مرأه بدوية

“هيلانة سيداروس”.. أول طبيبة مصرية تفتتح عيادة خاصة في مصر

ولدت هيلانة بمدينة طنطا في 13 يناير، كانت طفلة ضعيفة البنية فلم تتمكن من الذهاب إلى المدرسة في السن المقررة لذلك، التحقت بكلية البنات القبطية وهي في الثامنة من عمرها، وكانت تحلم بأن تكون طبيبة لتعالج المرضى وتخفف عنهم آلامهم على الرغم من أن ظروفها في ذلك الوقت لم تكن تنبئ بذلك.

بعد دراستها الابتدائية ونظراً لتوفقها في دراستها وتمتعها بذكاء شديد، أرسلها والدها للالتحاق بالقسم الداخلى بمدرسة السينية بالقاهرة ثم التحقت بعد ذلك بكلية إعداد المعلمات.

سفرها إلى إنجلترا

وبعد أن أنهت دراستها بالسنة الثانية بكلية إعداد المعلمات، تم ترشيحها لبعثة حكومية للسفر إلى إنجلترا لدراسة الرياضيات نظراً لتوفقها في هذا العلم، وسافرت هيلانة لإنجلترا لدراسة الرياضيات وبعد فترة من بداية دراستها علمت أن الدراسة ستقتصر على ما يعادل شهادة إتمام الدراسة الثانوية في مصر وفى نهاية الدراسة ستحصل على خطاب يحدد تخصصها.

غضبت هيلانة لهذا الأمر وسارعت بإرسال خطاب إلى الملحق الثقافي بالسفارة المصرية بلندن تطلب فيه موافقته على رغبتها في العودة إلى مصر لاستكمال دراستها هناك.

وبعد مضى أسبوع من إرسال خطابها هذا حضر الملحق الثقافي إلى المدرسة بلندن التي كانت تدرس بها وطلب مقابلتها وقدم لها عرضاً لدراسة الطب، وكان قد تأسست في مصر في ذلك الوقت جمعية كيتشنر Kitchner التذكارية بهدف أقامة مستشفى للمرضى من النساء فقط، وعلى أن تتولى إدارتها طبيبات مصريات ولهذا تقرر تدريب فريق من الطالبات المصريات بإنجلترا، وقد اخُتيرت هيلانة واحدة من أعضاء هذا الفريق.

دراسة الطب

وافقت هيلانة على هذا الترشيح الجديد كما وافقت أسرتها أيضاً، وبعد أن اجتازت هيلانة الامتحان النهائي للمرحلة الثانوية بإنجلترا التحقت بمدرسة لندن الطبية للنساء مع خمس مصريات أخريات عام 1922، وكان تقدمها لدراسة الطب في إنجلترا سبب دهشة الأساتذة الإنجليز.

أول طبيبة مصرية

وفى عام 1929 أصبحت هيلانه طبيبة مؤهلة لممارسة مهنة الطب وهي تبلغ من العمر 25 عاماً، وفى عام 1930 عادت لمصر لتعمل في مستشفى كتشنر ولتصبح أول طبيبة مصرية، وافتتحت عيادة خاصة بها وقامت بالتوليد وإجراء العمليات الجراحية بالمستشفى.

وفي عام 1935 بعد أن انتهت الفترة الإلزامية التي ينبغي أن تقضيها في المستشفى، عرض عليها الدكتور علي بك فؤاد العمل في رعاية الطفولة، وشجعها الدكتور عبد الله الكاتب على فتح عيادتها في باب اللوق بالقاهرة، وفى نفس الوقت كانت تقوم بعمليات الجراحة والتوليد بالمستشفى القبطي بالقاهرة بناءً على طلب من الدكتور نجيب باشا محفوظ رائد علم أمراض النساء والتوليد بمصر.

وكان من بين آلاف الأطفال الذين ولدوا على يديها الأستاذ الدكتور طارق على حسن نجل صديقتها الرائدة في علم الكيمياء الدكتورة زينب كامل حسن، وفي كثير من الأحيان كان يتم استدعائها – في منتصف الليل – لمساعدة سيدة على وشك الولادة، فكانت تقود سيارتها الخاصة بنفسها وسط دهشة المارة وتذهب لمقر إقامة السيدة للوقوف بجانبها، وكانت ترى أن الطب مهنة صعبة تحتاج إلى تضحيات كثيرة، وأنه بدون الرغبة الشديدة في دراسة الطب يصعب الاستمرار فيها.

استقالتها ووفاتها

استمرت هيلانه في ممارسه عملها حتى سن السبعين، فرأت انه ليس من الصالح لمرضاها أن تستمر في العمل، إذ أن الشيخوخة كانت قد أدركتها فأستقالت من عملها وانضمت إلى الجمعية الخيرية القبطية للعمل الاجتماعي، تلك الجمعية التي اهتمت بإنشاء المستشفى القبطي بالقاهرة كأول مستشفى وطنية في مصر، وذلك بغرض توفير مكان لإقامة المرضى المصريين وقد تم افتتحاها عام 1926.

وفي فترة عملها بالجمعية الخيرية القبطية اهتمت بترجمة العديد من الكتب للأطفال ومشاهير الرجال، وفي صباح الخميس 15 أكتوبر 1998 انتقلت بسلام من عالمنا بعد رحله مليئة بالكفاح والعطاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى