قبيلة بكر بن وائل.. سادة ربيعة وفرسان العرب عبر العصور
أسماء صبحي – مسيرة التاريخ العربي الممتدة منذ الجاهلية وحتى صدر الإسلام، برزت قبائل عديدة كان لها بصمة واضحة في صياغة الأحداث والتحولات الكبرى. ومن بين هذه القبائل العريقة تأتي قبيلة بكر بن وائل إحدى أكبر قبائل ربيعة العدنانية وأكثرها تأثيرًا في الميادين السياسية والعسكرية والاجتماعية. وعرفت بقوتها، بكثرة فروعها، وبسيرتها التي نسجت أساطير الفروسية والبطولات..فكانت طرفًا في الحروب الكبرى وحليفًا بارزًا في معارك المصير ومنبعًا لأعلام تركوا أثرًا خالدًا في الثقافة العربية.
جذور قبيلة بكر بن وائل
تنتمي بكر بن وائل إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وهي بذلك من القبائل العدنانية التي حافظت على حضورها الممتد في الجزيرة العربية وما حولها. وقد ارتبط اسمها دومًا بأبناء عمومتها من تغلب بن وائل حيث شكل الاثنان جناحين أساسيين لقبائل ربيعة. ومع مرور الوقت انتشرت بطون بكر في مناطق واسعة شملت نجد والبحرين والأحواز والجزيرة الفراتية. وصولًا إلى العراق وبلاد الشام.
بكر وتغلب وحرب البسوس
لا يمكن الحديث عن قبيلة بكر بن وائل دون التطرق إلى حرب البسوس، تلك الحرب الطويلة التي اندلعت بينها وبين أبناء عمومتها من تغلب. واستمرت هذه الحرب حوالي أربعين عامًا وكانت واحدة من أطول وأشرس الحروب القبلية في الجاهلية.
بدأت شرارتها بسبب مقتل جمل لامرأة تدعى البسوس بنت منقذ ليتحول الخلاف البسيط إلى نزاع دموي شامل بين بكر وتغلب. وخلال هذه الحرب برزت أسماء شعراء وفرسان مثل كليب والزير سالم (المهلهل بن ربيعة)، الذين دخلوا التاريخ كرموز للفروسية والثأر.
معركة ذي قار
من أبرز المحطات في تاريخ بكر بن وائل كانت مشاركتها في معركة ذي قار التي وقعت بين العرب والفرس قبل الإسلام بقليل. وتعد هذه المعركة نقطة تحول في التاريخ العربي، إذ شهدت أول انتصار حقيقي للعرب على قوة عظمى كالإمبراطورية الفارسية. ولعب فرسان بكر دورًا حاسمًا في قلب موازين المعركة، وخلدوا أسماءهم في الذاكرة العربية باعتبارهم من دافعوا عن الكرامة والسيادة العربية في وجه الغزاة.
بكر في صدر الإسلام
مع بزوغ فجر الإسلام، لم تكن قبيلة بكر بعيدة عن الأحداث الكبرى. فقد أسلم الكثير من رجالها وشاركوا في الفتوحات الإسلامية خصوصًا في العراق وفارس. وكان لهم دور مهم في معركة القادسية التي فتحت الطريق أمام المسلمين للسيطرة على الإمبراطورية الفارسية.
كما تفرعت بطون بكر في مناطق مختلفة مثل البصرة والأهواز والجزيرة. وساهم أبناؤها في تأسيس مدن جديدة، وفي نشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية.
فروع القبيلة وانتشارها
تضم بكر بن وائل عددًا من البطون الكبيرة التي لعبت أدوارًا متنوعة في التاريخ. ومن أبرزها:
- بنو شيبان: الذين عرفوا بالشجاعة والقيادة، وكان منهم المثنى بن حارثة الشيباني، أحد قادة الفتوحات الإسلامية في العراق.
- بنو عجل: الذين سكنوا العراق وكان لهم دور بارز في الحياة السياسية هناك.
- بنو حنيفة: الذين استقروا في اليمامة واشتهروا بزراعتهم وقوتهم الاقتصادية.
أعلام من بكر بن وائل
قدمت بكر بن وائل شخصيات بارزة في مجالات متعددة:
- المثنى بن حارثة الشيباني: قائد عسكري مسلم واجه الفرس وألحق بهم الهزائم.
- الفرزدق: الشاعر الأموي الشهير، واسمه همام بن غالب التميمي من ربيعة، وكان لسان حال القبيلة في العصر الأموي.
- الحوفزان البكري: شاعر وفارس جاهلي عُرف بالفصاحة والشجاعة.



