الملكة أروى بنت أحمد الصليحي.. أول امرأة حكمت اليمن وغيرت مجرى تاريخه
أسماء صبحي– عالم كان يدار فيه الحكم بالسيوف لا بالعقول، برزت الملكة أروى بنت أحمد الصليحي كإحدى أبرز الشخصيات النسائية في التاريخ العربي والإسلامي. وتولت الحكم في اليمن في القرن الحادي عشر الميلادي، وتمكنت من بناء دولة مزدهرة سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا. لتصبح أول امرأة في التاريخ الإسلامي تحمل لقب “السيدة الحرة” وتحكم دولة كبرى من موقع القوة والحكمة في آنٍ واحد.
نشأة الملكة أروى بنت أحمد الصليحي
ولدت الملكة أروى في مدينة “جبلة” في اليمن سنة 440 هـ تقريبًا. ونشأت في كنف الدولة الصليحية التي أسسها علي بن محمد الصليحي. وكانت أروى معروفة بذكائها الحاد وفصاحتها واهتمامها بالعلم والدين حيث تلقت تعليمًا متميزًا في علوم الفقه والسياسة والإدارة. وبعد وفاة الملك علي الصليحي تولى الحكم ابنه أحمد بن علي الصليحي زوج أروى. الذي اعتمد عليها في إدارة شؤون الدولة نظراً لحنكتها وقدرتها على الحكم.
صعودها إلى الحكم
بعد وفاة زوجها الملك أحمد، تولت أروى مقاليد الحكم رسميًا باسم الدولة الصليحية لتصبح أول امرأة تحكم اليمن حكمًا فعليًا وليس رمزيًا. وكانت تملك رؤية سياسية بعيدة المدى فعملت على توحيد البلاد التي مزقتها الصراعات القبلية واهتمت بتعزيز سلطة الدولة وتوسيع نفوذها من جبلة إلى صنعاء وعدن وحضرموت.
إنجازاتها السياسية والعمرانية
استطاعت الملكة أروى أن تجعل من جبلة عاصمة مزدهرة وأطلقت فيها مشاريع عمرانية ضخمة. من أبرزها المسجد الكبير في جبلة الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم ويعد تحفة معمارية فريدة. كما أنشأت شبكات مياه وشجعت على الزراعة والتجارة فازدهر الاقتصاد اليمني في عهدها وأصبحت البلاد مركزًا تجاريًا هامًا في المنطقة.
وفي الجانب السياسي، تمكنت أروى من الحفاظ على توازن العلاقات بين القوى الداخلية والخارجية خاصة مع الدولة الفاطمية في مصر التي كانت تربطها بها علاقة قوية مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وقد لقبها الخليفة الفاطمي بـ«السيدة الحرة» تكريمًا لمكانتها.
ثقافتها ودورها الديني
كانت الملكة أروى من أكثر النساء علمًا في زمانها، حيث أحاطت نفسها بكبار العلماء والدعاة. وأسست مجالس علمية كانت تُناقش فيها قضايا الدين والسياسة. كما دعمت التعليم في المدن اليمنية وشجعت على نشر القراءة والكتابة واهتمت بدور المرأة في المجتمع. إذ كانت ترى أن المرأة قادرة على المساهمة في إدارة الدولة إن حظيت بالعلم والمعرفة.
مكانتها في التاريخ
خلّد التاريخ اسم الملكة أروى باعتبارها رمزًا للحكم العادل والعقل الواعي.وقد أجمعت كتب المؤرخين على أنها كانت نموذجًا فريدًا في القيادة النسائية في العالم الإسلامي. ولم تكن مجرد حاكمة بل مصلحة ومجددة استطاعت أن تضع بصمتها في التاريخ اليمني والعربي. ويعد عهدها من أزهى العصور التي مرّت بها اليمن من حيث الاستقرار والرخاء. واستمرت الدولة الصليحية قوية حتى بعد وفاتها بفضل المؤسسات التي أرستها.
وفاتها وإرثها
توفيت الملكة أروى بنت أحمد الصليحي سنة 532 هـ عن عمر يناهز التسعين عامًا . بعد أن تركت وراءها إرثًا حضاريًا عظيمًا لا يزال ماثلًا في آثار جبلة ومساجدها وقصورها. ويعد مسجدها الكبير من أهم المعالم التاريخية التي تحمل بصمات فترة حكمها حيث يزار إلى اليوم كأحد رموز التاريخ اليمني والإسلامي.



