أنساب

الكشف عن أصل الخيول الحديثة

الكشف عن أصل الخيول الحديثة

يُظهر التحليل الجيني أن أسلاف جميع الخيول الحديثة عاشوا في سهول غرب أوراسيا منذ أكثر من 4000 عام.

 

لعبت الخيول دورًا كبيرًا في التنمية البشرية منذ قديم الأزل، من خلال إحداث ثورة في النقل والاتصالات والحرب. لكن أصول الخيول المستأنسة كانت موضع نقاش لفترة طويلة لأنه، على عكس الماشية الأخرى، من الصعب معرفة ما إذا كانت العظام وغيرها من البقايا تنتمي إلى الخيول المحلية أو الخيول البرية.

 

لتحديد الموطن الجيني للخيول الحديثة استخدم علماء الآثار عينات قديمة من الحمض حيث تم تدجين الحيوانات لأول مرة منذ نحو 4200 عام. وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Nature

 

“من المحتمل أن تكون الخيول المحلية الحديثة قد نشأت في السهوب حول نهري الفولغا والدون، التي أصبحت الآن جزءًا من روسيا، قبل أن تنتشر عبر أوراسيا، لتحل في النهاية محل جميع سلالات الخيول الموجودة مسبقًا.

 

يوضح “آلان أوترام”، عالم الآثار البيولوجية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة، وأحد مؤلفي البحث أن هذه الدراسة لغزًا هائلاً، وغيرت بشكل أساسي وجهة النظر السائدة بشأن بعض أهم الهجرات البشرية في عصور ما قبل التاريخ. ويقول المؤلف الرئيسي “لودوفيك أورلاندو”، عالم الآثار الجزيئية في جامعة بول ساباتير في فرنسا: “كان لابد من بناء العمل السابق على أدلة غير مباشرة، مثل أنماط القتل وتلف الأسنان، وآثار استهلاك حليب الحصان، والأدلة الرمزية وغيرها”.

 

تمكن الباحثون من الحصول على تسلسل الجينوم الكامل من مجموعة فرعية من نحو 270 عينة. مستخدمين التأريخ بالكربون المشع لتحديد أعمار العينات وتتبع مجموعات الخيول المختلفة قبل التدجين وأثناءه وبعده. ليجدوا أنه حتى قبل نحو 4200 عام، كان العديد من الخيول المتميزة يسكنون مناطق مختلفة من أوراسيا. يقول “أورلاندو”: “نظرًا لتمييز هذه المجموعات وراثيًا، يمكننا بعد ذلك تحديد السلالة التي توسع منها التباين الجيني الموجود في الخيول المحلية الحديثة”.

 

بحلول 2200-2000 قبل الميلاد، ظهرت هذه الخيول خارج سهول غرب أوراسيا – وصلت أولاً إلى الأناضول، ثم انتشرت عبر أوراسيا، لتحل محل جميع الخيول المحلية الأخرى بنحو 1500 إلى 1000 قبل الميلاد. يقول أورلاندو: “وجدنا أنه منذ حوالي 4200 عام، توسعت مجموعة تكاثر الخيول بشكل كبير، ما يشير إلى أن هذا حدث عندما بدأ المربون السابقون في مضاعفة هذه الخيول بأعداد كبيرة لتوفير متطلبات متزايدة للتنقل القائم على الخيول”.

ربما امتطى البشر ظهور الخيول قبل اختراع المركبات التي تجرها الخيول: ظهرت أولى العربات ذات العجلتين حوالي 2000 إلى 1800 قبل الميلاد

 

تتحدى نتائج الدراسة أيضًا الأفكار التي كانت موجودة سابقًا حول دور الخيول في بعض الهجرات البشرية المبكرة. يقول “أوترام”: “هذا يغير بشكل جذري فهمنا للحركات البشرية الجماعية من السهوب إلى أوروبا الغربية في العصر البرونزي إذ يبدو أن هذه الهجرات لم تكن، تسهلها الخيول المحلية.”

 

كما درس الفريق البحثي أيضًا المتغيرات الجينية التي أصبحت شائعة في الخيول المستأنسة الحديثة من أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد. ووجدوا أن الخيول التي تم تربيتها في الجزء القديم من روسيا قد امتلكت جينين رئيسين ميزاها عن غيرها من السلالات التي عاشت في ذلك الوقت. إذ ارتبط الجين الأول المعروف باسم جي إس دي إم سي (GSDMC)- بسلوك الخيول الطيع القابل للتدجين، بينما ارتبط الجين الثاني -والذي يعرف باسم “زد إف بي إم 1” (ZFPM1)- بمنحه الخيول عمودًا فقاريًا أقوى. الأمر الذي يفسر سبب نجاح النوع الجديد على مستوى العالم.

______

National Geographic العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى