“فيوليت مولر” حول الحركة العلمية في العصر العباسي
تقول “فيوليت مولر” حول الحركة العلمية في العصر العباسي :
” ثمة كتاب أكثر إمتاعًا بكثير وهو كتاب النديم، «الفهرست»، الذي يُلخِّصه في مقدمته فيقول: «هو فهرست لكتب جميع الشعوب، من العرب والعجم، الموجودة بلغة العرب، وكذلك لكل مخطوطاتهم، التي تتناول علومًا متنوعة، مع ترجمات لأولئك الذين ألَّفوها.» هذا الكتاب، الذي كُتب في نهاية القرن العاشر، هو مصدر رئيسي للمعلومات عن كل أنواع المعرفة، والكُتَّاب والباحثين في العالم العربي آنذاك. نشأ النديم، الذي كان ابنًا لبائع كتب بغدادي، مُحاطًا بالكتب والباحثين، وفي كتاب «الفهرست»، يرسم صورة نابضة بالحياة للبحث العلمي في العصر الذهبي.
إن كتابه الرائع هو نتاج حياة كاملة قضاها في تبادُل أطراف الحديث وفي البحث في الأوساط الفكرية لمدينته.
بحلول الوقت الذي كان فيه الباحثون يُطالِعون كتاب «الفهرست» في مَحالِّ بيع الكتب في بغداد، كانت تقريبًا المجموعة الكاملة للكتابات الخاصة بالمعارف القديمة، اليونانية والمصرية والهندية، والفارسية بالفعل قد استُعيدَت، وتُرجمَت إلى العربية ونُقِّحت نقديًّا.
وفي حين كان أوروبيون كثيرون يعيشون في ضنك ويُحاوِلون صد هجمات الفايكينج، كان العلماء في بغداد قد قاسوا مُحيط الأرض، وأحدثوا ثورة في دراسة النجوم، وطوَّروا معايير صارمة للترجمة وأساليب للممارسة العلمية، وصنعوا خريطة للعالم، وارتقوا بأساس نظامنا العددي الحديث، وحدَّدوا قواعد الجبر، وأنشئوا فروعًا جديدة في الطب، وحدَّدوا أعراض العديد من الأمراض.
وفي وقت قصير بدرجة مُدهِشة، كان العباسيون وأتباعهم قد أعادوا رسم خريطة المعرفة وجعلوا من بغداد مركزًا مهمًّا للدراسة العلمية، يغمرها وهج عصر ذهبي من الاكتشاف والتنوير.”
فيوليت مولر: مؤرِّخةٌ مستقلةٌ لها اهتمامٌ خاصٌّ بتاريخِ الأفكارِ والعِلمِ وكيفيةِ انتقالِ المعرفةِ عبرَ القُرون. حصلَت «مولر» على درجةِ الدكتوراه في «المكتبات في بريطانيا في أوائل العصر الحديث»، وحصلَت على جائزةِ جيروود من الجمعيةِ المَلَكيةِ للأدب؛ إحدى أقدمِ وأهمِّ المُنظَّماتِ الأدبيةِ في بريطانيا، عن كتابِ «خريطة المعرفة».