مرأه بدوية

مبروكة خفاجى.. نموذج يحكي كيف تكون الأمهات بطلات في حياة أبنائهن

أسماء صبحي
 
مبروكة خفاجى، فلاحة مصرية أصيلة من قرية مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، تزوجت من إبراهيم عطا وكان يعمل بوسطجى، وأنجبت منه ابنها الوحيد علي إبراهيم عام 1880.
 
حياتها كانت صعبة كزوجة ثانية لرجل لدية أسرة وعائلة أخر،ى لدرجة أنه طلقها وهي حامل فى ابنها، وتحملت الكثير من أجل رعايته وتعليمه، ورغم فقرها وعدم تعليمها إلا أن إيمانها كان شديداً بأهمية التعليم ووصل ابنها إلى الابتدائية وحصل على شهادتها بنجاح باهر، فقد كان نابغة ولكن تفوقه أغرى الأب بالطمع فيه كي يساعده في عمله ويترك المدرسة.
 

قصة كفاح

لم تكتف الأم مبروكة بالرفض ولكنها قررت إبعاد ابنها عن طريق والده مهما كلفها ذلك الأمر، وفى اليوم الذى جاء الأب ليأخذه إلى الإسكندرية ليعمل معه استثماراً لذكائه، هَرّبته السيدة مبروكة ليلًا من سطح بيتها إلى سطح الجيران بعد أن أعطته كل ما بحوزتها من نقود ورسالة إلى أحد اقاربها من بعيد ويسمى السمالوطى بالقاهرة، وأمرته بسرعة التوجه لمحطة القطار.
 
وصل القاهرة وعاش الابن مع عائلة السمالوطي، والتحق بمدرسة “الخديوي القديم” الثانوية، وعاشت الأم في الإسكندرية وحيدة تعمل جاهدة فقط لتضيء حياة ابنها، وكانت ترسل له المال باستمرار، وكانت تعمل أي شيء حتى لو بائعة فقد كانت تصنع الجنبة فى البيت وتبيعها في الأسواق وعملت داية أو قابلة للسيدات بمقابل مادي.
 

نجاح الابن

برع الابن برع وأنهى دراسته الثانوية والتحق بكلية الطب، وكان مدفوعًا بالشغف لتحقيق التميز، كما كان يحفظ القرآن الكريم، وحاول تخفيف العبء على أمه فكان يرسل لها راتبًا تدفعه له الكلية بسبب تفوقه، وكان يعمل بدوام جزئي لكسب قوته و أحيانًا كان يقرأ القرآن في القبور يوم الجمعة، ويتقاضى أجرًا مقابل ذلك.
 
تخرج وأصبح طبيبًا جراحًا مشهورًا، وكان أول جراح مصري يتم تعيينه في مستشفى “قصر العيني”، حيث كان البريطانيون يحتكرون حصريًا مهنة الطب آنذاك، ويشاء القدر ووجد الدكتور إبراهيم نفسه يجري عملية جراحية للسلطان حسين كامل ليكافئه بألف جنيه ذهبية وبلقب “طبيب السلطان”، ليذيع صيته فى بر المحروسة كلها.
 

الحلم

كان حلمه هو بناء مستشفى جديد للقصر العينى ليستوعب آلام الفقراء، وكان ينظر دائما من شباك مكتبه كعميد للقصر العينى على الأرض الفضاء المقابلة للمستشفى، وتمنى أن تكون الامتداد الطبيعى للمستشفى، لكن كان يملكها الملك فؤاد، وكان من المقرر أن يتم بناء قصر ملكي عليها.
 
وفي أحد الأيام أثناء علاج الملك فؤاد، طلب منه التبرع بهذه القطعة من الأرض للمستشفى، قائلاً: “أنت لديك قصور كثيرة لكن الفقراء لايجدون مكان للعلاج فيه”، فقال له الملك: “إنت بتحرجنى يا دكتور ابراهيم”، ووافق الملك، بشرط أن يضع هو حجر الأساس لتوسيع المستشفى وبحضر افتتاحها.
 

مناصب مرموقة

ثم خصص إسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء آنذاك مليون جنيه مصري للبناء، ليصبح قصر العينى مجموعة مستشفيات عظيمة قبلة التعليم الطبي والعلاج فى مصر، وأصبح الدكتور على إبراهيم وزيراً للصحة ومديراً لجامعة القاهرة، وأسس جامعة الإسكندرية والهلال الأحمر وجمعية القرش لتشييد المصانع المصرية، كما أسس نقابة الأطباء والجمعيات الخيرية بما في ذلك جمعية إنقاذ الطفولة.
 
وكان على باشا إبراهيم وراء إصدار أول قانون لممارسة الطب في مصر، وحصل على تقدير دولي حيث تم الاستشهاد بأبحاثه المهمة في العديد من الأمراض مثل الكوليرا والبلهارسيا على مستوى العالم، وحصل على لقب “سير” من بريطانيا والذي حصل عليه فيما بعد الدكتور مجدي يعقوب من ملكة بريطانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى