تاريخ ومزارات

معاهدة الندامة في الأندلس.. كيف باع يوسف بن المول غرناطة لملك قشتالة؟

شهدت الأندلس في مثل هذا اليوم 16 سبتمبر عام 1431م، محطة مأساوية من تاريخها، عندما أجبر المسلمون على توقيع معاهدة وصفتها المصادر بـ”معاهدة ذل”، بين يوسف بن المول الذي تسلم حكم غرناطة بعد إطاحته بابن عمه “الأيسر”، وبين خوان الثاني ملك قشتالة، لم تكن هذه مجرد اتفاقية سياسية عابرة، بل خطوة فاصلة سرعت بنهاية الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية.

صراع على العرش

بدأت الأحداث بمؤامرة لإزاحة السلطان “أبي عبد الله محمد التاسع” الملقب بالأيسر، بعد تراجع نفوذه وتصاعد الخصومات الداخلية ضده. وهنا ظهر يوسف بن المول، باحثاً عن السلطة، فلجأ إلى ملك قشتالة طالباً دعمه العسكري مقابل ولاء كامل وخضوع مطلق، ليتمكن من اعتلاء عرش غرناطة.

نصوص معاهدة الندامة

والجدير بالإشارة أن المعاهدة وقعت في 7 محرم 835هـ (16 سبتمبر 1431م)، ونصت على شروط مهينة، أبرزها:

  • اعتراف يوسف بأنه تابع وخادم لملك قشتالة.
  • دفع جزية سنوية مقدارها عشرون ألف دينار ذهبي.
  • إطلاق سراح الأسرى النصارى.
  • الالتزام بخوض الحروب وفق مصالح قشتالة.

وفي المقابل، ضمن خوان الثاني بقاء يوسف على العرش، ودعمه ضد خصومه سواء من المسلمين أو حتى من القوى المسيحية الأخرى.

دخول غرناطة بمساندة النصارى

لم تمر أيام قليلة حتى تحركت القوات القشتالية لمساندة يوسف في معركته ضد الأيسر، لتنتهي بهزيمة الأخير، ويدخل يوسف غرناطة مدعوماً بجيش النصارى.

وبعد استقرار حكمه، سارع إلى تجديد المعاهدة ليؤكد تبعيته لملك قشتالة، لتتحول غرناطة – آخر معاقل الإسلام في الأندلس – إلى إمارة خاضعة تدفع الجزية وتنفذ ما يُفرض عليها.

بداية النهاية

ولم تكن هذه المعاهدة مجرد اتفاقية سياسية، بل لحظة كسرت هيبة الحكم الإسلامي ورسخت الانقسام بين أبناء البيت النصري.

وقد استغلت قشتالة هذا الانقسام لتحقيق هدفها الاستراتيجي: القضاء على الوجود الإسلامي في الأندلس. وبعد عقود قليلة، تحقق ذلك بسقوط غرناطة عام 1492م، لتنتهي سبعة قرون من الحضارة الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبيرية.

انكسار الداخل قبل السقوط

والجدير بالذكر أن التاريخ سجل معاهدة يوسف بن المول مع خوان الثاني كرمز للانكسار الداخلي، حيث لم يسقط المسلمون أمام قوة السلاح وحده، بل بسبب صراعاتهم الداخلية وتحالف بعضهم مع أعدائهم ضد إخوانهم، لتكون هذه اللحظة بداية النهاية للأندلس الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى