قبائل و عائلات

قبيلة “ثقيف”.. سكنت مدينة الطائف وشاركت في الفتوحات الإسلامية

أسماء صبحي
“ثقيف” هي أحد أشهر القبائل العربية القديمة والعريقة. حيث تأسست في غرب شبه الجزيرة العربية، وبالتحديد في مدينة الطائف منذ عصر ما قبل الإسلام. وقدمت عدد كبير من رجالها للمشاركة في الفتوحات الإسلامية ونشر الدين الإسلامي. فكانت لهذه القبيلة مكانة عالية، وكلمة مسموعة، ومركز عظيم بين كافة البشر.
 
وقبيلة ثقيف كانت تشبه قبيلة قريش من حيث العراقة، والعظمة، وكان هناك علاقات ومصالح مشتركة بينهما. حيث كانت تتقاسم معها سلطان الحجاز. كما وقفت وساندت قبيلة هوازن في غزوة حنين ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا كان قبل دخولهم الإسلام فكانت تقريبًا من أواخر القبائل التي اعتنقت الدين الإسلامي.
 

قبيلة ثقيف والطائف

استقرت قبيلة ثقيف في مدينة الطائف وما حولها بعد رحيل ثقيف عن وادي القرى الذي كان يعيش فيه وانتقاله إلى مدينة الطائف. وعندما ذهب إلى الطائف التقى برئيسها في هذا الوقت عامر بن الظرب العدواني، وطلب منه أن يزوجه بنت من بناته.
 
وبالفعل وافق عليه الرئيس وتزوج ثقيف ابنته، وأنجبت له ثلاثة أولاد هم : عوف، ودارس، وجشم. وبعد ذلك توفت زوجته، فتزوج ثقيف أختها، وأنجب منها العديد من الأولاد. ومن هنا بدأ ثقيف في تثبيت أقدامه داخل مدينة الطائف .
 
وفي ذلك الحين، كان هناك من يحسد ثقيف على ما هو فيه. حيث فاز بأرض ثقيف وخيراتها، فقرروا غزوه لأخذ الطائف منه. وقام ثقيف في هذه اللحظة ببناء سور كبير يحيط بمدينة الطائف ليحتموا ورائه من الغزاة، وليكون حصنًا لهم من الأعداء.
 
وجاء بنو عامر ليحصلوا على نصيبهم من إنتاج الأرض كما اعتادوا. ولكن امتنعت ثقيف عن إعطائهم أي شيء فدارت بينهم المعارك والحروب. التي أظفرت بفوز ثقيف مما ساعدهم في الحصول على مدينة الطائف. وأصبحت لقبيلة ثقيف السيادة كاملة داخلها.
 
وكانت الطائف حينها مطمع للجميع، وذلك لأهميتها الزراعية فكانت أرضها أرض خير ونماء. مما جعل الحرفة الأولى والرئيسة عندهم هي حرفة الزراعة فكانت مصدر اقتصاد الطائف. وذلك لوفرة المياه بها، واعتدال مناخها، وجودة تربيتها مما جعل سر شهرتها هو إنتاج الفواكه والخضروات.
 
كما اشتهرت بينهم حرفة صناعة الجلود ودبغها إلى جانب الحدادة، والتجارة، والرعي، و تربية المواش ، والحيوانات. وكل هذه الحرف زادت من المستوى الاقتصادي الخاص بمدينة الطائف. فزادت مكانتها كما زاد وضعها بين المدن المجاورة. ومن هذه النقطة بدأت المنافسة تزيد بين مكة، وقبيلة قريش، وبين الطائف، وقبيلة ثقيف.
 

أهم ما قيل عن قبيلة ثقيف

  • روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن فلانًا أهدى إليَّ ناقة فعوضته منه ست بكرات فظل ساخطًا ولقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي “.
  • رويَّ عن الخليفة عثمان بن عفان أنه قال: “ اجعلوا المملى من هذيلٍ والكاتب من ثقيف“.
  • روى جابر بن عبدالله الأنصاري في حرب الطائف: قالوا: “ يا رسول الله أحرقتنا نبال ثقيف فادع الله عليهم “ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ”اللهم اهد ثقيفًا“.
  • كما ورد بيتًا من الشعر عن الأديب أحمد الغزاوي فقال: “ما تزال في ثقيف بقية من الذكاء الخارق والفصاحة النادرة وما أحسبهم إذا تعلموا إلا افذاذًا عباقرة”.
 

دخول قبيلة ثقيف الإسلام

كان هناك بالفعل مجموعة صغيرة من أبناء قبيلة ثقيف قد دخلوا في الإسلام، ولكن كانوا يسكنوا المدينة المنورة، أما من كانوا بالطائف من ثقيف فكانوا من غير المسلمين، ولم يدخلوا الإسلام إلا بعد غزوة حنين عام 9 هـ، فبدأت حركة الإسلام داخل قبيلة ثقيف التي كانت تعيش داخل الطائف بزيارة سيد ثقيف، وهو عروة بن مسعود الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة 8 هـ .
 
وبعد انتهاء غزوة الطائف أسلم عروة، وعاد إلى قومه ليدعوهم إلى الإسلام، وعبادة الله وحده لا شريك له، وكان يظن أن الجميع سيستجيب له ويطيعه في هذا الأمر، وذلك لأن قومه كانوا يطيعونه في كل شيء، ولا يرفضوا له طلب فكانوا يحبونه حبًا جمًا، ولكن ما حدث كان على عكس هذا بالمرة فذعروا من طلبه، ورموه بالنبل حتى قتلوه.
 
وبعد ذلك تشاوروا فيما بينهم فوجدوا أن قدرتهم لم تساعدهم لمقاتلة العرب المسلمين فقرروا أن يرسلو رجلًا منهم إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم، واختاروا عبدياليل بن عمرو، وعرضوا عليه الأمر لكنه رفض، وخشى أن يفعلوا به مثلما فعلوا مع عروة بن مسعود الثقفي، وأخبرهم بأنه لن يفعل ذلك إلا إذا أرسلوا معه رجالًا .
 
وبالفعل أرسلوا معه خمسة رجال فأصبح عددهم ستة أفراد، وعندما وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على أن يجعلهم يسمعوا آيات الله عز وجل، ويروا المسلمين وهم يصلوا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الإسلام.
 
ولكن كان لهم هناك مجموعة من الشروط للدخول في الإسلام منها : عدم هدم اللات، وترك لهم حرية شرب الخمور، والربا، وإعفائهم من أداء الصلاة، فرفض رسول الله هذه الشروط، وأصبح ليس أمامهم سوى الإسلام، وبالفعل دخلوا في الإسلام ، وطلبوا من الرسول هدم اللات لأن ثقيف لن يهدمهم بيده فقبل رسول الله، وكتب لهم كتابًا لقومهم، وقائدهم .
 
كما أوصى عليهم عثمان بن العاص الثقفي لأنه كان من رجالهم، وأحدثهم سنًا كما كان أكثرهم شغفًا لتعلم تعاليم الدين الإسلامي، والقرآن، وبالفعل أسلمت قبيلة ثقيف.
 
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فتِنوا في دينهم، وأوشكوا على الردة ، ولكن قال لهم أبي بكر: ” يا معشر ثقيف كنتم آخر الناس إسلامًا فلا تكونوا أول الناس ردة”، فاستجابوا لقول أبي بكر وثبتوا على إسلامهم وتمسكوا به كما امتنعوا عن الردة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى