قبائل و عائلات
قبيلة “الموالي”.. تعرف على تاريخها وعاداتها وسبب تسميتها
أسماء صبحي
تعد قبيلة “الموالي” من أكثر القبائل العربية التي تنتشر في شماليّ غرب سوريا دون غيرها من باقي المناطق، ويتواجد معظم أفرادها في محافظة إدلب وحماة، وكان لهم دورهم هام في كتابة تاريخ سوريا القديم والحديث كما غيرهم من باقي القبائل.
أماكن تمركز القبيلة
وقال الأمير حكمت فواز الشايش شقيق أمير قبيلة الموالي، إن عدد أفراد قبيلة الموالي في سوريا يزيد عن 450 ألف نسمة، يتوزّع أغلبهم في الريف الشرقي لمحافظة إدلب بالإضافة لما يقارب 10% من أفراد القبيلة يتوزعون على ريف حماة الشرقي، ومثلهم في محافظات حلب وحمص والرقة ودير الزور.
وأهم مراكز قبيلة الموالي (القبليين) هي قرى وبلدات قطرة وبرصة والكنايس وقضاء المعرة الشرقي وجبل سمعان، وأما مراكز قبيلة الموالي (الشماليين) هي قرى أبو دالي والمشيرفة وأبو عمر وأم الخلاخيل وسنجار، وبالتالي تمتد قبيلة الموالي من قضاء السلمية بريف حماة جنوباً وحتى ريف حلب الجنوبي شمالاً مروراً بريف إدلب الشرقي كاملاً، بالإضافة لمناطق عدة بهذه المحافظات ومحافظات سورية أخرى، ويضاف لها دول العراق والسعودية والبحرين كما الأردن وفلسطين، وفق الأمير حكمت الشايش.
نشأتها وتسميتها
اختلف المؤرخون في نشأة قبيلة الموالي وسبب تسميتها، ولكن أجمع الجميع على أن أمراء القبيلة يعود نسبهم للخلفاء العباسيين ومن بينهم هارون الرشيد والمستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين.
كما أكد الأمير حكمت الشايش، أن نسب قبيلة الموالي يعود لقبيلة “جهينة” اليمنيّة والتي سكنت بلاد الحجاز أثناء عهد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وتحالف أبناء القبيلة مع قبائل أخرى تحت إمرة “العباس” عمّ الرسول فكانت شوكة المسلمين خلال الفتوحات الاسلامية وخاصة بغزوة “حنين” حين صمد العشرات من أفراد القبيلة مع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وانتصروا حينها.
وسبب تسمية القبيلة بهذا الاسم يعود لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه أبو هريرة, وقال قال رسول الله: “قرَيْشٌ وَالأَنْصَار وَجهَيْنَة وَمزَيْنَة وَأَسْلَم وَغِفَار وَأَشْجَع مَوَالِيَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دونَ اللَّهِ وَرَسولِهِ “، وذلك خلال غزوة حنين في السنة الثامنة للهجرة حيث سمّيت هذه القبائل السبعة بالموالي.
وبحسب الأمير حكمت الشايش فإن قبيلة الموالي تعتبر قبيلة السادة والأمراء كونها كانت سادة البادية السورية، وأمراؤها من العباسيين الأشراف.
وأضاف الأمير حكمت: “كان لقبيلة الموالي إمارة بالقرب من نهر الفرات في قضاء حديثة وكانت عاصمتها عانة ولكن المياه أغرقتها فهاجر أبناؤها إلى قضاء السلمية والمعروف حالياً بريفيّ حماة وإدلب الشرقيين, واستلم إمارتها منذ ذلك الوقت آل أبي ريشة، خاصة بعد قيادته لمعارك القبائل ضد التتار والمغول”.
وتابع الأمير الشايش قائلاً: “لما لتاريخ القبيلة من شجاعة وشهامة وأصالة فإن القهوة المرّة أول ما تقدّم لأمرائها ومن ثم باقي القبائل والعشائر وهذا ما حصل مع الأمير الشايش خلال مجلس عشائر تدمر بداية القرن الماضي”.
وكوْن القبيلة مسيطرة على بادية الشام والسائدة لها، فقد عمل أحد أمرائها والمعروف باسم (فياض الحياري) على نصب عمود أسماه عمود الحمى, منع من خلاله أبناء العشائر الأخرى وخاصة النجديّة القادمة من الحجاز للرعي أو الصيد من دخول مناطق نفوذ قبيلة الموالي دون موافقتهم وتحت مرأى نظرهم.
قوتها ونضالها
تأسست قبيلة الموالي على أساس المقاومة والنضال ضد الغزاة والمستعمرين والظالمين، وهذا ما أكده تاريخ القبيلة النضالي، ووجود عشرات الشخصيات التاريخية القوية من أمراء وأبناء هذه القبيلة على مر الزمان منذ نشأتها وحتى اللحظة”.
ومن أهم صفات قبيلة الموالي هي الشجاعة، وهذع الصفة يعلمها الجميع ومن كافة العشائر، ولهذا شاركت القبيلة بقيادة معارك كثيرة ضد التتار والمغول كمعركة (عين جالوت) وضد العثمانيين والفرنسيين، وكذلك نصرةً لمن استجار بهم أو استنصرهم.
وفي معركة عين جالوت التي شارك بقيادتها أمير الموالي حينها (عيسى بن مهنا) أبلى الأمير ومن معه بلاءً حسناً وكسر شوكة التتار، وكان الأمير عيسى يحمل ريشة من ذهب فلقّب بأبي ريشة ومنذ ذلك الوقت يطلق ذلك اللقب على قادة وأمراء القبيلة, وأحد أهم أفخاذها.
وأما على زمان العثمانيين، فكان للقبيلة دورها النضالي الكبير إن كان في العراق أو سوريا. وساهمت بحماية طريق القوافل التجارية والحجاج في بادية الشام ومن حلب حتى حمص ومن الشام حتى العراق. دون السماح للعثمانيين بذلك حتى أنها كانت تأخذ منهم ما يسمى (الصرّ) وهي عبارة عن ضريبة لفعلها ذلك ومنع قاطعي الطريق من التعرّض لهذه القوافل. وكان العثمانيون يدفعون تلك الجزية لعلمهم بقوة وشجاعة أبناء القبيلة.
الاحتلال الفرنسي
وأما في زمن الاحتلال الفرنسي، فقد ذاع صيت قبيلة الموالي على زمن الفرنسيين لمشاركتها ضد هذا الاحتلال منذ أيامه الأولى وذلك بعد لقاء الأمير الشايش بإبراهيم هنانو واتفاقهم لمقاومة الفرنسيين، وكانت أولى معارك القبيلة ضد الفرنسيين في سرايا معرة النعمان وسكة القطار بالقرب من أبو الظهور وبعدها في حلب.
وبسبب مشاركة قبيلة الموالي بشكل فعّال بمواجهة الاحتلال الفرنسي، قامت الطائرات والدبابات الفرنسية باستهداف قرية “قطرة” مسقط رأس الأمير الشايش بن عبد الكريم فهاجر أبناء القبيلة إلى بادية الشام، وبقي يقاوم فيها قرابة 60 شخصاً من أبناء القبيلة بقيادة الأمير الشايش والأمير عبد الرزاق أبو ريشة، وقام الأمير عبد الرزاق بقتل قائد الحملة الفرنسية.
ولم تقتصر شجاعة أبناء القبيلة وبسالتهم على الرجال فقط، فالمناضلة “نازك العابد” ابنة آل العابد التابعين لقبيلة الموالي سطّرت أروع الملاحم بنضالها الفكري والعسكري ضد العثمانيين في آخر عهدهم بسوريا، وكذلك شاركت ضد المستعمر الفرنسي بمعركة ميسلون جنباً إلى جنب مع وزير الحربية يوسف العظمة، لتتابع نضالها بعد ذلك خلال الاحتلال الفرنسي لسوريا، حسب الناشط بلعاس.
عادات قبيلة الموالي
لكل قبيلة عاداتها وشعاراتها ورموزها التي تميّزها عن الأخرى، وقبيلة الموالي يميّزها الحميّة وتمسّكها بالعُرف العشائري وإقامة العدل على هذا الأساس, بحسب الأمير حكمت الشايش.
ومن أهم الرموز التي تميّز قبيلة الموالي برأي الإعلامي محمد بلعاس هو ما يسمى (المنزول)، و”المنزول عبارة عن بيت الشعر الكبير الذي يجتمع فيه أبناء القبيلة ووجهائها للتسامر وتداول الأحاديث التي تخصّ القبيلة وباقي المكون العشائري والسوري، ويعتبر المنزول كذلك منزلاً لعابري السبيل وضيوف أبناء القبيلة وبيتاً للكرم والضيافة التي تفوح منه رائحة القهوة المرة وتزيّنه دلال القهوة النحاسية”.
كما يعتبر المنزول محكمة قضائية تحلّ به كافة مشاكل أبناء القبيلة فيما بينهم أو مع باقي القبائل والعشائر، ويكون الحل حسب العرف العشائري السائد عند القبيلة.
ومن بعض عادات أبناء قبيلة الموالي التي تمسّكوا بها، لباسهم التقليدي المعروف والذي يتألف من الجلابية والشماخ والعقال، وكذلك تربيتهم للخيل الأصيلة التي تعتبر من أهم عادات القبيلة المتوارثة”.