حوارات و تقارير
زمن الحرب وبلغة الأرقام.. هكذا يرى الأوكرانيون علاقاتهم مع الروس بين الماضي والحاضر
دعاء رحيل
بعيدا عن الأحداث الجارية الآن بين روسيا وأوكرانيا ، والتييفرضت الحرب الروسية على أوكرانيا واقعا جديدا غير جذريا نظرة الأوكرانيين إلى روسيا وعلاقاتهم مع الروس، بما يشمل الكثير من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
واستطلاعات الرأي التي تقوم بها مراكز البحوث الأوكرانية، خاصة تلك التي تقارن بين أرقام اليوم والأمس، تعكس حجم الشرخ وتباعد المسافات في شتى المجالات.
لسنا إخوة ولا أشقاء
فبحسب استطلاع للرأي أجرته مجموعة “ريتينغ” الأوكرانية للدراسات (التصنيف) ترى نسبة 91% من الأوكرانيين اليوم أنهم لا يشتركون مع الروس بعلاقات أخوة، كما كان يتحدث المسؤولون في كلا البلدين قبل عام 2014، في حين أن 56% منهم في يوليو2021 كانوا يرون أن الروس والأوكرانيين “شعب واحد”.
وتعتقد نسبة من الأوكرانيين قدرها 64% أنه “من المستحيل استعادة العلاقات الودية مع الروس” في حين أنه، قبل شهر، رأت نسبة 42% أن هذا ممكن، ولكن بعد 20-30 سنة فقط.
وحتى فيما يتعلق بالحديث باللغة الروسية في الشارع الأوكراني التي كانت محل انقسام بين مؤيد ومعارض، ترى نسبة 84% من الأوكرانيين اليوم أن الأوكرانية هي لغة البلاد الوحيدة، ويجب أن تبقى كذلك في جميع مجالات الاستخدام الرسمية والشعبية.
نحو قطيعة أكبر
وبحسب مركز “رازومكوف” للدراسات، فإن 90% من الأوكرانيين يؤيدون حرمان أحزاب ونواب المعارضة الموالية لروسيا من مقاعدهم البرلمانية، و86% يؤيدون فرض حظر شامل على أنشطة هذه القوى في البلاد.
وبحسب مركز “صوفيا” للدراسات الاقتصادية، يرى 81% من الأوكرانيين أن على حكومة بلادهم فرض مزيد من الضرائب على الشركات الأوكرانية التي تواصل العمل في روسيا، ويدعمون فكرة مصادرة وتأميم ممتلكات الأخيرة في البلاد، الأمر الذي لمح إليه رئيس الوزراء، دينيس شميهال.
هذا وترى نسبة 74%، بحسب مجموعة “ريتينغ”، أن على الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا قطع علاقاتها تماما مع بطريركية موسكو، والتحول إلى “الكنيسة الأوكرانية المستقلة” التي أعلن عنها نهاية 2018.
فخر أكبر بالانتماء
ويبين استطلاع المجموعة أن 80% من الأوكرانيين فخورون اليوم بانتمائهم إلى دولتهم وجنسيتهم، في حين أن نسبة الفخر لم تتجاوز 34% وفق نتيجة استطلاع حول هذا الشأن في أغسطس/آب 2021.
وفي السياق ذاته ، يعبر الأوكرانيون عن هويتهم بأنهم “أوكرانيون” بنسبة تصل إلى 98%، وكانت 75% في أغسطس/آب، بينما يصنف آخرون أنفسهم كـ “أوروبيين” بنسبة 57%، بعد أن كان 27% يرون أنفسهم من هذا المنظور.
أما الولاء والفخر بالماضي السوفياتي المشترك مع روسيا، فتراجع خلال أقل مع عام من 21 إلى 7%.
وبحسب إحصائية مركز “رازومكوف” للدراسات، فإن 80% من المواطنين الباقين في أوكرانيا يشاركون -بشكل أو بآخر- بالدفاع عن بلادهم، سواء بالقتال أو التبرع أو العمل التطوعي أو غير ذلك، وذات النسبة “راضية” عن عمل الحكومة والسلطات المحلية وأجهزة الأمن.
السياسة والأطماع والصمت
وتعليقا على هذه الأرقام، يرى خبراء أن “السياسة والأطماع” سببان رئيسيان للقطيعة التي وصلت إليها العلاقات بين شعبي البلدين، لكن الشعوبية ليست معفاة من ذنبها أيضا.
وفي هذا الصدد قال خبير علوم الاجتماع في مركز “رازومكوف”، ميخايلو ميشينكو في تصريحات صحفية،”نعلم أنها حرب وأطماع بوتين في بلادنا، لكن صمت الروس، وتأييدهم الأعمى لرئيس بلادهم، ذنب لا يغتفر اليوم بالنسبة لأوكرانيا”.
وقال ميشينكو “أوكرانيا بعد 2014 ابتعدت عن فلك الاتحاد الروسي أكثر من أي وقت مضى، وعام 2022 أكد أنها لن تعود إليه أبدا، لا طوعا ولا كرها”.
وأضاف موضحا “الحرب شكلت نقطة في نهاية سطر علاقات أوكرانيا مع روسيا، ما دام بوتين وحاشيته في سدة الحكم”.