حوارات و تقارير

مقبرة الخالدين حلم مصري لتخليد العظماء وصون الذاكرة الوطنية

وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإنشاء مقبرة الخالدين في موقع مناسب، لتكون صرحا وطنيا يضم رفات عظماء مصر ورموزها ممن قدموا إسهامات بارزة في رفعة الوطن وصناعة تاريخه، في خطوة تستهدف الجمع بين الاحترام العميق للرموز الوطنية والحفاظ على التراث الثقافي والإنساني للأجيال المقبلة.

قصة مقبرة الخالدين

وأكد الرئيس أن مقبرة الخالدين لن تكون مجرد مكان لدفن الرفات، بل ستضم متحفا متكاملا يضم الأعمال الفنية والأثرية الموجودة داخل المقابر الحالية، على أن يتم نقل هذه المقتنيات بعناية فائقة على أيدي متخصصين وخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن، ومقتنياتهم الخاصة، وكل ما يعكس مسيرتهم الفكرية والثقافية والوطنية.

وجاء هذا التوجيه في ظل الجدل الذي أثارته أعمال التطوير الجارية في القاهرة والمناطق المحيطة بها، والتي تهدف إلى تحديث البنية التحتية وتطوير المحاور المرورية، وهو ما أثار مخاوف لدى البعض من المساس بعدد من المقابر التاريخية، وأشعل نقاشا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي حول سبل التوفيق بين التطوير العمراني والحفاظ على التراث.

وفي هذا السياق، أكد كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية مجدي شاكر أن مشروع مقبرة الخالدين يجب أن يراعي مجموعة من الاشتراطات الأساسية، في مقدمتها نقل العنصر المعماري للمقبرة مع الرفات، بحيث تتحول المدينة الجديدة إلى فضاء ثقافي متكامل، لا يقتصر على الجانب الجنائزي فقط، بل يعكس قيمة الشخصيات المدفونة ودورها في التاريخ المصري.

وأوضح شاكر أن مصر سبق لها تنفيذ تجارب مماثلة في ستينات القرن الماضي، عندما تم نقل ما يقرب من ستة عشر معبدا بكل ما تحتويه من عناصر معمارية ومقابر تاريخية، وهو ما يؤكد قدرة الدولة المصرية على تنفيذ مثل هذه المشروعات الكبرى وفق معايير علمية دقيقة.

وأشار إلى أن عددا من الدول، مثل اليونان وفرنسا، تمتلك مدنا ومواقع مشابهة، واستطاعت توظيفها بنجاح في الترويج السياحي والثقافي، مؤكدا أهمية الاستفادة من هذه التجارب الدولية، وتطويعها بما يتناسب مع الخصوصية الحضارية المصرية.

وأضاف الخبير الأثري أنه يتمنى أن يضم مشروع مقبرة الخالدين مسرحا ومكتبة كبيرة لأعمال هذه الرموز، إلى جانب إعادة تشكيل الفترات التاريخية التي عاشوا فيها باستخدام تقنيات تكنولوجية حديثة، بما يسمح للزوار بفهم السياق الزمني والفكري لكل شخصية، مشددا على ضرورة نقل المقابر بنفس عناصرها المعمارية الأصلية، وعدم الاعتماد على إنشاء مبان جديدة تفقد المكان قيمته التاريخية.

كما شدد شاكر على أهمية الحفاظ على نفس ترتيب المقابر الموجود حاليا، وألا تكون المدينة الجديدة بعيدة عن القاهرة، مؤكدا أن وجود متحف داخل هذا المشروع أمر بالغ الأهمية، على أن يضم مقتنيات يقدمها ذوو المتوفين، ليصبح المكان مدينة ثقافية متكاملة تعكس تاريخ مصر الحديث والمعاصر.

وأوضح أن نقل سبعين بالمئة من العناصر المعمارية للمقابر سيكون إنجازا رائعا ومميزا، لافتا إلى أن هناك وسائل حديثة ومتطورة تتيح تنفيذ ذلك بدقة عالية، كما اعتبر أن محافظة الجيزة من أكثر المواقع ملاءمة لإنشاء هذه المدينة، نظرا لكونها في مصر القديمة منطقة مرتبطة بعالم الموتى والطقوس الجنائزية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى