تاريخ ومزارات

الدين في مصر القديمة.. أساطير صنعت حياة

 

كتبت شيماء طه

الديانة في مصر القديمة كانت العمود الفقري الذي استندت إليه الحياة اليومية، فلم يكن هناك فصل بين الدين والسياسة أو بين المعبد والمجتمع ، كل ما فعله المصري القديم كان مرتبطًا بإرادة الآلهة ورضاهم، من الزراعة والحصاد إلى الحرب والتجارة وحتى الموت.

آمن المصريون بتعدد الآلهة، ولكل إله مجال ودور ، رع إله الشمس، وحابي إله النيل، وأوزوريس إله البعث والعدالة، وإيزيس إلهة الأمومة والسحر. هذا التعدد لم يخلق تناقضًا، بل منح حياة المصري القديم تنوعًا ومرونة. الفلاح كان يلجأ إلى حابي ليمنحه فيضانًا كافيًا، والجندي يستمد قوته من حورس، والتاجر يطلب بركة الإله خنوم.

ومن أبرز ما يميز الديانة المصرية فكرة الخلود. فالموت لم يكن نهاية، بل بداية لرحلة جديدة في العالم الآخر ، هناك يخضع المتوفى لمحاكمة أوزوريس، حيث توزن روحه في ميزان الحق، فإذا كانت نقية دخل جنة أبدية، وإذا كانت مثقلة بالشر تُفترس من قبل وحش مخيف ، هذه العقيدة ولّدت تقاليد التحنيط وتجهيز المقابر بالأثاث والطعام والتماثيل، اعتقادًا بأن الروح ستحتاجها في رحلتها.

المعابد لعبت دورًا محوريًا في المجتمع. فهي ليست مكانًا للعبادة فقط، بل مركزًا اقتصاديًا وسياسيًا. الكهنة كانوا يديرون أراضي واسعة ويشرفون على التعليم والطب، ما جعلهم قوة مؤثرة بجوار السلطة الملكية. أحيانًا تنافست سلطة الكهنة مع سلطة الفراعنة، مما يعكس أهمية الدين كعنصر سياسي بجانب كونه روحانيًا.

الطقوس الدينية أيضًا تنوعت بين المهرجانات الشعبية التي يشارك فيها عامة الناس، مثل احتفالات أوزوريس وإيزيس، والطقوس المغلقة التي لا يشهدها إلا الكهنة داخل قدس الأقداس. هذه الطقوس ربطت بين العالم الأرضي والعالم السماوي، وجعلت المصري يشعر أن حياته جزء من نظام كوني عادل ودائم.

بفضل هذه العقائد الراسخة، عاش المصري القديم حياة يغلب عليها النظام والطمأنينة ، الدين لم يكن فقط تفسيرًا لما لا يُفهم، بل كان نظامًا أخلاقيًا واجتماعيًا رسّخ العدالة والصدق، وهو ما انعكس على سلوك الأفراد واستقرار الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى