عادات و تقاليد

«العيدية» ومواكب «الوالي».. العيد في مصر زمان.. دنيا ليها طعم جميل

أميرة جادو

اختلفت مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك في مصر خلال العصور الوسطى والحديثة، إذ كان احتفال المصريين بالعيد يبدأ بالصلاة وزيارة الأهل والتجول في المتنزهات، يعقبها خروج الوالي في مواكب يجوب بها البلاد، ويوزع الحلوى على الفقراء، إلا أن إيقاع الحياة السريع حول زيارات الأهل والأقارب إلى رسائل على التليفون المحمول، واختفى أغلب مظاهر الاحتفال بالمناسبة.

وبدأت ظاهر الأحتفال بالعيد منذ الدولة الفاطمية، وحاول صلاح الدين الأيوبي إلغاءها لكنه فشل في إبعاد المظاهر الفاطمية من الدولة المصرية، التي أراد لها الخصوصية في احتفالاتها، ليأتي الزمن ويحقق ما عجز عنه صلاح الدين الأيوبي، ويحول احتفال المصريين بالعيد إلى «عادة» سنوية يكتفى الأهل فيها بالجلوس في المنزل، ويترك الشارع للأطفال.

«بعد العيد مافيش كعك»

هو أحد الأمثال الشعبية الشهيرة والمرتبطة بمباهج وفرحة عيد الفطر، ويقصد به أن العيد بدون كعك لا يكون عيداً، والذى ارتبط مع نهايات شهر رمضان حتى أقل أيام العيد ليكون من التراث والفلكلور الشعبي، ويعبر كعك العيد عن حال الأسرة المصرية، حيث يصبح مشهد صاجات وصواني الكعك والبسكويت وهى تجوب الشوارع نهاراً وليلاً أمراً حتمياً ومظهراً خصباً لرسامي الكاريكاتير والفكاهة.

ويشير المؤرخون إلى أن مصر كان بها أكثر من 53 نوعاً من الحلويات في العصور الوسطى، ويقال إن الفراعنة هم أول من عرف «الكعك»، حيث كان الخبازون في البلاط الفرعوني يحسنون صنعه بأشكال مختلفة مثل «اللولبي» و«المخروطى» والمستطيل والمستدير، وكانوا يصنعونه بالعسل الأبيض حتى وصلت أشكاله إلى 100 شكل نقشت بأشكال متعددة على مقبرة الوزير «خميرع» في الأسرة الثامنة عشرة بطيبة.

احتفالات العيد في الدولة الفاطمية

مازالت اثار طقوس الاحتفالات بالعيد في عهد الدولة الفاطمية موجودة في مصر وبلاد الشام، وقد سبقت الدولة الإخشيدية الدولة الفاطمية في العناية بكعك العيد، حتى إن أحد الوزراء الإخشيديين أقر بعمل كعك قام بحشوه بالدنانير الذهبية، وأطلق عليه «أنطن له»، وتم تحريف الاسم إلى «أنطونلة» وتعد أشهر كعكة ظهرت في عهد الدولة الإخشيدية، ووصل اهتمام الفاطميين بالكعك إلى الحد الذى جعلهم يقيمون ديواناً حكومياً خاصاً عرف بـ«دار الفطرة»، كان يختص بتجهيز الكميات، يبدأ من شهر رجب وحتى منتصف رمضان استعداداً للاحتفال الكبير الذى يحضره الخليفة، وكانت ترصد لهذه الكمية ميزانية تصل إلى 16 ألف دينار ذهبي (زنة الواحد 4.25 جرام) وكانت مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 متراً، وتحمل 60 صنفاً من الكعك و«الغريبة».

«العيدية».. من «مليم» السلطان حسين إلى «قرش» الملك فاروق

تمسك المصريين بالعديد من المظاهر المهمة للاحتفال بالعيد، منها الصلاة في الخلاء والتنزه في الأماكن العامة والحدائق وتناول الكعك والحلويات، فإنه يظل مرتبطاً لدى المصريين- وتحديداً الأطفال- بـ«العيدية» والتي بدأت من ملاليم السلطان حسين كامل، والملك فؤاد الأول والملك فاروق الأول، ومنها ايضا العملات المخرومة فئة 1 مليم أو مليمين خمسة أو عشرة مليمات مثقوبة سنة 1916، وسنة 1917 أو النكلة 2 مليم أو الربعة ونصف مليم، وتحمل صورة الملك فؤاد بالزي العسكري «التشريفة» والبرونزة نصف مليم للسلطان حسين كامل والملك فؤاد والملك فاروق.

ومن بعدها  جاءت العملات الفضية مثل القرشين والخمسة قروش والريال، ثم العملات النحاسية فئة المليم النحاس والخمسة والعشرة مليمات تحمل رأس أبوالهول والعملات الألومنيوم والنحاس التي تحمل صورة النسر أو صقر قريش، وكانت العيدية التي تحمل 5 قروش من أعلى المبالغ التي يمكن أن يتحصل عليها الطفل كعيدية في العيد.

وتعتبر العيدية من أهم مظاهر الاحتفال عند الأطفال ومفتاحهم للتنزه والفرحة، حيث يتسابق الأطفال في شراء الحلويات والبالونات لتصبح «العيدية» إحدى السمات الأساسية للاحتفال بالعيد.

فرحة «العثمانيين».. مدافع القلعة تنطلق «5 مرات».. والصلاة في «جامع الناصر»

يعتبر عيد الفطر من أشهر الاحتفالات الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، إلا أن كل دولة تحتفظ بمجموعة من العادات والمظاهر التي تميز احتفالها، فالثابت منها أنهم اعتادوا ارتداء أزهى الملابس ويبدأون يومهم بصلاة العيد ويمارسون شعائرهم وبعدها ينطلق صوت «أم كلثوم» عبر المذياع بأغنية «ياليلة العيد آنستينا، وجددتي الأمل فينا ياليلة العيد».

وفي أيام الدولة العثمانية، احتفل المصريون بعيد الفطر عقب صلاة الفجر لأول أيام العيد، حيث يصعد أمراء الدولة والقضاة في موكب إلى القلعة ويتوجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون، داخل القلعة لأداء صلاة العيد ثم يصطفون لتهنئة الباشا، «والى البلاد».

 

وفى اليوم التالي، كان «الباشا» ينزل للاحتفال بالعيد في «الجوسق» (لفظ يطلق على قمم المنشآت) المعد له بالميدان الرئيسي حيث يتم فرشه بأفخر الوسائد، ويهنئ الأمراء والصناجيق (كبار رجال المماليك) و«الاختيارية» وهم كبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى