حياة البادية.. أنواع وأقسام “بيت الشعر” عند البدو
أميرة جادو
استمر البدو في الصحراء؛ في التمسك بالخيمة كمسكنًا لهم تأوي إليه الأسر في الصيف والشتاء منذ القدم، ومع الانتقال إلى الحياة في المدينة ظلت الخيمة تراثًا ثقافيًا عريقًا يتحدى بجماله المعمار الحديث ويصعب محوه من الذاكرة، فلم تكن بيوت الشعر هكذا لآلاف السنين كملاذ للبدو ومسكناً لهم يطوونها وينشرونها ويقوضونها ويهتمون بها.
فخر البادية وسط الصحراء الشاسعة
يعتبر بيت الشعر من أهم الوسائل التي ابتكرها البدو لأنفسهم بطريقة تقليدية وتقنية، تتميز بمقاومتها وتحملها لظروف البيئة الصحراوية المتغيرة وسهولة الحركة وسهولة الصيانة، لهذا جعلوها منزلهم المتنقل.
ويسمى أيضًا بيت الشعر، لأنه منسوج من صوف الماعز الأسود وصوف الأغنام وصوف الإبل، ويتم إضافة مواد أخرى ضرورية أثناء النسيج.
الوسيلة الوحيدة
البدوي الذي يعيش الصحراء والترحال، لا يمكنه أن يصنع لنفسه مسكناً دائما، لذلك فبيت الشعر هو الوسيلة الوحيدة المتاحة للأشخاص الذين يعيشون حياتهم في الترحال، فهو سهل لعملية التنقل، ويمكن طيه ونقله بسهولة، كما أنه قابل للصمود أمام هزات الطريق، ويلائم ظروف المناخ في الصحراء صيفاً وشتاءً، كما أن المواد الأولية التي يصنع منها متاحة، حيث أنها تعتمد على جز صوف الأغنام في فصل الربيع لصنع شقاق البيت والسجاجيد.
أنواع بيوت الشعر وتقسيماته
تتعدد أنواع وأسماء بيت الشعر عند البدو، فهناك الصغير والكبير، ويسمى حسب عدد الأعمدة التي يتشكل منها كل بيت من البيوت، فالبيت الصغير، وهو الذي يحتوي على عمود واحد في منتصف البيت، والأكبر قليلاً هو ما يكون في منتصفه عمودين، ومن أسماء البيوت:
- (المثولث)، فهو من يحوي ثلاثة أعمدة.
- (المربوع) ومن احتوى على أربعة أعمدة.
وهكذا، المخومس، والمسدوس، والمسوبع، والمثومن، والمتوسع، فكلما زاد عدد الأعمدة في بيت الشعر زاد حجمه، واتخذ اسمه من عدد الأعمدة المنصوبة فيه.
أقسام بيت الشعر وتكوينه
ينقسم بيت الشعر على حسب عدد السكان، ولكنه ينقسم بشكل أساسي إلى قسمين:
- كرسي الرجال أو ما يسمى “الرابعة”، المخصص للرجال والضيوف، هذا القسم مفتوح دائما، وهي أكبر دائرة في بيت الشعر.
- قسم النساء يسمى “الحرم” أو “المحرم”، ويخصص لجلسات النساء والطبخ والنوم وتربية الأطفال..عادة ما يكون مغلقاً من جميع الجهات باستثناء باب صغير للمرور منه، تفصله شَقة خاصة منسوجة بكثافة عن رابعة الرجال.
- “الرواق”، وهو المكون الرئيسي للبيت، ويصنع من نسيج من الصوف والشعر، ويحيط بالبيت من جميع جوانبه ويثبت عند أطراف سقفه.
- “الشعبة” أو “الخطفة”، تثبت في البيت وتربط بها الحبال، وعددها عشرة في البيت الواحد.
- “الواوية”، فهي قطعة من الخشب تثبت منتصف البيت لتحفظه من الانهيار، علاوة على “الأعمدة” وعددها تسعة تحيط بالبيت من جميع جوانبه.
- “البطانة”، وهي قماش يتم لحامه في طرفي البيت من الداخل لحماية السقف من رؤوس الأعمدة.
- “الغدفة”، وهي نسيج من الصوف والوبر وهي بوابة بيت الشعر.
يصنعه النساء
يعتبر بناء ونصب البيت، وكذلك تفكيكه، وصيانته. من مسئوليات المرأة البدوية، وهناك العديد من الأدوات تستخدم متعارف عليها عند أهل البادية تستخدم في صنع بيت الشعر، وهي (الصوف.. والمطرق.. والتغزالة.. والمدراء.. والمنشزة).
يستحيل أن يخلو البيت الشعر الأصيل من مجموعة من المواد التزيينية الضرورية من أجل تجميله. وعادة ما تصنعها المرأة البدوية بإتقان، مثل (الشوح.. والجواعد.. وفرش الزل.. والحنابل القديمة.. وحجاب البيت الذي توضع عليه البنادق والمحازم في الواجهة حتى يكتسب منظراً بهياً).
والجدير بالذكر، يعد بيت الشعر. من أهم مفردات الحياة البدوية القديمة. والحديثة أيضاً. فهي حتى اليوم، مع الفرق في الشكل والإمكانات حاضنة المجالس ورفيقة جلسات العشائر في البر.