المزيد

“بردى والغوطة” حكاية النهر الذي روى الجمال في قلب دمشق

كتبت شيماء طه

يعد نهر بردى من أجمل معالم دمشق التاريخية والطبيعية، فهو الشريان الذي منح المدينة حياة وجمالًا منذ آلاف السنين.

ينبع بردى من جبل قاسيون ويمر عبر عدة أحياء في دمشق قبل أن يمتد إلى بساتين الغوطة المحيطة، تلك البقعة الساحرة التي كانت تُلقب “بجنة الأرض”.

رحلة النهر عبر الزمن

يبلغ طول نهر بردى حوالي 71 كيلومترًا، ويتفرع إلى سبعة أفرع رئيسية تشكل شبكة مائية معقدة كانت تسقي أراضي دمشق الخصبة منذ العصور القديمة.

سُمي النهر “بردى” نسبةً إلى برودة مياهه التي تنبع من أعالي الجبال المحيطة.

(بساتين الغوطة) الفردوس المفقود

كانت الغوطة، بفضل نهر بردى، واحدة من أخصب المناطق الزراعية وأكثرها جمالًا في المنطقة.

وإشتهرت الغوطة ببساتينها الممتدة التي زرعت فيها أشجار الفاكهة مثل المشمش، الرمان، والكرز، بالإضافة إلى الزهور التي أضفت على المكان رونقًا طبيعيًا ساحرًا.

تُعد الغوطة لوحة طبيعية شكلتها يد الإنسان والطبيعة معًا، وكانت ملاذًا للأدباء والشعراء للاستمتاع بجمالها وكتابة قصائد خالدة عنها ، أشار إليها العديد من الرحالة في كتبهم ووصفوها بأنها قطعة من الجنة.

رغم هذا التاريخ العريق، يعاني نهر بردى وبساتين الغوطة اليوم من التحديات البيئية.

التوسع العمراني، تلوث المياه، وتراجع الزراعة أدت إلى تدهور حالة النهر والبساتين المحيطة بهما.

ومع ذلك، تسعى الجهود المحلية لإعادة إحياء بردى واستعادة الغوطة كرمز للحياة والجمال.

لم يكن بردى مجرد نهر عادي، بل رمزًا عميقًا في الثقافة الشامية ، تغنى به الشعراء مثل نزار قباني الذي وصفه بأنه “الوريد الدمشقي” ، كما كان موضوعًا للعديد من الأغاني والقصص الشعبية التي تعبر عن ارتباط الدمشقيين بهويته وتاريخهم.

آمال المستقبل

مع كل ما شهده بردى والغوطة من تغيرات، يبقى الأمل في إستعادة رونقهما حاضرًا.

يمكن أن تشكل المبادرات البيئية والمجتمعية نواة لإحياء هذا التراث الطبيعي والثقافي، ليعود بردى كما كان، مصدرًا للحياة، والجمال، والإلهام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى