تاريخ ومزارات

النظم الإدارية في عصر الدولة الوسطى

أسماء صبحي
كانت مصر طوال التاريخ القديم تنقسم إلى وحدتين جغرافيتين: الوجه القبلي ( الجنوب )، والوجه البحري ( الشمال )، وكان لكل وحدة جهازها الإداري المستقل.
 
تضمنت كل وحدة جغرافية مجموعة من الأقاليم ( المحافظات ) اختلف عددها باختلاف العصور فتراوح عدد أقاليم مصر كلها بين 38 : 44 إقليمًا، وقد لعب التغير المستمر في مجرى النيل دورًا في التغيرات التي حدثت في عدد هذه الأقاليم، وكان يدير كل إقليم عدد من الموظفين من بينهم أمير الإقليم ومدير البلد وقد كان يتم تعينيهم من قبل الملك وذلك في عصر الدولة القديمة، فكانوا من المقربين إليه المستمتعين بالحظوة.
 

سلطة الأقاليم

ومنذ منتصف الأسرة الخامسة تركزت السلطة في الأقاليم في يد عائلات معينة، فرغم استعادة الملكية للسلطة والسيطرة على البلاد في عصر الدولة الوسطى، إلا أن هذه الأفكار كان لها أثر كبير في مركز الملك، حتى أن الأقوال التي رددها الملك نفسه في هذا العصر تدل على أن الفجوة التي كانت تفصل بين الملك ورعاياه قد ضاقت إلى حد كبير.
 
فهذا الملك أمنمحات الأول يفاخر بعدالته وبرعايته لشعبه عندما يقول: “لا جائع في عهدي ولا ظمآن تحت سلطاني”، كما نسمع الحكيم نفرتي يصف إنقاذ الملك أمنمحات الأول للبلاد من الأحوال المتدهورة، وقد وصف الحكيم الملك بأنه ابن الإنسان وليس ابن الإله
 
والتغير الإداري الذي حدث في عصر الدوله الوسطي ظهر في نظام حكم الأقاليم، حيث أن استطاع البعض تكوين أسرات إقطاعيه في أقاليمهم والاستقلال عن السلطه المركزيه في فتره ضعف البلاد.
 
فقد قام الملك أمنمحات الاول بنشر سلطانه على هذه الأقاليم، وأحدث تغيرين هامين، أولهما حرم الحروب بين أمراء الأقاليم حتي لا يعطي فرصه للاقوياء منهم لزياده قوتهم، الثانيه جعل وراثه الابن عن أبيه لحكم الإقليم مقيده بموافقه الملك.
 

القضاء على نظام الإقطاع

وفي عصر الملك سنوسرت الثالث، والذي استطاع كسر شوكة حكام الأقاليم والقضاء على نظام الإقطاع، وإن ظل توارث الأراضي الإقطاعية باقيًا كما بقيت بعض الأسر في أملاكها، لكن النفوذ المحل لأمراء الأقاليم قد انتهى وتمثل ذلك بشكل واضح في ظاهرتين: أولهما اختفاء مقابر أمراء الأقاليم من الجبانات المحلية، وثانيهما اختفاء اللقب الذي كانوا يحملونه كأمراء أقاليم إقطاعيين (حري جاجات) وقد حملوا بدلا عنه ألقاب موظفين في الإدارة المركزية.
 

أعمال المالية

أما الإدارات المالية، فقد اتسعت أعمال المالية العامة في مصر في عصر الدولة الوسطى نتيجة لاتساع أملاك مصر في الجنوب واتساع تجارتها في بلاد الشام وتعدد غزواتها وتدفق الجزية على خزانة الدولة، وكذلك اتساع نشاطهم في المناجم والمحاجر خاصةً مناجم الفيروز والنحاس في سيناء ومناجم الذهب في النوبة.
 
أما الوزير فقد ظل على رأس الإدارة المركزية في العاصمة وعلى رأس القضاء، وكان في نفس الوقت رئيس الشرطة في العاصمة، ومن الظواهر الفريدة في نظام الإدارة في عصر الدولة الوسطى استخدام ما يشبه بطاقات الإحصاء في حصر دخول الأفراد وموارد الثروة، وكان لزاما على كل رب أسرة أن يقيد بالبطاقة الخاصة به عدد أفراد أسرته ومواليه، ثم يقسم يمينا أنه صادق فيك ل ما دونه في هذه البطاقة.
 
وكانت هذه البطاقات تجمع في مكتب الوزير من كافة أنحاء البلاد، وقد عثر على عدد كبير منها بمنطقة اللاهون بالفيوم، وكان الغرض منها تسهيل جمع الضرائب ومعرفة أحوال سكان البلاد.
 
واختفى مجلس العشرة القديم ( مجلس عظماء عشرة الوجه القبلي) الذي كان يعاون الوزير في إداره الشؤون البلاد في عصر الدوله القديمة، وحل محله مجلس يسمي مجلس الثلاثين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى