حوارات و تقارير

الغزو الروسي لـ أوكرانيا.. من سيتحمل فاتورة الحرب الاقتصادية؟

أسماء صبحي
نقش العديد من الخبراء حول العالم الآثار الاقتصادية للحرب في أوكرانيا على مستوى العالم، في ظل تخوفات من تعرض منطقة الشرق الأوسط للعديد من التحديات أبرزها تهديد الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار، وأثر ذلك على الحياة اليومية للمواطن في الدول العربية.
 

من سيدفع فاتورة الحرب؟

قال الخبير الاقتصادي السعودي محمد كركوتي، إنه مع استمرار هذا المشهد المرتبك والخطير، فسوف يتلقى الاقتصاد العالمي ضربة قوية، وهو لا يزال يعاني الضربة الكبيرة التي أتته من تفشي جائحة كورونا”.
 
وأعرب كركوتي عن تخوفه من عدم التوصل إلى حلول قريبة لهذه الأزمة، قائلًا: ” في كل الأحوال، ترتفع ضغوط الحرب في أوكرانيا على مدار الساعة على الساحة الدولية، مع تفاوت في المخاطر بين منطقة وأخرى”.
 
وأضاف الخبير السعودي، أنه في الوقت الذي تجد فيه الأسواق الناشئة نفسها في منأى نسبي عن تداعيات الصراع، إلا أن ذلك ليس مضموناً إذا ما تعمقت الحرب وطال أمدها، خاصةً مع استمرار التأكيدات الروسية على أن العملية العسكرية ستمضي حتى تحقق أهدافها.
 
وتابع: “الحرب في الوضع الحالي قلبت بعض الموازين، من بينها أسواق السلع والطاقة، وقلبت معها كل الاستراتيجيات التي وضعت للوصول بالاقتصاد العالمي إلى مرحلة ما بعد جائحة كورونا، صحيح أن رفع حجم الإنفاق العسكري بسبب الأزمة سيحرك الاقتصادات هنا وهناك، لكن الصحيح أيضا أن الركود التراكمي بات على الأبواب فعلاً، أي أن التضخم سيضرب النمو بقوة”.
 

ارتفاع أسعار السلع

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي في لبنان حسين شبكشي: “في ظل استمرار تداعيات الحرب التي تجاوزت أيامها الأحد عشر، بدأت تظهر ملامح الفاتورة الاقتصادية لتلك الحرب التي لم تنتهِ بسرعة، كما كانت تتوقع أجهزة الاستخبارات الروسية، وعلى ما يبدو أنها ستكون، نوعاً ما، حرباً طويلة على الصعيدين العسكري والاقتصادي”.
 
وتابع: “مع الارتفاع الشديد في أسعار السلع، وصلت معدلات التضخم في الكثير من الأسواق العالمية إلى معدلات غير مسبوقة، ومستويات قياسية مما سيعني أزمة حادة في القدرات الشرائية للناس، واليوم مع الارتفاع الكبير الملحوظ في أسعار تكاليف الشحن، سواء كان بالبر أو البحر أو الجو، ومع زيادة أسعار النفط، كل هذا يؤكد أن العالم بدأ يستعد وبشكل جدي لمتغيرات قد تبقى معنا مدة طويلة من الزمن مع تفاقم الأزمة الأوكرانية وأثرها على القارة الأوروبية تحديداً وعلى العالم بأسره”.
 

تأثير الحرب على المواطن العادي

يرى الخبراء في مصر، أن كثيرًا من المصريين سيدفعون جزءً من ثمن هذه الأزمة العالمية التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وذلك بعد ارتفاع أسعار البترول إلى 139 دولارا، وهو ما يعد أمرً خطيرً، وإذا استمر بهذه الوتيرة، أو حتى ثبت عند مستوى ٩٠ أو ١٠٠ دولار، فمن المتوقع، وطبقا لآلية التسعير التلقائي لأسعار الوقود كل ثلاثة شهور، أنه سوف يقود إلى رفع أسعار الوقود لا محالة.
 
وفي حال زادت أسعار الغاز والسولار بجانب البنزين، فمن المتوقع أن تزيد أسعار سلع كثيرة بسبب ارتفاع أسعار البترول والنقل والشحن.
 
وكشفت الخبيرة اللبنانية ريتا الجمال، عن تأثر لبنان الذي يعاني في الأساس من أزمة اقتصادية مستمرة، قائلةً: “وجَّه الغزو الروسي لأوكرانيا ضربة قوية للبنان الذي يقف أمام أزمة قمح عالمية بيدَيْن خاليتَيْن من السيولة اللازمة والخيارات البديلة ما يصعّب عليه عمليات الشراء ولا سيما في ظلّ ‘شحّ المصدّرين وارتفاع تكاليف الشحن”.
 
وتابعت: “يستورد لبنان سنوياً نحو 600 ألف طن من القمح، أي بمعدل 50 ألف طن شهرياً، يأتي حوالي الستين في المائة منها من أوكرانيا، ومن ثم روسيا ورومانيا، بينما المخزون المتوفر حالياً يكفي حاجة السوق لحوالي شهر ونصف”.
 

تهديد “الأمن الغذائي العربي”

وفي السياق ذاته، أكد الخبير اللبناني عمرو حمزاوي، أن العمليات العسكرية الروسية، وهي تتركز في المجمل في شرق أوكرانيا، تضرب الأراضي الزراعية الأعلى خصوبة والأوفر محصولاً فيما خص القمح والذرة على نحو يمكن معه توقع حدوث تراجع في معدلات الإنتاج الأوكراني.
 
وأضاف حمزاوي: “بالنسبة لنا في بلاد العرب يعني ذلك تحديات إضافية للأمن الغذائي لإقليم يعد من بين أكبر مستوردي القمح والذرة وغيرهما من المحاصيل الزراعية القادمة من روسيا وأوكرانيا.
 
كما أشار إلى الأثر الذي تعانيه المنطقة العربية من الصراعات المتكررة والنزاعات المسلحة فيها، وهو ما يجعلها في “اعتماد شبه كامل على الخارج وعلى استيراد المحاصيل الزراعية للوفاء بمتطلبات مواطنيها وضمان أمنها الغذائي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى