أسرار 3 برديات كشفت عالم السحر عند المصريين القدماء.. تعرف عليها

أميرة جادو
لم يكن السحر في مصر القديمة مجرد طقس غامض أو ممارسة سرية، بل كان جزءًا أساسيًا من رؤية المصري للعالم، ومن طريقة فهمه للخوف والمرض والحماية، وقد حفظت لنا المتاحف حول العالم برديات نادرة تكشف كيف استخدم المصريون الكلمة والرمز والصورة لحماية أرواحهم وأجسادهم، وتوثق جانبًا فريدًا من تاريخ يربط بين المعتقد والعلم والأسطورة.
برديات السحر عند الفراعنة
وتبرز ثلاث برديات تعتبر من أهم مصادر دراسة السحر المصري: بردية وستكار، بردية ليدن السحرية، وبردية هاريس السحرية.
بردية وستكار… حكايات المعجزة والنبؤة
توجد بردية وستكار في متحف برلين، وتعود إلى الدولة الوسطى، وتعتبر من أكثر النصوص إثارة في التراث المصري، فهي نص حكائي يضم أربع قصص يرويها أبناء الملك خوفو لوالدهم، وكل قصة تتضمن معجزة خارقة يشارك فيها ساحر أو كاهن يمتلك قدرة على التحكم في الطبيعة.
من أشهر قصصها:
- الكاهن دجدي الذي يعيد الحيوانات إلى الحياة بتعاويذ سرية.
- قصة المرأة التي حملت من إله الشمس رع لتلد ثلاثة ملوك سيحكمون مصر مستقبلًا، في مشهد يمزج بين الأسطورة والسياسة.
- تمثال الشمع الذي يعود إلى الحركة بأمر الساحر، كأنه تأكيد بأن الكلمة قادرة على إحياء الجماد.
- وتكشف هذه البردية مكانة الساحر في المجتمع المصري؛ فهو ليس دجالًا بل شخصية قريبة من القصر، جزء من المؤسسة الدينية، ورمز لإيمان المصري بأن المعجزة جزء من نسيج الحياة اليومية، وليست استثناءً.
بردية ليدن السحرية… كتالوج التعاويذ اليومية
توجد بردية ليدن في متحف ليدن بهولندا، وتعود للعصر المتأخر في القرن الثاني قبل الميلاد تقريبًا، وقد كتبت باللغة الديموطقية.
كما تعتبر من أهم الوثائق السحرية، لأنها لا تعرض نصوصًا منفصلة، بل مجموعة كبيرة من التعاويذ التي استُخدمت في الحياة اليومية
ومن أبرز ما تقدمه:
- تعاويذ للحماية من الأرواح المؤذية.
- رقى لعلاج الأمراض النفسية والجسدية.
- وصفات سحرية للعلاقات العاطفية.
- أدعية تستحضر آلهة مصرية مثل إيزيس وحورس، إلى جانب أسماء يونانية، في دليل على تداخل ثقافي بين مصر واليونان.
- هذه البردية تكشف أن السحر لم يكن أسطورة، بل ممارسة يومية تكتب فيها الأسماء السرية على رقائق صغيرة، وتخلط فيها المساحيق ضمن طقوس دقيقة. وتدل صياغة النصوص بإتقان على وجود “مدارس” أو “ورش” متخصصة في كتابة وتدوين السحر، تمامًا كما كان الحال في الطب والهندسة.
بردية هاريس السحرية… الطب والسحر وجهان لدواء واحد
كما توجد بردية هاريس السحرية في المتحف البريطاني، وتعود للعصر المتأخر – الأسرة 26 تقريبًا، وتمثل البردية رؤية المصري القديم للعلاج بوصفه مزيجًا من الدواء والتعويذة.
وتشمل البردية:
- وصفات علاجية قائمة على الأعشاب.
- تعاويذ لطرد الأمراض، خاصة أمراض البطن والعيون والجلد.
- نصوص للحماية من الثعابين والعقارب، وهي أخطار واقعية في بيئة النيل.
- تعاويذ لحماية النساء الحوامل والأطفال.
- وتعكس البردية مبدأً أساسيًا في الطب المصري:
- العلاج الجسدي لا ينفصل عن القوة الخفية.
- فالمرض ليس مجرد خلل عضوي، بل قد يكون فعلًا روحانيًا، ولذا كان العلاج يعتمد على الدواء والرقية معًا.



