«نقطة عيون موسى الحصينة»..هنا كسر الأبطال شوكة الاحتلال
كانت مصممة ضد الاختراق والقصف والقوات المسلحة حررتها وحولتها لمتحف يحكي هزيمة إسرائيل

محمود حسن الشوربجي
على مقربة من منطقة «عيون موسى» الشهيرة على بعد 30 كم من مدينة السويس الباسلة، يقع متحف «النقطة الحصينة» التاريخي، الذي يمثل أحد المواقع التي أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي على طول خط قناة السويس، أثناء فترة الاحتلال، واقتحمته القوات المصرية خلال حرب أكتوبر المجيدة.
وتتميز المنطقة الواقع فيها المتحف بأهمية دينية من الأساس، كونها مر بها سيدنا موسى عليه السلام، وتوجد وسط الجبال وتحيطها أراضٍ صحراوية، وشهدت إحدى المعارك الباسلة للجيش المصري في أكتوبر 1973 حتى تم استردادها بشكل كامل.

ويعد متحف «النقطة الحصينة» من أهم المزارات السياحية الحربية في مصر، ويستقبل رحلات وزوارًا مصريين وأجانب، ممن يحرصون على التقاط الصور، خاصة (السيلفى)، مع مجسمات للقادة الإسرائيليين بزيهم العسكري، ومع المدافع والأسلحة التي تم الاستيلاء عليها منهم.
ويرجع تاريخ المنطقة إلى نبي الله موسى عليه السلام عند خروجه من أرض مصر ماراً بهذه المنطقة، لذا نُسب اسم المزار إليها لأهميتها دينياً وتاريخياً وعسكرياً، وعُرف المزار أيضاً بـ «متحف النقطة الحصينة بعيون موسى» لأهميته العسكرية والإستراتيجية، كان هذا الموقع بمثابة نقطة قوية لإسرائيل بعد احتلالها شبه جزيرة سيناء قبل حرب أكتوبر 1973م، وكان للموقع السيطرة الكاملة على الجزء الشمالي من خليج السويس ومدينة السويس وبور توفيق ، ورأيت فيها منظاراً بفتحتين للعين بعيد المدى يصل طوله إلى المتر تقريباً يتمكن الشخص من مشاهدة واستطلاع أكثر من 40 كم بوضوح ومازال المنظار موجود حتى الآن في مبنى على تلة عالية من موقع المزار ويوجد في المبنى كافتيريا لتقديم المشروبات الباردة والساخنة للزائرين، كما يتحكم في طريق «الشط – الطور» المؤدي إلى جنوب سيناء، وكان الجانب الإسرائيلي يستغل هذا الموقع في قصف مصانع البترول والزيتيات ومصنع السماد وميناء الأدبية والمنشآت المدنية بمدينة السويس وبور توفيق غرب القناة.

وبالرغم من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على هذه المنطقة الحصينة في ذلك الوقت بكافة وسائل التأمين المتاحة إلا أن القوات المسلحة المصرية في حرب 1973 نجحت في الاستيلاء على هذا الموقع الهام.
وصدرت الأوامر من القيادة العسكرية المصرية بمهاجمة الموقع الحصين يوم 9 أكتوبر إلى إحدى الوحدات الميكانيكية التي شكلت ثلاثة مجموعات قتال، دفعت الأولى في اتجاه راس مسلة والثانية إلى منطقة مقتل المصري والثالثة إلى موقع عيون موسى، ولإحساس العدو بإصرار قواتنا على الاستيلاء على الموقع انهارت روحهم المعنوية وانسحبت قواته وفرت تاركه ورائها الموقع بكامل أسلحته ومعداته وأجهزة التأمين، ومازالت موجودة إلى الآن في الموقع، وتمكنت مجموعة القتال المصرية التي تم تشكيلها على أعلى مستوى في ذلك الوقت في الاستيلاء على الموقع قبل آخر ضوء يوم 9 أكتوبر 1973م في نفس اليوم، وعلى الفور بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الموقع قامت القوات المسلحة المصرية بتأمين الهيئات ذات الأهمية التكتيكية والحيوية حوله خشية التعرض الموقع إلى هجوم مضاد من العدو للقوات المصرية لأهميته العسكرية .
وحدث بالفعل ما خططت له قوات التأمين، إذ حاول العدو القيام بهجوم مضاد ولعدة مرات بمعاونة قواته الجوية في محاولة مستميتة لاسترداد الموقع إلا أنه بفضل الروح المعنوية العالية للمقاتلين المصريين والإيمان بعدالة القضةية تمكنوا لصد جميع الهجمات المضادة بنجاح، وأصبح الموقع تحت سيطرة القوات المسلحة المصرية .
ويعد مزار «عيون موسى» أوالمعروف بـ «متحف النقطة الحصينة بمنطقة عيون موسى» دليل على قدرة وعبقرية الجيش المصري الذي تمكن من الاستيلاء عليها على الرغم من شدة تحصينها، والتي كانت بمثابة إحدى قلاع التحصين لخط بارليف التي استطاعت القوات المسلحة من تدميره بالكامل .

ويحتوي مزار «عيون موسى» على ستة دشم خراسانية مسلحة ذات حوائط سميكة مغطاة بقضبان سكة حديد وفوقها سلاسل من الصخور والحجارة التي يمكنها تحمل القنابل زنة 1000 رطل، ومحاطة بنطاقين من الأسلاك الشائكة ومزودة بشبكة إنذار إلكترونية وكل دشمة بها هاوتزر عيار 155 مم وبابه من الصلب وهناك أماكن مخصصة لمبيت الجنود والقادة يربطها خنادق للمواصلات ويعلوها نقط مراقبة ومنشآت إدارية وطبية وهذه النقطة بها الاكتفاء الذاتي الذي يكفيها لمدة شهر.
أحد القيادات المسئولة عن هذا المزار ذكر أن فكرة الدشم أو النقط الحصينة كانت معدة لاختباء الجنود الإسرائليين في حالة تعرض الموقع للقصف بالجو أو المدافع وخاصة من جهة السويس حيث كانت مدينة السويس تحت سيطرة مصر في ذلك الوقت، والتي كانت تشكل خطراً بالغاً عليهم ، وقاموا بوضع عدد (8 مدافع) ضخمة ووجهوها نحو مدينة السويس، لتتمكن من ضرب المدينة التي تبعد عن الموقع بنحو 30 كم مستخدمين قضبان السكة الحديد التي كانت موجودة في سيناء لوضع المدافع الضخمة عليها وتحريكها بسهولة، حيث قصفت السويس عدة مرات ثم تختبيء ولا تكون ظاهرة للعيون حتى لا يتمكن أحد من رصدها بالجو أو المناظير البعيدة.
ويتذكر أهالى السويس هذه المنطقة الحربية ويعرفونها جيداً فهي التي كانت تطلق منها القذائف على منازلهم لتدمر وتقتل وتصيب وترعب الأهالي وأجبرتهم على هجرة مدينتهم خوفاً من القصف المتوالي عليهم .
وتتكون النقطة من مبنى بانوراما عيون موسى، وموقع المدافع 155مم والرشاشات، وقاعة تاريخية، ومكتبة تاريخية، ومحلات لبيع الهدايا، وكافتيريا، وهى تعد أحد المزارات السياحية الهامة فى مصر إلا أن الكثير من المصريين لا يعرفون عنها شئ وليس لها نفس شهرة النقطة الحصينة لتبة الشجرة.
وداخل هذا المزار لافتة توضح اسم المكان مدون عليها باللغة العربية والانجليزية ، بالإضافة إلى احتواء الموقع من الداخل على كتابات كثيرة باللغة العبرية، وخاصة الغرف الداخلية وغرفة رئيس الموقع.
كما يحتوي المزار أيضاً على مسجد صغير أنشأته القوات المسلحة للصلاة فيه، ويوجد أيضاً قاعة مخصصة لكبار الزوار من الدولة لاستقبالهم ومخصصة أيضاً للمؤتمرات .
وحددت القيادة المسئولة عن المزار توقيتات الزيارات للموقع والتي تبدأ من الساعة التاسعة صباحاً حتى العاشرة مساءً في فصل الصيف ، ومن التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءً في فصل الشتاء .



