلام: “إنَّ صاحبَكُم تُغسِّلُهُ الملائِكَةُ فاسأَلوا صاحبتَهُ ، فقالَت خرجَ وَهوَ جُنُبٌ لمَّا سمعَ الهائعةَ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لذلِكَ غسَّلتُهُ الملائِكَةُ”.

وقد ذكر علماء الأمّة الإسلاميّة أنّ غسيل الملائكة للشّهيد حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه، لا تنافي أو تعارض ما أمر به رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- من دفن الشّهداء دون غسل أو كفن، فهذا الحكم ينطبق فقط على من هم من بني آدم عليه السّلام، أمّا الملائكة فلا ينطبق عليهم هذا الحكم فهو غير مخصّص ٍلهم، بل غسل حنظلة أمرٌ من عند الله تعالى وهو تكريم للشّهيد حنظلة رضي الله عنه.

وفاة حنظلة بن أبي عامر

بعد أن لبّى الصّحابي ّالجليل حنظلة بن أبي عامرٍ نداء الجهاد في سبيل الله، ووقف بين صفوف المسلمين ليقاتل معهم المشركين والكفرة، والدّفاع عن الإسلام والمسلمين، وبدأ القتال عند جبل أحد، حيث روي أنّ حنظلة قد حارب أبو سفيان بن الحارث فقتله، ثمّ اعتلاه شدّادّ بن الأسود اللّيثيّ، فطعنه بالسّيف فقتله، وبهذا المشهد قد استشهد حنظلة رضي الله عنه، وقد قالت زوجته جميلة رضي الله عنها بأنّها قد رأت السّماء قد انفتحت ودخل بها حنظلة، ثمّ عادت وأطبقت عليه فعلمت بأنّه قد استشهد.

وعندما رآه رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- مع الشّهداء الآخرين الّذين كانوا أحباب رسول الله وأقربهم إليه. كعمّه حمزة بن عبد المطّلب. وكذلك مصعب بن عمير سفير الإسلام. وأيضاً سعد بن الرّبيع وغيرهم الكثير رضي الله عنهم وأرضاهم. أمر أصحابه بأن يدفنوهم دون غسلهم ودون الصّلاة عليهم. وأشهد أصحابه بأنّه سيكون شهيداً عليهم يوم القيامة. بإذن الله تعالى، والله أعلم.

من هو الصحابي الذي غسلته الملائكة مقالٌ فيه تمّت الإشارة إلى أنّ غسيل الملائكة هو حنظلة بن أبي عامر الّذي حارب أباه والتحق بالإسلام والمسلمين، ودافع بجسده وروحه عنهم ضدّ المشركين حتّى لفظ آخر أنفاسه، وقد أخبر رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- بأنّ الملائكة قد غسلته بأمر الله تعالى، تكريماً وتشريفاً لشهادته ومكانته الرّفيعة عند الله تعالى. و كذلك قد ذكر المقال نبذاتٌ من سيرته. كما ذكر كيفيّة استشهاده في غزوة أحد مع الكثير من الصحابة الآخرين رضي الله تعالى عنهم وارضاهم أجمعين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى