قبائل و عائلات
دور قبائل عمان في نشأة السلطنة وتأسيس نظام الحكم
أسماء صبحي
سلطنة عمان واحدة من الدول العربية التي تقع في غرب قارة آسيا، ونظام الحكم فيها ملكية مطلقة، وهي ثالث أكبر منطقة في شبه الجزيرة العربية، وتقع في الربع الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وتبلغ مساحتها الإجمالية 309،500 كيلومتر مربع، يمتد ساحل السلطنة لمسافة 3165 كيلومترا، من مضيق هرمز شمالا إلى الحدود مع اليمن.
وتطل السلطنة على ثلاثة بحار هي بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي، وفي الغرب تطل على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وفي الجنوب الجمهورية اليمنية وفي الشمال مضيق هرمز، وفي الشرق بحر العرب.
قبيلة الآزاد ونشأة السلطنة
يعود تاريخ نشأةسلطنة عمان إلى قبيلة الآزاد التي فرت من اليمن مع زعيمها مالك بن فهم هرباً من فيضان الآرام وانهيار سد مأرب عام 532 م، وبحسب العديد من الروايات، عاش في عمان في ذلك الوقت أناس من حضارات عدة بما في ذلك العرب والفينيقيون والكلدان والصابئة والفرس ومع ذلك، وسيطر الفرس وحكموا أجزاء من البلاد وخاصة المدن المطلة على الخليج العربي.
ويوضح التاريخ أن ابن فهم تشاور مع العمانيين العرب الذين عاشوا فيما كان يعرف بالجوف بشأن قتال الفرس وتحرير المناطق التي احتلها الفرس وإقامة منطقة محضة ودولة عربية، وهكذا اندلعت حرب تعرف باسم معركة سالوت بين الجانبين، وانتقلت القبائل العربية الأخرى إلى عمان واستقرت هناك ومع ذلك، لا يزال العمانيون ينظرون إلى الأزاد على أنهم أم القبائل التي تفرعت منها العديد من القبائل والعشائر الأخرى، وأصبحت هذه فيما بعد مثل الدول داخل الدولة.
الدور السياسي للقبيلة في العصر الحديث
يوضح التاريخ السياسي لسلطنة عمان على مدى 1500 عام الماضية، أنّ القبيلة هي حاضنة الدولة، وليس العكس، حيث كانت عمان مرتبطة بقوة بالقبيلة الحاكمة خلال مراحل تطورها المختلفة على مر القرون، وحكمت عمان من قبل عدد من القبائل بما في ذلك الأحمد وبني خروس والنبهانة واليعربية والخليلي، ومنذ عام 1744، قبيلة البو سعيد.
وشهدت العلاقة بين الدولة والقبيلة العديد من التغييرات، خاصة خلال الـ 200 عام الماضية مع وجود عاملين آخرين، ولا سيما المراحل التي أثرت على تلك العلاقة وهي كما يلي:
قبيلة النباهنة (1183-1617)
نجحت قبيلة النباهينة في بداية حكمها من بناء نظام سياسي وتحصينات دفاعية لحماية البلاد من سلسلة الغزوات الفارسية، وكان من أهمها الأمير محمود بن أحمد الكوشي من هرمز في 1261، ومع ذلك فإنّ الصراع على السلطة بين زعماء القبيلة، الذين كانوا أيضًا قادة الدولة، أضعف الدولة وقدرتها على صد الهجمات الفارسية المتعاقبة.
ونجح ملك هرمز فخر الدين توران شاه في عام 1461، في احتلال عمان ونفي حاكمها سليمان بن مظفر بن سليمان النبهاني إلى منطقة الأحساء، ووفقًا لمصادر تاريخية فإنّ أحد العيوب الرئيسية لسيطرة القبيلة على النظام السياسي هو أن السلطة كانت مقتصرة على أفراد القبائل فقط وبصرف النظر عن الدور الاستشاري لبعض علماء الدين.
وتشير العديد من كتب التاريخ إلى أنّ عمان انزلقت في حرب أهلية نتيجة الخلافات بين أبناء السلطان مظفر بن سليمان النبهاني، وإلى جانب ذلك، ساهم الفساد في أوساط أصحاب القرار السياسي وانشغال حكام العشائر بتراكم الثروة في عزل القبيلة الحاكمة عن باقي القبائل، مما أضعف قدرة القبيلة على حماية الوطن من الأطماع العسكرية الأجنبية.
ومن أبرز عيوب النباهنة عدم اهتمامها بإقامة نظام سياسي ومؤسسات حكم شبيهة بتلك التي أسستها قبيلتا القبيلتان اللتان خلفتهما، وكانت النباهنة تنعم بمجد القوة دون أن تولي اهتماماً كافياً للسياسة والتاريخ، ويعتبر ذلك سببًا أساسًا في سلسلة من الغزوات الأجنبية واحتكار السلطة من قبل القبائل الأخرى في عدد من المناطق بالسلطنة.
قبيلة اليعربية (1624-1749)
أرست قبيلة اليعربية أسس حكمها من خلال توحيد القبائل العمانية تحت راية الشاب ناصر بن مرشد اليعربي، وكان لرجال الدين العبادي، الذين كانوا على خلاف مع قبيلة النباهنة دور فعال في هذا التوحيد وفي إعلان اليعروبي حاكمًا جديدًا لعمان على عكس أسلافه، كما أنشأ اليعربي نظام حكم قائم على الشراكة مع القبائل الأخرى.
وأنشأت اليعربية مؤسسة قضائية قوية، وبنت جيشًا وطنيًا قويًا، وبحلول نهاية عام 1652، طردت البرتغاليين وبدأ في بناء الدولة الأسطول الأول، مما مهد الطريق لصعود الإمبراطورية العمانية التي شملت مناطق من بلاد فارس وشرق إفريقيا، وأسست لاحقًا الحكم العماني في زنجبار، والذي استمر حتى عام 1965.
قبيلة البو سعيد
بدأ حكم هذه القبيلة بمبايعة مؤسسها أحمد بن سعيد عام 1744 واستمرت حتى يومنا هذا في عهد السلطان قابوس بن سعيد، ولقد ورثت قبيلة البوسعيد العديد من الإنجازات عن قبيلة اليعربية ، كان أبرزها دولة ذات حضور قوي على الساحة الدولية ونفوذ سياسي وقوة بحرية قوية وحكم واضح المعالم. النظام.
وفي الوقت نفسه ، ورثت القبيلة أيضًا التفكك الداخلي والصراعات نتيجة الحروب التي اندلعت في نهاية عصر اليعربية وعودة الفرس إلى أجزاء من عمان، خاصة على طول الساحل، وهكذا كان على البو سعيد أن يعمل بجد لتوحيد القبائل ويحافظ على السيطرة ويقوي وصول قبيلته وسيطرتها ويحرر عمان من الفرس.
ولعبت القبيلة دورًا رئيسيًا في ترسيخ مكانة مسقط كعاصمة وطنية بعد قرون من العواصم المتعددة، ومع ذلك كان الإنجاز السياسي الرئيسي للقبيلة هو قدرتها على الحفاظ على تماسك الإمبراطورية العمانية في جزئها العربي والإفريقي، كما تمكنت قبيلة البوسعيد من تحقيق الوحدة الوطنية والحفاظ عليها على الرغم من فترات الاضطرابات، خاصة في النصف الأول من القرن العشرين وأثناء الانتفاضة القبلية عام 1913.
كما تم صياغة دستور مكتوب بعنوان “النظام الأساسي للدولة” في عام 1996، ويعد ذلك أول مرة في تاريخ عُمان، مما مثل انخفاضًا كبيرًا في الدور السياسي للقبيلة في عام 2011، في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي وصفها الكتاب والناشطون المحليون بالنسخة العمانية للربيع العربي.