نسج السلال اليدوية.. فن ينقل الدفء من الصحراء إلى القلب
أسماء صبحي – أعماق الصحراء حيث يلتقي الإنسان بالقسوة والجمال في آن. تولد حرف بيدين متمرسين تتحدى بها الحياة المعاناة وتنقش بها الهوية في تفاصيل اليومية. ومن بين هذه الحرف، بزغ فن نسج السلال اليدوية بصمة بارزة في ثقافة البدو. ليس فقط كأداة تخزين وإنما كتعبير عن الاستقلالية والتضامن بين النساء في مجتمع بدوي يعايش القسوة الصحراوية.
ما هي حرفة نسج السلال البدوية؟
تعرف هذه الحرفة بصبغة عملية وحضارية في آن، إذ تقوم النساء البدويات خاصة في سلطنة عمان بنسج أنواع متعددة من السلال باستخدام أوراق النخيل المجففة. وتبدأ العملية بتقطيع الأوراق إلى شرائح رفيعة ثم تنقع لتلين، تلف وتضفر بحرفية في سلال متنوعة الأغراض: تخزين اللبن، حفظ المجوهرات والتوابل، وحمل الأغراض خلال السفر الطويل.
وتنجز هذه السلال غالبًا في أوقات الفراغ قبيل الظهر وبعدما تنهي النسوة أعمالهن اليومية. وفي المساء يتحول النسج إلى جلسة اجتماعية يتبادلن فيها الأخبار ويحكمن فيها تفاصيل حياتهن.
جذور الحرفة وأهمية الحفظ
تبرز هذه الحرفة كعقد من التاريخ والهوية؛ فهي تقوم على استثمار الطبيعة القريبة جذوع النخيل والبيئة الصحراوية المكانية في صنع أدوات يومية تخدم المجتمع البسيط ولكنها في الوقت ذاته تمثل ثراءً ثقافيًّا. ورغم أن عالم اليوم يميل إلى استخدام البلاستيك وغيرها من المواد الصناعية. إلا أن هذه السلال تبقى تعبيرًا عن الانتماء للمكان والهوية البدوية.
وتقول ليليان دونديرز، الباحثة التي عاشت ربع قرن مع قبيلة الجنيبة في منطقة رمات الشقيفة بعمان: “تعلمت فن نسج السلال من جدتي. والآن أشجع النساء على تمرير هذا الفن إلى أطفالهن حتى لا ينقرض. كل سلة ننسجها ليست مجرد أداة بل قصة نرويها للأجيال”.
وأضافت: “أعمل مع أكثر من خمسين قرية ما تصنعه النساء يبقى لديهن أو يباع. ويقسم الدخل بالتساوي بينهن لضمان الاستقلالية والعدل”.
البعد الثقافي والاجتماعي
تعبر هذه الحرفة عن أكثر من مجرد إنتاج يدوي؛ هي:
- أداة اقتصادية: دخلاً مستداماً لبعض الأسر في ظل بيئة قاسية.
- شبكة دعم اجتماعي: يجتمعن ويعملن ويتعلمن معًا ما يعزز بينهن الروابط.
- إسناد للهوية: السلة المصنوعة من الطبيعة القريبة تصبح رمزًا للانتماء.
- استدامة البيئة: استخدام مواد طبيعية قابلة للتحلل بدلاً من البلاستيك.
