“الناتو” في مرمى النيران الصينية.. بكين تحذر من تمدده شرقًا
أميرة جادو
رغم إجراء محادثة الفيديو بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والزعيم الصيني شي جين بينغ، وهو الأول اتصال بينهم منذ بدء الأعمال العسكرية في أوكرانيا، لا تزال الولايات المتحدة والصين بينهما خلافات كبيرة حول كيفية حل الأزمة الأوكرانية.
“تفكيك حلف الناتو”
وجه له يو تشنغ، نائب وزير الخارجية الصيني، تحذير من سيتوسع الناتو أكثر، فإنه سيقترب من ضواحي موسكو حيث يمكن لصاروخ أن يضرب الكرملين في غضون 7 أو 8 دقائق، وسيترتب على محاصرة دولة كبرى، لا سيما قوة نووية مثل روسيا في زاوية، تداعيات مروعة للغاية، بحيث لا يمكن التفكير فيها، منوهًا إلى أن حلف الناتو كان يجب أن يتفكك و”يدرج في التاريخ جنبا إلى جنب مع حلف وارسو”.
وأشار وزير الخارجية الصيني، إلى أنه بدلا من التفكك، واصل الناتو تعزيز قواته وتوسعه، وتدخل عسكريا في دول مثل يوغوسلافيا والعراق وسوريا وأفغانستان، قائلًا: ” يمكن للمرء أن يتوقع العواقب الناجمة عن السير على هذا الطريق”.
وبالتزامن مع هذه التصريحات الحادة، يعتقد المحللون أن الصين ستظل متمسكة برؤيتها بتحمل واشنطن والناتو مسؤولية اندلاع الأزمة الأوكرانية، رغم الضغوط الغربية وخاصة الأميركية عليها، والتي وصلت حد التلويح بفرض عقوبات عليها في حال مضيها في محاباة موسكو ومساعدتها للتغلب على تبعات العقوبات الاقتصادية الغربية.
“الناتو من مخلفات الحرب الباردة”
ومن جهته، قال علي يحيى، الخبير في العلاقات الدولية: “لا شك أن مرتكزات الموقف الصيني مما يجري من أزمة دولية حادة، تتأثر بمعطيات عديدة، فهي من جهة ترتبط بحلف استراتيجي وتنسيق عال المستوى مع روسيا التي أجلت إطلاق عمليتها في أوكرانيا حتى انتهاء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، ومن جهة أخرى فالاقتصاد والنمو الصينيان يعتمدان بشكل أساس على استقرار إمدادات الطاقة واستقرار الأسواق العالمية”.
وأشار خبير العلاقات الدولية إلى أن الصين تشك في توسع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) خلال مراحله الثلاث باتجاه الحدود الروسية، متابعا :”وعينها كذلك على تحالفات أوكوس بين الولايات المتحدة، بريطانيا، وأستراليا، وكواد بين الولايات المتحدة، اليابان، الهند، وأستراليا، ومحاولات تطويقها عسكريا، واستنزافها عبر حزمة من الملفات والقضايا، من التيبت إلى تايوان وهونغ كونغ، وشينغيانغ، وهواوي وغيرها، بالتوازي مع تصنيفها من قبل واشنطن كتهديد مركزي، ومن هنا يتطور موقفها تصاعديا مما يجري لدرجة وصفت فيها البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي، حلف الناتو بأنه من مخلفات الحرب الباردة، وقس على ذلك حجم اتساع الهوة بين الموقفين الصيني والأطلسي”.
“توسع يهدد روسيا”
وفي السياق ذاته، أوضح طارق سارممي، الكاتب والباحث السياسي، إن “تصريحات بكين، ضد حلف الناتو تتصاعد بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، وضمنها تصريح نائب وزير خارجيتها هذا، وهي تكاد تكون الأشد ضد واشنطن والناتو منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية”.
وتابع الباحث السياسي: “واضح تماما لأي مراقب أن بكين تميل لموسكو خلال هذه الأزمة رغم إعلانها حيادها فيها، لكنه كما يبدو من هذه التصريحات ليس حيادا سلبيا بلا موقف، حيث يبدو واضحًا على ضوء هذه المواقف الصينية أن بكين أقرب لرواية موسكو ومتعاطفة مع رؤيتها، ومتفهمة لما تطرحه من مسببات أو ذرائع سمها ما شئت، لبدئها هذه الحرب”.
وتعليقًا على تصاعد الشد والجذب بين واشنطن وبكين حول وقع الأزمة الأوكرانية، يشير الباحث السياسي: إلى أن “الصين ستمضي غالبا في الوقوف ولو بشكل غير مباشر مع روسيا، كونها ترى في توسع حلف الناتو شرقًا خطرًا يهددها كذلك وليس فقط روسيا، وفي دعمها للموقف الروسي هي تستند إلى جملة اعتبارات مبدئية وبراغماتية، تتصل بكونهما قوتين كبيرتين متجاورتين وتمتلكان قواسم مشتركة وشبكة مصالح متبادلة لا تنتهي، وأنهما تاليا ليستا في وارد الامتثال لإملاءات واشنطن وحلف الناتو والسماح باقتحام مجالهما الحيوي من قبل حلف الناتو”.