حوارات و تقارير

كيف يفرق الاتحاد الأوروبي بين الأوكرانيين اللاجئين ومواطني أفريقيا؟

دعاء رحيل
 
 
انتقد مقال في موقع “ميدل إيست آي” المعاملة التمييزية للاتحاد الأوروبي للاجئين بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث أشار إلى أن كراهية الأجانب دفعت الاتحاد الأوروبي إلى التفرقة في المعاملة بين الأوكرانيين وبين مواطني الشرق الأوسط وأفريقيا.
 
وأشارت الكاتبة سحر عطاي -في المقال الذي كتبته في الموقع- إلى أن الأوكرانيين منحوا ما يعرف بحق الحماية المؤقتة الذي تم تفعيله من قبل الاتحاد الأوروبي لأول مرة في مارس الماضي، ويمنح الإقامة 3 سنوات والحق في العمل عند الوصول. في حين منع لاجئو الشرق الأوسط وأفريقيا حتى من الشروع في إجراءات اللجوء.
 
وأكدت الكاتبة أنه في حين يتم استقبال اللاجئين الأوكرانيين “بثقافة الترحيب” يتم التعامل مع اللاجئين من الشرق الأوسط وأفريقيا كمجرمين.
 
ونوهت الكاتبة إن العالم شاهد، مصدوما، أكثر من 4 ملايين شخص يفرون من الحرب في أوكرانيا. ومن المؤكد أن الأعداد الهائلة من اللاجئين والنازحين، والصدمة التي لا حد لها التي لحقت بهم، تبرر استخدام مصطلح “أزمة”.

خلاف دبلوماسي

لكن “الأزمة” التي تكشفت قبل عدة أشهر، فيما يتعلق باللاجئين العالقين بسبب خلاف دبلوماسي بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا، لم يكن من الضروري أن تكون أزمة على الإطلاق، بعد أن قامت الأخيرة بهندستها وأصبحت ممكنة بسبب العنصرية وكراهية الأجانب من قبل الاتحاد الأوروبي.
 
وعندما اختلف وضع هؤلاء، مع الاستقبال السخي للأوكرانيين من قبل دول الاتحاد الأوروبي والعاملين في المجال الإنساني على حد سواء، أصبح من المستحيل إنكار التمييز الذي يفسد أنظمة اللجوء والمساعدات لدى الأوروبيين.
ومع بداية من يوليو الماضي، يعتقد أن آلاف اللاجئين (معظمهم من العراق وأفغانستان وسوريا) تم استدراجهم إلى مينسك ووعدوا بسهولة دخول دول الاتحاد الأوروبي. ولدى وصولهم، أمرهم حرس الحدود البيلاروسيون بعبور الحدود إلى بولندا. وقد كان الكثيرون يأملون في الوصول إلى ألمانيا.
 
وردا على ذلك، أنشأت بولندا “منطقة استبعاد” حول الحدود، واستثنت الصحفيين والعاملين في المجال الإنساني. وانسحبت منظمة “أطباء بلا حدود” احتجاجا على منعها من تقديم المساعدة. وفي الوقت نفسه، صد حرس الحدود اللاجئين بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، وبدأ العمل على بناء جدار يكلف 10 أضعاف ميزانية إدارة الهجرة البولندية.
 
وعمليات صد اللاجئين أصبحت شائعة جدا لدرجة أنه من السهل نسيان أنها تنتهك جوهر القانون الإنساني الدولي، واتفاقيات جنيف، وتتعارض مع سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بشأن إعادة “المقيمين بشكل غير قانوني” والتي تنص على أن أي شخص على أراضي الاتحاد الأوروبي دون وثائق يجب أن يخضع للإجراءات ذات الصلة ولا يمكن أن يواجه الترحيل التعسفي.
 

كراهية الأجانب

لم يكن هناك شيء غير قانوني بشأن أعمال اللاجئين على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا. فقد سافروا إلى مينسك بتأشيرات صالحة. وبالإضافة لذلك، يجب على اللاجئين عبور الحدود لطلب اللجوء، وبالتالي فإن القيام بذلك بدون وثائق ليس عملا مخالفا للقانون. وقد أصبح كذلك فقط بسبب “الكراهية العرجاء للأجانب من قبل الاتحاد الأوروبي، الذي يرى في وجودهم أنه محاولة لزعزعة الاستقرار”.
 
وكان لهذه العنصرية خسائر بشرية، فقد توفيت كردية عراقية حامل وطفلها الذي لم يولد بعد، وفقدت عائلة سورية طفلها البالغ من العمر عاما واحدا، على الأرجح بسبب التعرض لظروف الطقس ما دون الصفر. وغرق شاب يبلغ من العمر 19 عاما في نهر بوغ، وتم العثور على جثة شاب يبلغ 14 عاما في الغابة، بعد أن تجمد حتى الموت. وبالإجمال، فقد نحو 20 شخصا أو أكثر من ذلك بكثير حياتهم بدعوى سلامة الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي.

إبراز العنصرية المتأصلة

وقد أدى التقارب الزمني بين استقبال الأوكرانيين، ونظرائهم اللاجئين الذين أعيدوا إلى بيلاروسيا، إلى إبراز العنصرية المتأصلة في سياسة اللجوء الأوروبية.
 
وتصف سانغيثا لينغار، وهي محامية متخصصة في قانون اللجوء ذلك بأنه “استثناء أوروبي” وتقول للموقع “تبنت تركيا اتفاقية اللاجئين لعام 1951 مع قيود جغرافية، حيث تحملت مسؤوليات كاملة عن اللاجئين القادمين (من دول الاتحاد) لكنها منحت حماية محدودة للاجئين من بلدان أخرى، ونتيجة لذلك، يحصل 3.6 ملايين لاجئ سوري في تركيا على شكل أقل وثانوي من “الحماية المؤقتة” وليس الكاملة للحقوق القانونية المنصوص عليها باتفاقية عام 1951″.
 
وقد سعت المبادرات الجديدة إلى زيادة تضمين هذا النوع من المعاملة التفضيلية، مثل مشروع قانون الجنسية والحدود المقترح من المملكة المتحدة.
 

نظم المعونة الموازية

أما من الناحية النظرية، ينبغي أن تكون الاستجابات الإنسانية مستقلة عن الأهداف العسكرية والسياسية. لكن في الواقع، فإن الحكومات الأوروبية التي تنتهج سياسات لجوء تفاضلية تمول أيضا الاستجابات الإنسانية. ومن شأن تمويل المشاريع المقتصرة على جنسيات معينة أن يؤدي إلى وضع نظم مساعدات موازية تقوم بالتمييز صراحة على أساس العرق.
 
وقد شهدت الاستجابة للاجئين في الأردن الكثير من المشاريع التي ركزت على السوريين، في محاولة لإبعادهم عن أوروبا، فتطورت حلقة مفرغة، ومع المشاريع التي تركز على السوريين، لم يتم جمع بيانات عن وجود واحتياجات العراقيين والسودانيين والصوماليين واليمنيين، فأصبحت غير مرئية داخل النظام البيئي الإنساني.
 
كما يوجد هناك علامات على أن التاريخ يعيد نفسه، فبرنامج “منازل المملكة المتحدة من أجل أوكرانيا” يستبعد أولئك الذين ليسوا أوكرانيين أو أفراد الأسرة المباشرين لمواطن أوكراني، مما يترك اليمنيين والسوريين الذين يدرسون في أوكرانيا دون حماية في البلدان المجاورة وغير قادرين على العودة إلى ديارهم.
 

مبدأ الحياد 

فضلا عن الاستقلالية، يلتزم القطاع الإنساني بمبدأ الحياد الذي يفهم على أنه مساعدة الفئات الأكثر ضعفا في المقام الأول. ولكن من المثير للقلق أنه في الوقت الذي تطلق فيه الأمم المتحدة خدمات للأوكرانيين، تركزت الاتصالات بين المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل ووكالات الأمم المتحدة حول أولئك الذين تقطعت بهم السبل في بيلاروسيا عند عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، والتي تنصح الحكومة الألمانية بعدم السفر إليها.
 
ويقع على عاتق القطاع الإنساني أيضا واجب تجاه العاملين في المجال الإنساني، الذين اعتقل 4 منهم في 23 مارس لمساعدتهم أسرة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا. وإذا لم يقف القطاع الإنساني إلى جانبهم، فإن استقلال العمل الإنساني سيتعرض للخطر.
 
واختمت الكاتبة، إن الاتحاد الأوروبي يجب أن ينفذ سياساته ومبادئه الإنسانية الخاصة وإنه يجب علينا أن نتحرك على وجه السرعة قبل ترسيخ أنظمة اللجوء والمساعدات الموازية، وفقدان المزيد من الأرواح.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى