المزيد

المرأة الصعيدية وزيّها التقليدي بين الحشمة والجمال في التراث المصري

 

كتبت شيماء طه

تُعد المرأة الصعيدية رمزًا للأصالة والقوة في المجتمع المصري، فهي حافظة التراث وحارسة العادات والتقاليد التي توارثها المصريون عبر الأجيال. ومن أبرز مظاهر هذا التراث زيّها التقليدي الذي يجمع بين الاحتشام والجمال، ويعكس ملامح الحياة في صعيد مصر، حيث لا تزال المرأة تحافظ على خصوصيتها الثقافية وهويتها من خلال الملابس التي ترتديها.

جذور الزي الصعيدي في التاريخ

يرجع أصل الزي الصعيدي النسائي إلى عصور مصر القديمة، إذ كانت النساء في الجنوب يرتدين ملابس فضفاضة مصنوعة من الكتان أو القطن، تتناسب مع طبيعة المناخ الحار وتسمح بحرية الحركة أثناء العمل في الحقول أو المنزل.
ومع مرور الزمن، تطورت هذه الأزياء لتأخذ شكلها المعروف اليوم الملس أو الجلابية النسائية الطويلة، التي تغطي الجسد بالكامل وتُزيَّن بخيوط مطرزة وألوان زاهية تعكس ذوق المرأة الصعيدية الرفيع.

كما حافظت المرأة الصعيدية على ارتداء الألوان الداكنة في حياتها اليومية، مثل الأسود والأزرق الغامق، بينما تختار الألوان الفاتحة والزاهية للمناسبات والأفراح، ما يعكس ارتباط الألوان بالعادات الاجتماعية.

مكونات الزي التقليدي للمرأة الصعيدية

يتكوّن الزي الصعيدي للنساء من عدة قطع أساسية، أبرزها:

1. الملس أو الجلابية: وهي الثوب الرئيسي الطويل الواسع الذي يُخاط عادة من القطن أو الكتان.

2. الطرحة أو الخمار: قطعة قماش تغطي الرأس والكتفين، وغالبًا ما تكون سوداء اللون في القرى، بينما تُستبدل بألوان زاهية في المناسبات.

3. الحزام (الشال): يُربط حول الخصر لإبراز أناقة المرأة، ويكون أحيانًا مطرزًا بخيوط ذهبية أو فضية.

4. الحُلي الفضية: مثل الخواتم والعقود الكبيرة والأساور، وهي جزء أصيل من الزينة الصعيدية التقليدية، وغالبًا ما تُورَّث من الأمهات للبنات.

هذا الزي لا يقتصر على المظهر فقط، بل يحمل رموزًا اجتماعية وثقافية تعبّر عن مكانة المرأة وعمرها وحالتها الاجتماعية.

الزي في المناسبات والأعياد

في المناسبات الخاصة مثل الأعراس والمواسم الدينية، تتحول الجلابية البسيطة إلى لوحة فنية مطرزة بخيوط ملونة، وتضع النساء الأوشحة المطرزة والعقود الفضية.
أما في الموالد والاحتفالات الشعبية، فتُظهر النساء زينتهن الراقية، حيث يجتمع الجمال الطبيعي مع الزي التراثي في مشهد يجسد الأنوثة المصرية الأصيلة.

كما أن المرأة الصعيدية تحرص على أن يكون زيها متناسقًا مع عادات الحياء والوقار، وهو ما جعل ملابسها تحظى بالاحترام في جميع أنحاء مصر.

رمزية المرأة الصعيدية في الثقافة المصرية

تُمثل المرأة الصعيدية نموذجًا للمرأة المصرية القوية والمكافحة، فهي الأم والزوجة والمنتجة، وفي الوقت نفسه رمز للجمال الهادئ والاعتزاز بالنفس.
زيها التقليدي لم يكن مجرد لباس، بل علامة على الانتماء، وجسر يربطها بجذور الماضي وذكريات الأجداد.

 

حتى اليوم، لا تزال المرأة الصعيدية تحافظ على هذا الزي في الريف والقرى، رغم انتشار الأزياء الحديثة، لتؤكد أن الأصالة لا تتعارض مع التطور، بل تكمله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى