تاريخ ومزارات

«مرضعة قلاوون».. «الست مِسكة» المرأة الوحيدة التي دخلت السجن باختيارها

أميرة جادو

“الست مسكة”، هي واحدة خدمات السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون، وأشرفت على شئون الحريم السلطاني وتربية أولاد السلطان.

يرجع أصولها إلى المغول، وقد جاءت مصر مع أسرة الأميرة المغولية “اشلون خوندا” التي لجأت إلى مصر فرارًا من غضب سلطان المغول، وكانت فتاة جميلة للغاية بل فائقة الحسن والجمال وكان اسمها “جلشانة” وتعني “مثل الورد” بالفارسية، ولذلك عرفت فيما بعد باسم الست مسكة.

سبب تسميتها

أطلق عليها القرشانة أو مرضعة قلاوون، هو الاسم الذي يطلق على أي امرأة عجوز، ولا يزال هذا اللفظ يستخدم كنوع من السخرية، لكن الكثيرين لا يعرفون أن وراء لقب “مرضعة قلاوون” حكاية لأمرة عظيمة.. كانت في زمانها امرأة ذات أهمية كبيرة في قصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون.. ووصلت لرتبة الكهرمانة أو مديرة الجواري، وكانت تعرف بالورع حتى إنها كانت تعطر أموال الزكاة والصدقات بالمسك.. حتى أطلق عليها المصريون اسم «الست مسكة».

وبحسب ما ذكره “المقريزي” عنها، فأن قصة “ست مسكة”.. تبدأ في عهد السلطان منصور بن قلاوون، عندما أتت إلى مصر مع عائلة الأميرة المغولية أشلون خوندا، وهي زوجة السلطان قلاوون الثانية، التي جاءت  إلى مصر مع والدها هربًا من غضب السلطان المغولي.. وعندما تزوج السلطان قلاوون بالأميرة المغولية، أعطى “جلشانة” مهمة رعاية ابنه الناصر قلاوون، فأحاطته برعايتها الخاصة وسهرت على راحته.

حكاية مسكة مع السلطان حسن                           

تولي السلطان حسن بن محمد بن قلاوون الحكم وهو صبي في سن الثالثة عشر عامًا. بعدما قتل أخوه المظفر حاجي علي يد المماليك وتم تنصيبه بمبايعة منهم.. شكل الأمراء مجلس وصاية يتولى شئون الدولة حتى يبلغ السلطان حسن سن الرشد، والنتيجة كانت ظهور الفساد وانتشار الرشوة وفرض الاتاوات وقطع الطريق.

وعندما بلغ السلطان حسن سن الرشد ستة عشر عاما، بدأ في إدارة شئون البلاد بنفسه، وكان أول قرار له هو القبض على بعض الامراء وأرسلهم إلى السجن بالإسكندرية. فأخذ بقية أمراء المماليك وكبراهم يتحسبون منه ويتوقعون أن تدور عليهم الدائرة.

فتآمر عليه المماليك، وأعلنوا تمردهم وعصيانهم للسلطان، وذلك بعدما علموا بالمكيدة التي كان يدبرها لهم.. ودخلوا عليه في القلعة بين حريمه، فصرخت النساء صراخًا عظيمًا وصاحت “الست مسكه” في وجه الأمير صرغمتش المكلف وسبته وشتمته وقالت له في استنكار (( هل هذا جزاؤه منك ؟)).. لكن صرغمتش أخذ السلطان وغطى وجهه وخرج به.

وجاء موقف “الست مسكة” مفاجئ للجميع، حيث أصرت على ملازمته وأن تبقى في خدمته في أي مكان يوضع فيه،  وسمحوا لها بذلك.. فكانت المرأة الوحيدة التي دخلت السجن باختيارها لتكون الى جانب السلطان حسن طوال فترة اعتقاله لتقوم على خدمته.. ثم عاشت الست مسكة في السجن مع السلطان حسن إلى أن ماتت وبقى السلطان وحده في السجن وخرج بعده.

مسجد الست مسكة

جمعت “مسكة” ثروة ضخمة ووهبتها كلها للأعمال الخيرية.. وعندما طلبت من السلطان أن يمنحها أرضاً تستصلحها بالقرب من مقام السيدة زينب كان المسجد هو أول ما أمرت بإنشائه في تلك المنطقة.. فشجعت الناس على تعميرها وتحول مسجدها.. فيما بعد لمدرسة لتدريس العلوم الفقهية على المذاهب الأربعة كما يبدو من صحن الجامع.. ويقع في شارع سوق مسكة المتفرع من شارع الناصرية بـ السيدة زينب بحي القاهرة.

وبمجرد دخولك مسجد الست مسكة الواقع بشارع سوق مسكة المتفرع من شارع الناصرية في حي السيدة زينب بالقاهرة.. ستقابلك هذه الكلمات «أمرت بإنشاء هذا الجامع المبارك الفقيرة إلى الله الحاجة.. إلى بيت الله الزائرة قبر رسول الله عليه الصَّلاة والسَّلام.. الستر الرفيع حدق المعروفة بست مسكة الناصرية في شهور سنة 740».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى