” منظمة سيناء العربية” التي هزت عرش الاحتلال الإسرائيلي
تشكلت عام 1969 برعاية المخابرات الحربية المصرية
تشكلت “منظمة سيناء العربية” فى القاهرة عام 1969م، وضمت فى عناصرها أبطالاً من شبه جزيرة سيناء شمالها وجنوبها ومدن القناة (بورسعيد ، السويس، الإسماعيلية) ، وتولت المخابرات الحربية المصرية الاشراف على سير العمل بها، هدفها الاساسى إقلاق العدو، ونشر الزعر بين افراد قواتة ليدرك أنه يعيش مع رجال يكرهونه، ومع شعب يريد له الزوال.
كانت العمليات بمثابة رسائل موجهة للمخابرات الإسرائيلية ، ليعلموا أن المخابرات الحربية المصرية ، ترصد كل تحركاتهم كبيرها وصغيرها لحظة بلحظة ، وانها لن تترك لهم الأرض المحتلة ليستطيبون على ثراها، بل انها ستكون مقبرة لهم عاجلاً أو آجلاً.
توافد أبناء سيناء للانضمام للمنظمة بطرق مباشرة وغير مباشرة، كما قاموا بتكليف ذويهم داخل الأراضى المحتلة ليقوموا بجمع المعلومات عن العدو، ورصد تحركاته، وتعدى الأمر بعد ذلك للقيام بعمليات فدائية كان لها الأثر فى خلخلة الكيان الصهيونى أمام شعبة من ناحية، وأمام العالم من ناحية اخرى ، وهذا يدل على مدى شجاعة وجرأة ووطنية كل من كانوا يقومون بتلك الأعمال، وقد منح بعضهم أجهزة لاسلكى و تم تزويدهم بشفرة خاصة لم يستطع العدو فهمها على الإطلاق، فكانت الشفرة أحياناً من خلال قصيدة بدوية يلقيها بعض شعراء البادية فيفهمها من بداخل الأرض المحتلة فى سيناء، كما كانت الشفرة ايضا من خلال قطعة موسيقية تبثها إذاعة “صوت العرب” او اذاعة “الشعب”، وكان للإعلامين فى تلك الفترة من ابناء سيناء تحديدا مثل الإذاعى الشهير حلمى البلك و عطية سالم مدير مركز المعلومات بالعريش و كثيرون غيرهم ، دور رائد من خلال بث الشفرات من خلال البرامج الموجهة ، مثل برنامج “الشعب فى سيناء” ، والتى من خلالهم تم تنفيذ الغالبية من العمليات الفدائية ضد الاحتلال وكبدتهم خسائر جسيمة ، بالاضافة الى بث الرعب فى نفوس قوات الاحتلال .
كما كان لابن سيناء البطل محمد محمود اليمانى، الدور الرائد فى توجيه أغلب العمليات لمنظمة سيناء العربية، وكم من مرة دخل إلى سيناء متخفياً عبر قناة السويس و البحر المتوسط ، ولقد كان حقاً حلقة الوصل والجسر العظيم الذى يربط بين المجاهدين فى داخل سيناء، ومقر القيادة للمخابرات الحربية المصرية ، التى كان اللواء/ عادل فؤاد أحد رجالها الأفذاذ خلال تلك الفترة والذى كان يتولى التنسيق مع الفدائيين لتنفيذ العمليات والتى اغلبها اهتز له العدو الصهيونى .
لقد قامت المنظمة بتوجيه العمليات بوساطة أبناء سيناء المخلصين فى كل ربوع سيناء ، ولقد أدت دوراً رائداً، ولكن النقاب لم يكشف بعد إلا عن بعض الأعمال القليلة والعظيمة التى قام بها أبناء سيناء داخل الأراضى المحتلة، وفى الجبهة، وربما قريبا سيكشف عنها النقاب ، ليرى أبناء سيناء والعالم كله بطولات أبناء الشعب المصرى على أرض سيناء، وعلى امتداد خط الجبهة من السويس والإسماعيلية وبور سعيد وبامتداد قناة السويس التى تصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط.
لقد تمثلت البطولات لأعضاء المنظمة فى نقل الشاردين من أبناء القوات المسلحة فى الصحراء عقب نكسة 1967 ، و نقل المصابين وعلاجهم ثم نقلهم إلى البر الغربى لقناة السويس، ولقد تشكلت فرق العمل طواعية ومن تلقاء نفسها فى شمال وجنوب سيناء، ضمت المشايخ والأهالى الذين كانوا يحملون الزاد والماء للجنود، وكذلك الأدلاء لإرشادهم إلى الطريق، بل ونقلهم عن طريق الإبل والجمال، كما أقامت المخابرات الحربية المصرية مركزاً للإعاشة والتجمع فى منطقة بئر العبد وذلك من أجل نقل الجنود عبر لنشات الملاحات إلى بورسعيد ومن ثم الى القاهرة ، وامتد مركز التجمع والإعاشة هذا من قرية مصفق شرقاً إلى منطقة جلبانة غرباً، وقد تم تحديد هذا الموقع تحديد ليكون مقرا لمركز التجمع والاعاشة نظراً لوجود كثافة كبيرة من أحواض النخيل فى هذه المنطقة تساعد فى التمويه واخفاء الجنود، وكان من أبرز رجال هذا المركز المرحوم مسعد سعيد – شهرته العبد- من قبيلة المساعيد، والمرحوم/ عبد العزيز أبو مرزوقة عمدة قبيلة البياضية ، كما شاركت النساء مع الأطفال وراعيات الغنم فى تقديم العون للجنود، ووصف الطرق والمسالك، وتقديم الماء وألبان الماعز، كما سيًّروا قطعان الغنم خلفهم لتخفى تتبع آثارهم من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي ، كذلك قام أبناء سيناء بإخفاء الجنود فى منازلهم .
وكان لاعضاء المنظمة دور وطنى فى اخفاء مبلغ ( ثلاثمائة ألف جنيه مصرى) كانت فى رصيد خزينة بنك الإسكندرية فرع العريش ، وذلك لاخفائها من أيدى السلطات الإسرائيلية التى كانت تنهب البنوك والشركات ، هذا المبلغ ساعد فى صمود أبناء سيناء والموظفين بصفة عامة بعد انقطاع رواتبهم ومصادر زراعاتهم،
نجح اعضاء المنظمة فى تدمير المعدات العسكرية المصرية السليمة ، التى تركها جنودنا المسلحين حتى لا يستعملها العدو ضد الجيش المصرى ، كما قام الأهالى والعاملين بالسجل المدنى بالتعاون مع اعضاء المنظمة بجمع البطاقات العائلية والشخصية ، وقاموا بوضع صور رجال القوات المسلحة المصرية على بيانات اصحاب البطاقات من الاهالى حتى يتمكن افراد الجيش المصرى الذين تم حصارهم داخل المدينة من استخدامها الخروج بدلاً من بطاقاتهم العسكرية ، وذلك لإيهام جيش الاحتلال بأنهم مواطنين وليسوا من الجنود أو الضباط حتى لا يتم القبض عليهم وبذلك تمكن الكثير من افراد الجيش المصرى من الخروج الامن من الحصار والعودة للقاهرة ، كما قام الأهالى أثناء فترة حرب الاستنزاف بالمساعدة فى جمع المعلومات عن مواقع العدو وإرسالها لمنظمة سيناء العربية عن طريق المكلفين من أجهزة المخابرات الحربية المصرية، كما تشكلت شبكات استخبارية لجمع المعلومات عن مواقع صفوف العدو، وكان كافة أفراد هذه الشبكات من أبناء سيناء، وتم القبض على العديد منهم، وتم إيداعهم داخل السجون الاسرائيلية ، وكم لاقوا من صنوف العذاب والتنكيل والكى بالنار، والصعق بالكهرباء إلا أنهم كانوا صبورين، مؤمنين بالله وبالحرية للأوطان. ومن العمليات الكبرى لاهالى سيناء ومنظمة سيناء العربية عملية تدمير مبنى المخابرات العسكرية الإسرائيلية بمدينة العريش، و قطع خطوط المواصلات على جنود الاحتلال ، واختطاف الجنود الإسرائيليين كأسرى ونقلهم إلى البر الغربى، و الاستيلاء على أسلحة العدو .
هذا جزء بسيط عن تاريخ تلك المنظمة التى اربكت العدو الاسرائيلى وزرعت الرعب فى نفوس افراد قواتة ، رحم الله شهدائها ، واطال الله فى عمر من هم على قيد الحياة الذين هم تاج على رؤس الجميع فلولاهم ما عاشت مصر فى حرية وازدهار واستقرار الان ، هؤلاء قاموا بدورهم حينما كانوا شبابا ، ولكن فى تلك الايام عاود الاحتلال العودة الى سيناء ولكن بشكل مختلف ، فقد انتهى عصر القوة العسكرية ولجا المحتل الى جيل تدمير الدولة من خلال ابنائها مسلوبى العقل والتفكير الذين لابد من اعادتهم لرشدهم او بترهم من وطننا ، الان حان دور شباب هذا العصر للدفاع عن تراب الوطن ، وليتخذوا من رجال منظمة سيناء العربية واهالى سيناء الذين عاونوهم قدوة لهم ونبراس يسيرون على نهجة .