حوارات و تقارير

نصرا تكتيكيا .. سكان دميديف يُغرقون قريتهم لإنقاذ كييف من القوات الروسية

دعاء رحيل
 
تقوم القوات الأوكرانية بتدمير بعض بناها التحتية كلما رأت أن ذلك قد يساعد في مواجهة القوات الروسية بشكل أفضل، وفي هذا الإطار أقدمت على إغراق قرية دميديف شمال كييف التي عبّر سكانها عن سعادتهم الغامرة بما حدث إذ “أنقذنا كييف”، كما يقول أحدهم.
 
وفي هذا الشأن ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) الأميركية في تقرير لها من القرية إن القوات الأوكرانية تعمدت في 25 فبراير الماضي، أي اليوم الثاني من الحرب، غمر المنطقة التي توجد فيها قرية دميديف.

نصرا عظيما

فيما ينقل مراسل الصحيفة آندرو كريمر عن مسؤولين وجنود أوكرانيين قولهم إن هذه الخطوة كانت فعالة للغاية، حيث خلقت بحيرة ضحمة مترامية الأطراف مثلت حاجزا أمام أعمدة المدرعات الروسية، مما وفر للجيش الأوكراني وقتًا ثمينًا لإعداد دفاعاته وقد اعتبر الأوكرانيون ذلك نصرا تكتيكيا كبيرا.
 
ورغم أن الفيضانات كانت ستعتبر كارثة كبيرة في الظروف العادية خصوصا في ظل تعرض البلد لحرب شرسة، فإن سكان هذه القرية ما فتئوا يشيدون بما حصل ويرون أن المسؤول الأول والأخير عن المستنقع الذي تحولت إليه قريتهم هو المعتدي الروسي.
 
كما أفادت الصحيفة أن سيدة متقاعدة تدعى أنتونينا كوستوتشينكو علقت عما حدث “الكل متفهم ولا أحد يعبر عن الأسف ولو للحظة”، ورغم أن غرفة معيشة هذه المرأة الكبيرة في السن غدت الآن مكانًا متعفنًا به خطوط مائية على ارتفاع قدم أو نحو ذلك على الجدران، فإنها تعلق قائلة بكل فخر واعتزاز: “لقد أنقذنا كييف!”
 
بينما أكد المراسل أن ما وقع في دميديف لم يكن حادثا معزولا، إذ منذ الأيام الأولى للحرب، كانت أوكرانيا سريعة وفعالة في إحداث الخراب في أراضيها، غالبًا عن طريق تدمير البنية التحتية، كوسيلة لإحباط جيش روسي بأعداد وأسلحة متفوقة.
 
وينسب كريمر لوزير البنية التحتية في أوكرانيا، أولكسندر كوبراكوف، أنه قد تم حتى الآن تدمير أكثر من 300 جسر في أنحاء أوكرانيا، مشيرا إلى أن القوات الأوكرانية قصفت في اليوم الأول للحرب مدرج مطار رئيسي خارج كييف عندما حاول الروس الاستيلاء عليه، فأصبح الروس عاجزين عن استقبال طائرات تحمل قواتهم الخاصة.

نجاح أوكرانيا في صد روسيا

 
وحسب ما نقله الموفد عن خبراء عسكريين فإن سياسة الأرض المحروقة لعبت دورا مهما في نجاح أوكرانيا في صد القوات الروسية في الشمال ومنعها من الاستيلاء على العاصمة كييف.
 
وتسبب هذا الأسلوب، الذي تم استخدامه غالبًا في أنحاء كييف مارس الماضي وفي الأيام الأخيرة في القتال الضاري شرقي أوكرانيا، في إجبار الروس على محاولة عبور الأنهار بعيدا عن الجسور المدمرة، مع التخطيط مسبقا بعناية لاستهداف هذه المواقع من قبل فرق المدفعية الأوكرانية، مما حول الجسور العائمة إلى حمامات دم مكلفة للروس.
 
وعلى الرغم من أن بعض الناس في دميديف اشتكوا من عملية التنظيف البطيئة، والتي من المتوقع أن تستغرق أسابيع أو شهورا، فقد تكاتف الكثير من سكان هذه القرية معًا في جهد مجتمعي مبهج لتجفيف منازلهم.
 
ورغم أن المياه ما زالت تغمر الساحات الخلفية للمنازل ورغم أن زجاجات الصودا لا تزال طافية بالقرب من المنازل، فإن نساء دميديف يقمن بطهي البورش (حساء روسي) ويدعين الناس لتناول الطعام، بينما يتعاون الجيران في حمل وقود الديزل إلى المضخات في قارب مطاطي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى