تاريخ ومزارات

قبل 1600 عام.. ماهي الأشهر الحرم عند العرب وكيف تعرفوا عليها قبل دخول الإسلام؟

دعاء رحيل
يوجد لدى المسلمين أربعة أشهر هجرية “حُرم”، ثلاثة متتالية “ذو القعدة وذو الحجة ومحرم”، ويأتي منفصلاً شهر “رجب” هي الأشهر الحرم التي تتوقف فيها العرب عن القتال في فترات ما قبل الإسلام، إلا دفاعاً عن النفس والأرض.
 
كما لفتت كتب السير والتاريخ إلى أن بداية الأشهر ذو القعدة، وهو المسير نحو البيت، حيث يحط السلاح ولا يكاد يسمع له صوت، فلا سليل سيوف ولا صوت خيل ولا عدو راجلين في تلك الأشهر.
 
وتعود هذه العادة عند العرب إلى سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، حين رفع القواعد للبيت العتيق، وأذن في الناس بالحج، لتنتقل لأكثر من أربعة آلاف عام، وسارت عليها العرب حتى ظهور الإسلام في مكة.
 
وبعد ذلك جاء القرآن الكريم مصدقاً لهذه الأشهر الحرم بقوله: “إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم”.
 

سبب تسمية ذو القعدة

ترجع تسمية الشهور الأربعة الحرم عند العرب قديماً، تبدأ بشهر ذي القعدة، لأن العرب تقعد فيه عن القتال على اعتباره من الأشهر الحرم، ويأتي بعده ذو الحجة لأن العرب عرفت الحج في هذا الشهر، فيما يأتي رجب لأن العرب كانوا يعظمونه بتركهم القتال فيه.
 
ولم يكن العرب يمتنعون عن الصيد في تلك الأشهر، إلا أنه في الإسلام منع الصيد في مدينتين في المدينة المنورة ومكة المكرمة وقت الإحرام بحج أو عمرة.
 
كما يعرف أحد أهم أسباب الأشهر الحرم عند العرب، هو تمكين الحجاج والتجار على حد سواء من الوصول بأمان لمواقع الحج والتجارة، والتي تكون قرب مكة في سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز، ليأمن العرب على تجارتهم فيها.
 
 

الإسلام والأشهر الحرم

وعند قدوم الدين الإسلامي، أكد هذه العادة عند العرب، وتستمر الأشهر الحرم كما سماها رسول الإسلام والقرآن الكريم، حيث أصبحت كما هي قبل الإسلام لتمتد بعده.
 
وحرم الإسلام النسيء، وهو نقل شهر إلى شهر آخر، حيث تساهلت العرب في أن يعلن نسيء شهر محرم ليحل محل شهر من الحل.
 
وسُجِّل في الأشهر الحرم قتال في الإسلام، كما في بعض المعارك التي تستمر أشهرا طويلة، وحصار لمواقع ورد للظلم والعدوان ذكرتها كثير من كتب السير.
 
 

قصة النسيء

يعتبر النسيء واحدا من محاولات خرق الأشهر الحرم في الجاهلية، ونقل شهر بدل شهر آخر، كما تذكر ذلك كتب التاريخ، فأول من نسأ الشهور هو جنادة الكناني، وكان يقف عند جمرة العقبة، ويقول: اللهم إني ناسئ الشهور وواضعها مواضع لا أعاب ولا أحاب، ويقول: اللهم إني أحللت أحد الصفرين وحرمت صفر المؤخر.
 
كما يعرف النسيء عند العرب أنه تطول عليها المدة، فيقعدون ذي القعدة ويحجون ذي الحجة، وإذا رجعوا في بداية شهر محرم حللوا القتال فيه، وأخروا حرمة الشهر لصفر، كما تذكر بعض المراجع التاريخية.
 
ومن النسيء ينقل الشهر للعام القادم، حيث يحلل محرم ويعوض مكانه صفر من العام المقبل، وهذا ما حرمه الإسلام، كما في قوله تعالى: “إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ”.
 
وفي ذها الصدد قال المفسر البغوي في تفسيره أن النسيء استمر فيه العرب 40 عاماً، وربما يحجون في أشهر مختلفة، فحجوا في ذي الحجة عامين وفي محرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، حتى جاء الإسلام وحج الرسول في سنة 9 للهجرة في الشهر الذي شرع في الحج، وخطب خطبته الشهيرة في حجة الوداع وبين المواقيت والنسيء في تلك الحجة.
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى