تاريخ ومزارات

قصر “أنطونيادس” هدية البارون اليوناني.. قطعة من باريس في الإسكندرية

أميرة جادو

تضم أرض مصر العديد من الأبنية التي تعكس العراقة والتاريخ، وشكّلت متحفًا مفتوحًا يمكن من خلاله التعرف على الأساليب الفنية المختلفة والطراز المعماري الفني لهذه الحقبة الزمنية.

ووفقًا لما ذكر في كتاب قصور مصر، للكاتبة سهير عبدالحميد، تعتبر قصور مصر تاريخ لا يزال حيا لأنها ليست مجرد أمكنة وجدران وشوارع إنما هي سجل يخلد أسماء وشخوصا وأحداثا رمز لنمط عمارة ساد وظروف عصر خلا وثقافة مجتمع تقلبت عليها السنون وظلت تحمل شيئا من توقيعه لا يزال محفوراً في ومضة هنا وأخرى هناك.

حكاية قصر أنطونيادس

اليوم، نذهب إلى مدينة الإسكندرية، وتحديدا إلى المدخل الجنوبي لها، حيث يوجد قصر أنطونيادس وحديقته المحاطة بحدائق النزهة والزهور وحديقة الحيوان والحدائق النباتية، وهي جميعا جزء من حديقة النزهة الكبرى، التي يعود تاريخها إلى عهد البطالمة 300 ق.م، وكانت تقع ضمن ضاحية إيلوزيس (أي جنات النعيم)، التي كانت قبلة أهل المدينة للمتعة والترفيه، وفي وقت لاحق قسمت الحديقة إلى قطاعات.

وبعد حفر ترعة المحمودية في عهد محمد علي عام 1802، ازداد الاهتمام بهذه الحدائق التي كان يمتلكها أحد أثرياء اليونان، ويدعى “باستيريه”، فقرر الوالي حينها شرائها، وأقام لنفسه استراحة بها.

في عهد إسماعيل، ازداد الاهتمام بالمنطقة، وقام الفنان الفرنسي بول ريتشارد بتشييد العديد من الحدائق بناءً على نموذج لـ “حدائق فرساي”، واشترى الخديوي الأجزاء التي كان يمتلكها أحد التجار من مرسيليا وقنصل النمسا وروسيا.

من هو البارون اليوناني؟

وفي عام 1860، خلال عهد إسماعيل، تم نقل ملكية الحدائق إلى البارون اليوناني أنطونيادس، وهو من مواليد الإسكندرية، وكان من أعمدة الاقتصاد بها، خصوصا تجارة القطن، وكما فكر الرسام الفرنسي في حدائق فرساي، قرر البارون أيضا أن يشيد قصرا وسط هذه الحدائق يحاكي طراز قصر فرساي في باريس، وأضاف إليه بعض الجوانب من طرز معمارية أخرى، مثل الفارسي والإيطالي واليوناني.

وفي عام 1917، بعد وفاة أنطونيادس، تم نقل ملكية القصر إلى ابنته، التي نفذت وصية والدها وتبرعت بالقصر للحكومة المصرية، وانتقلت الملكية من وزارة الزراعة والري إلى المحافظة، ثم في نهاية المطاف عام 2004 أصبح تابعا لمكتبة الإسكندرية؛ لأهميته التاريخية، ففيه عُقِد الاجتماع التحضري لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1944 بحضور الملك فاروق، وفيه قضى شاه إيران وعروسه الأميرة فوزية أيام زواجهما الأولى.

تصميم القصر

وفي حديقة المشاهير التي يشرف عليها القصر، يوجد تماثيل نادرة لشخصيات عالمية، مثل (كرستوفر كولومبس، وماجلان، وفاسكو ديجاما)، وتماثيل لأساطير إغريقية مثل (آلهة الجمال فينوس، وإله الشعر إراتو).

والجدير بالذكر، تم بناء قصر فرساي، في عهد الملك لويس الرابع عشر، ويحتوي على 700 غرفة وحدائق واسعة وديكور فخم، وتم تنفيذه على الطراز الباروكي الفرنسي، الذي يتميز بأشكاله المنحنية الكبيرة، والأعمدة الملتوية، والقباب العالية، والأشكال المعقدة، ونفذه المهندس المعماري لويس لوفو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى