كتابنا

طريق الحق

علي محمد الشرفاء يكتب..

إلى الذين يبحثون عن طريق الحقِّ المستقيم وسَط الظلام…

بعدما أحالت الروايات آيات القرآن الكريم تحت الرُكام، فضلَّلوا المسلمين وأدخلوا في عقولهم عقائد ومذاهب تودي بهم إلى الجحيم، ويُسأَلون يوم الحساب:

 

هل اتبعتم كتاب الله تشريعًا ومنهاجًا من أجل فوزكم يوم الحساب بالنعيم؟ أم سلكتم طريقًا أضعتم فيه دينكم واستدرجكم نحو المزاعم والأقاويل بعض المجرمين؟

 

ما لكم لا تقرؤون كتابَه لتعلموا عِلمَ اليقين أنَّ الرحيم يدعوكم لعَيشِ الآمنين رحمةً وعدلًا وسلامًا للمؤمنين، فاتخذتم كتاب الله خلفَ ظهوركم وهجرتم قرآنه وكنتم به مكذبين، وأبدلتموه بالرُواة باسم الحديث تارةً وباسم المُحدِّثين.

 

تواترت أقوالهم على مرِّ السنين يقودهم شيطانهم ليصرفوا الناس عن كتابه المبين، يُحرِّضونكم على قتْل البريء وينشرون بينكم حقدًا دفينًا لتسلكوا طريقهم ويسوقكم إلى الجحيم.

 

يدعونكم لتستبيحوا حقَّ الآمنين، تحتلون أرضهم وتسرقون قوتهم، وتنهبون أموالهم وتسفكون دماءهم غير نادمين، ثم ينسبون إجرامهم وأقوالهم إلى الرسول كاذبين.

 

كيف مَن ينادي بالسلام ومَن يدعو المؤمنين للتعاون والوئام، ومَن ينادي قومَه بالرحمة والرأفة ودعوة الناس للحُسنى بالقول والعمل، فهل يُعقَل أن يُنسَب لنبي الرحمة والسلام الدعوة لقتْل الأبرياء وتشريد المساكين ونشْر الخوف والذُعر بين الآمنين؟!

 

كيف يدعوهم لارتكاب المعصية مُحرِّضًا قومه ليسلكوا طريقهم إلى الجحيم بفعلهم للمُنكرات وارتكاب المُحرمات، والله أرسل الرسول أن يقول ما قاله رب العالمين للناس يبلِّغ العباد: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 77)

 

أخاطب أيضًا الذين افتروا على الله زورًا وبُهتانًا، وبدَّلوا آياته من دعوةِ الرحمة للناس كلهم إلى نشْر الكراهية والفِتن، وحينما يناديهم ربهم سبحانه بقوله: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ) ( النساء: ٦١)

 

وقال سبحانه: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) (المائدة: ١٠٤)

 

وقال سبحانه: (وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعرَضَ عَنها وَنَسِيَ ما قَدَّمَت يَداهُ إِنّا جَعَلنا عَلى قُلوبِهِم أَكِنَّةً أَن يَفقَهوهُ وَفي آذانِهِم وَقرًا وَإِن تَدعُهُم إِلَى الهُدى فَلَن يَهتَدوا إِذًا أَبَدًا ) (الكهف: ٥٧)

 

وإذا سألهم ربهم بقوله:( أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ) (المؤمنون : ١٠٥)

 

فكان ردُّهم على ربهم: (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ) (المؤمنون :106 )

 

أولئك المُفسِّرون وشيوخ الدين وغيرهم من أئمة المذاهب الذين فرَّقوا المسلمين إلى فرق وطوائف وجماعاتٍ متقاتلين، وناقلي الروايات المحرَّفة والمزوَّرة، اشتركوا مع المجرمين وافتروا على اللهِ ورسولِه، وهم يعلمون أنَّ الرسول مُكَلَّف من ربه بتبليغ كتابه للناس أجمعين، موضحًا مسؤوليته بقوله سبحانه: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) ( النور: ٥٤)

 

فكيف يَعصي الرسولُ ربَّه، ويختلق من عنده منهجًا يُخالف به حديث ربِّ العالمين؟

أين العقول والضمائر التي أماتتها رواياتُ الشياطين، وتشرَّب السموم منها أكثر المسلمين؟

 

هم الذين يأمرون بالفحشاء والمنكر وقتْل الأبرياء ونشْر الفتن وإعلاء خطاب الكراهية بين الناس، بالرغم من تحذير الله تعالى لهم بقوله سبحانه:

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (النور: ٢١)

 

وتعني هذه الآية أنَّ الذين يأمرون بالفحشاء والمنكر إنما يتَّبعُون خطواتِ الشيطان الذي سيؤدى بهم إلى نار جهنم وبئس المصير، فنقرأ في الكتاب الحكيم تبيانَ الله لرسوله إعراض تابعي أحاديث أهل القبور عن كتابه المبين في قوله تعالى: (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن ولوا على أدبارهم نفورا ) الإسراء (46).

 

وأضاف الله سبحانه في وصفهم بقوله تعالى: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ) (الزمر : 45).

 

يُبيّن الله لرسوله الذين اتّبعوا بعض العباد ورفعوهم تقديسًا وتكريمًا مُصدِّقين قولهم وما يُعرضونه للناس من وعودٍ بالجنة وحورِ العِين، فآمنوا بهم ونسوا أنَّ الله سبحانه هو مالكُ الملك في كونه والحاكم المُطلق في الدنيا والآخرة، فقد جعل الدنيا دار امتحان والآخرة دار القرار، وظهور نتائج الإنسان لن يكون بالغشِّ والشفاعة والعواطف ولا تبديلا لنتيجة الامتحان.

 

فأصبحوا يوقِّرون المشايخ ومن أسمَوهم بالعلماء لأنهم يُخاطبون عواطفهم ولا يُخاطبون العقول، وطبيعة الإنسان يتّبع من يُيسر له مُراده بأرخصِ الأثمان، ولذلك يستبشرون إذا ذكَر الناسُ “ابن تيمية“ و“البخاري“ وغيرهم من الذين نصَّبوا أنفسهم أوصياءَ على رسالة الإسلام، فاندمجت شخصياتهم مع رسالة الإسلام، حتى أصبحوا همُ الدين ومن يُعارض فِكرَهم يُعارض الإسلام، لذا فهو كافرٌ أو مُلحدٌ وهو من أعداء الدين.

 

هكذا صوَّروا للناس أشخاصهم وزوَّروا عليهم بأنَّ عندهم مفاتيح التوبةِ وصكوك الغفران. سيُدخلون من يسير وِفقَ نهجهم دار النعيم ومن يُعارض فِكرَهم مآله نار الجحيم.

 

أولئك همُ الذين غرَّروا بالمسلمين ليصرِفوهم عن كتابه وليهجروا قرآنه الكريم، حين يشتكي الرسولُ قومَه لله سبحانه: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا )- الفرقان:(30).

 

فالله سبحانه وتعالى يُبيّن لنا منذ أكثر مِن أربعة عشر قرنًا بأنَّ المسلمين سيهجرون القرآن وآياته، وسيتَّبعون أعوان الشيطان ورواياته وما نسبوه من إشاعاتٍ وأكاذيب وأقاويل على الله ورسوله، ليتحكَّموا في العقول ويسيطروا على الذين يتّبعونهم، فاختلقوا مذاهب ومراجع ففرَّقوا دينهم طوائف وأحزابًا والله سبحانه حذَّر المؤمنين منهم بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) الأنعام (159) .

 

ووصفَهم الله سبحانه بالمشركين حينما قال: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) الروم (31-32).

 

ومن رحمة الله تعالى بالمسلمين أنَّه يُحّذرهم من الذين يدَّعون أنهم يعلمون عِلمَ اليقين، إنما هي أوهامٌ تراودهم في أحلامهم، وأنهم مُكلَّفون من ربهم ليرشدوا المسلمين للطريق المستقيم. استغفلوا الناس بأقوالهم وضيَّعوا عليهم دينهم، وحرَّضوهم على الفِتن وزرْع الخوف وترويع أبناء الوطن والآمنين.

 

فكم شجَّعوا الناس على سفْكِ الدماء ليدفعوا الثمن، لأنهم لم يؤمنوا بقولهم وكذبهم، يسوقون أتباعهم مثل الغنم بلا ضميرٍ ولا خوفٍ من الباري، عندما يأتي يوم الحساب حينها سيكثر الحزن، ولن يفيدهم عضُّ الأنامل بالندم ولا شفاعةٌ تخفف عنهم بعض العذاب في المِحن.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى