قبائل و عائلات
“هونزا”.. قبيلة تمتلك الصندوق الأسود لكل أسرار الصحة والشباب
أسماء صبحي
أبناء قبيلة “هونزا” متعلمون ولكن لا يعرفون التكنولوجيا، تتجاوز أعمارهم الـ 100 عام ورغم ذلك يظلوا بكامل لياقتهم البدنية، فهم ليسوا الشيء ونقيضه ولكن حقيقتهم جعلت منهم أساطير تتمكن من تحقيق ما يعجز الإنسان الطبيعي عن تحقيقه، فهم يمتلكون الصندوق الأسود لكل أسرار الصحة والشباب.
ونصح طبيب إنجليزي يدعى “روبرت مكاريسون” العالم في إحدى محاضراته تحت عنوان ” التغذية الخاطئة ومخاطرها على الاضطرابات المعوية” عام 1921، بضرورة اتباع عاداتهم للحصول على صحة أفضل.
من هم شعب الـ “هونزا”
يعيش أفراد قبيلة “هونزا” في شمال باكستان عند جبال “كاراكورام” في وادي “هونزا”، ويبلغ تعدادهم 920 ألف نسمة، وهم يمتلكون من الأسرار ما لم يمكن أن تتخيله، فهي قبيلة لا تمرض ولا تشيب مما جعلها أكثر الشعوب المثيرة للاهتمام والاكتشاف، فسكانها جميعًا تصل أعمارهم إلى 145 عام ويظلون بلياقتهم وشبابهم ونشاطهم وصحتهم حتى أن يتموا الـ 100 عام، ومن هنا ظن الكثيرون أنهم يمتلكون سر الخلود، حتى أطلق على الوادي الذي يعيشون فيه “وادي الخالدين”.
والمثير أكثر للدهشة، أن شعب هذه القبيلة الغامضة لم يصل إليه أي من الأوبئة التي انتشرت في العالم قديمًا أو حديثًا، كما لم يمرض مطلقا أي فرد داخل القبيلة بأي من أمراض العصر المنتشرة كالسرطان والسكري والسمنة وأمراض ضغط الدم وعسر الهضم وقرحة المعدة والإثني عشر أو حتى التهاب الزائدة الدودية وأمراض التهابات القولون، حتى أن نساء القبيلة دون غيرهن يتمتعن بصحة تسمح لهن بالحمل والولادة حتى سن الـ 70.
نظامها الغذائي
ونظرًا لأنهم الشعب الأكثر إثارة للاستكشاف لما يمتلكونه من صفات لا يمتلكها أي شعب آخر، اهتم العلماء بدراستهم في محاولة منهم لكشف أسرارهم وحل ألغازهم.
وأرجع العلماء السر وراء الشباب الدائم لأفراد القبيلة إلى عدة أسباب على رأسها عاداتهم الغذائية، فنظامهم الغذائي والذي يتركز بشكل أساسي على تناول وجبتين فقط خلال اليوم، يقوم على أكل الخضراوات النية والفواكه كما تجد المكسرات مكان رئيسي على مائدة طعامهم، فهم يهتمون بتناول المشمش المجفف واللوز والبندق حتى أنهم يستخدمون الزيوت المستخلصة منها.
كما يعتبر الحليب والبيض والجبن مصدرهم الأساسي للحصول على البروتين، فهم لا يتناولون اللحوم ولا الخبز ولا الملح أو السكر، ونظرًا لانقطاعهم عن الشعوب والحضارات الأخرى فلا تصل إليهم أي وجبات معلبة أو حلوى كالشوكولاته، وفي خلال الربيع من كل عام يصوموا لمدة 7 أيام متواصلة ولا يتناولون في تلك الفترة سوى العصائر الطبيعية والمياه فقط.
نمط حياتهم
ويرى البعض أن الفضل لهذا الشباب يعود إلى امتلاك شعب القبيلة لنهج معين وأسلوب حياة يومي مختلف، فغياب التكنولوجيا أجبر سكان القبيلة على الاعتماد على الأساليب البدائية البسيطة في ممارسة حياتهم اليومية، كما جعلت من المجهود البدني الشاق أمر ضروري لاستمرار الحياة وبالتالي لا مجال للكسل الذي يهدد صحة القلب كما يتضمن نمط حياتهم المشي لمسافات من 15 إلى 20 كيلومتر يوميا.
وبجانب هذا الروتين اليومي والعمل الشاق، فإن شعب هذه القبيلة اعتاد على ممارسة رياضة اليوجا والتأمل، كما لديهم قدرة على التحمل غير عادية، فبحسب الطبيب “روبرت مكاريسون” في إحدى كتاباته عن القبيلة في جريدة الجمعية الفلكية للفنون، ذكر أن رجال القبيلة لديهم القدرة على السير في نهر جليدي بدون ملابس في أكثر ليالي الشتاء الباردة دون أن يتضرر جسدهم أو يشعروا بالضعف نتيجة اعتيادهم على الاستحمام بالماء البارد حتى في أكثر أوقات السنة برودة.
معنى كلمة “هونزا”
وما أثار مزيد من الغموض حول هذه القبيلة هو معنى اسمها فكلمة “هونزا”، حيث تعني “متحدين في جبهة كالسهام” الأمر الذي جعل البعض يربط أصول هذه القبيلة بأحد جيوش الإسكندر الأكبر وهو جيش “اليكجينت دار” الذي ضل طريقه في القرن الرابع في واحدة من الجبال الضيقة لجبال الهيمالايا التي تقع بالقرب من باكستان، وهي منطقة منعزلة عن العالم معتقدين أنهم لا زالوا في هذه المنطقة حتى الآن.
وعلى الرغم من كل هذه الألغاز التي تمتلكها هذه القبيلة وإمكانياتها التي لا تحصى، إلا أنهم شعب يعيش على معونات المنظمات الدولية فهم ليس لديهم صناعة أو تجارة معروفين بها، فمصدر رزقهم الوحيد هو المشاركة في بعض الأسواق لبيع الفاكهة والخضروات والتي لا تمنحهم الكثير من المال.
ومع كل ذلك فإن الاهتمام بالثقافة والتعليم وخاصة للفتيات والنساء تقع ضمن أولوياتهم، حيث تصل نسبة تعليم فتيات القبيلة إلى 90% وتصل نسبة المتعلمين بين أفراد الهونزا بشكل عام إلى 77%، ولذلك تجد أغلب السكان ومن هم دون سن الثلاثين يستطيعون القراءة والكتابة.