“أذون.. أذون”.. أبرز عادات رمضان المبارك في سلطنة عمان

تزخر سلطنة عمان بعادات رمضانية متميزة تعكس روح التكافل وتعزز الروابط الاجتماعية، حيث تختلف هذه العادات بين المحافظات لكنها جميعًا تسهم في نشر المودة والتراحم، ورغم أن بعضها اندثر مع الزمن إلا أن العديد منها لا يزال حاضرًا حتى اليوم، مثل تقاليد “أذون.. أذون” و”ثواب” في محافظة جنوب الشرقية، فيما يردد المصلون في المحافظات الشمالية بعد صلاة التراويح دعاء “الوداع الوداع يا رمضان” مع اقتراب نهاية الشهر الفضيل، ويستذكر أهالي ولاية المصنعة المسحر الذي كان يجوب الأحياء لإيقاظ الصائمين قبل أن تتلاشى هذه العادة قبل نحو عشرة أعوام.
“ثواب”.. عادة تعكس الكرم والتكافل
تشهد ولاية صور عادة رمضانية متأصلة تُعرف باسم “ثواب”، حيث تقوم الأسر بتوزيع جزء من طعام العشاء على الجيران والأقارب منذ اليوم الأول من رمضان، فيتولى الأبناء نقل الصحون المليئة بما أعدته العائلة إلى منازل الأرحام والجيران، مع تركيز خاص على الأسر المحتاجة، وتتميز هذه العادة بأن حتى الأسر الفقيرة تشارك رغم بساطة إمكانياتها، ويحرص الأثرياء على تناول ما يُقدم إليهم قبل أي طعام آخر تقديرًا للمبادرة، كما تمتد هذه العادة إلى المساجد لتوفير وجبات الإفطار للمسافرين والفقراء وكل من يوجد في المسجد بغض النظر عن وضعه الاجتماعي، وتهدف “ثواب” إلى تعزيز قيم العطاء والتكافل وتعليم الأبناء حب الخير وإكرام الضيف.
“أذون.. أذون”.. تجمع الأطفال على مائدة واحدة
في ولاية صور، يستمتع الأطفال بعادة “أذون.. أذون” حيث تقوم الأسر بتجهيز وجبة إفطار كاملة تُوزع في صحون، ثم يجتمع أطفال الأسرة وأصدقاؤهم في حلقات منفصلة للبنين والبنات، يرددون أناشيد تقليدية مثل “أذون.. أذون… شنبيعوه بنت خويدوم… فطروا.. فطروا.. يا صائمين… باكر بتصبحوا نائمين”، حتى يُرفع أذان المغرب، وتعزز هذه العادة روح المشاركة والتآلف بين الأطفال، إذ يتعلمون منذ الصغر معنى الكرم والتعاون.
الترحيب برمضان بالأناشيد والتلاوة الجماعية
ضمن العادات الرمضانية الجميلة في صور، يحتفي الأهالي بقدوم الشهر الفضيل من خلال عادة “الترحيب برمضان” التي تبدأ من اليوم الثامن والعشرين من شعبان، حيث يجتمع الرجال في المساجد مرددين الأناشيد مثل “مرحب مرحب يا رمضان.. شهر العبادة وشهر الصيام.. شهر محمد عليه السلام”، ثم يتلون القرآن الكريم، ليختموا المصحف كاملاً قبل حلول الشهر الكريم.
الاستبشار برمضان.. فرحة النساء بقدوم الشهر المبارك
في وادي بني جابر، تستقبل النساء والفتيات الشهر الفضيل بعادة “الاستبشار”، حيث يتجمعن في الأيام الأخيرة من شعبان ويرددن الأناشيد الشعبية تعبيرًا عن فرحتهن، ومن أبرز العبارات التي تتردد “رحب رحب يا رمضان.. شهر العبادة وشهر الصيام.. فيك القسمة للنسوان”، وتظل الأجواء الاحتفالية مستمرة حتى رؤية الهلال.
مدفع رمضان.. الإعلان عن بداية الشهر الفضيل
لا يزال مدفع رمضان أحد الرموز التقليدية التي يستخدمها أهالي عمان لإعلان دخول الشهر الكريم، حيث تشكل الفرق من القرى لمراقبة الهلال في 29 شعبان، وعند رؤيته يتم إطلاق الأعيرة النارية من بنادق خاصة، إلى جانب مدفع حصن بلاد صور الذي يعلن رسميًا بداية رمضان، ليصل الخبر إلى كل القرى القريبة والبعيدة.
المسحر.. تقليد اندثر في المصنعة
كانت ولاية المصنعة تحتفظ بعادة المسحر حتى قبل نحو عقد من الزمن، حيث كان مصبح بن طناف الهدابي ومن بعده خلفان بن سالم الرزيقي يجوبان الشوارع في السحور مرددين “اصح يا نائم سحور سحور سحور”، وفي العشر الأواخر يضيفان “الوداع يا رمضان”، لتوديع الشهر الكريم وسط أجواء روحانية كانت تملأ الأحياء.
وداع رمضان.. دعاء يتردد في الليالي الأخيرة
في بعض المحافظات العمانية، يحرص المصلون على توديع رمضان بطقوس خاصة، حيث يجتمعون بعد صلاة التراويح في الأيام الثلاثة الأخيرة من الشهر، ويقرأ أحدهم دعاء الوداع الذي يتضمن أبياتًا شعرية تعبر عن الحزن لانتهاء الشهر الفضيل، ثم يختتم المجلس بقراءة الفاتحة قبل أن يتفرق الجميع.
“قتل الحنش”.. مائدة تجمع الأهل والأصدقاء
في محافظة ظفار، يحتفل الأهالي بقدوم رمضان من خلال عادة “قتل الحنش”، التي تبدأ في الأسبوع الأخير من شعبان وتمتد حتى أول سحور من رمضان، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء حول مائدة عامرة بالأطعمة المتنوعة دون طبق رئيسي محدد، وترمز هذه العادة إلى إنهاء الخلافات والمصالحة قبل دخول الشهر الكريم، حيث يحرص الجميع على تصفية القلوب وتعزيز أواصر المحبة.
رمضان في عمان.. شهر يجمع القلوب
يتميز رمضان في سلطنة عمان بعاداته المتوارثة التي تعزز الترابط الاجتماعي، حيث يكثر الناس من زيارة الأرحام والمرضى والتقاء الأصدقاء، فتكون فرصة لإحياء القيم الأصيلة التي ورثوها عن الأجداد، والتي تُشكل حصنًا متينًا يحفظ تماسك المجتمع العماني.