تاريخ ومزارات

نبوءة إشعياء بين النصوص القديمة وخطط الكيان الحالي.. كيف تتحول الرؤى التوراتية إلى تهديد مباشر للمنطقة

قادة الكيان المحتل يعلنون أهدافهم بوضوح ويعملون على تنفيذها بخطوات مدروسة، وهو ما يظهر جليًا في أحداث الواقع اليومية، حيث يتحدثون علنًا عن سعيهم لتحقيق ما يسمونه نبوءة إشعياء، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة هذه النبوءة ولماذا تثير القلق في وقتنا الحالي.

قصة نبوءة إشعياء 

سفر إشعياء يعد من أهم النصوص في العهد القديم عند اليهود، ويرتبط بالنبي إشعياء الذي عاش في مملكة يهوذا قبل الميلاد، ويضم السفر ستة وستين إصحاحًا تتناول قضايا سياسية ودينية وتاريخية متنوعة، من بينها الحديث عن سبي اليهود إلى بابل وعودتهم، وإعادة بناء الهيكل في القدس، وسقوط مدن مثل دمشق والسامرة، إضافة إلى التحذير من تمدد الآشوريين وخطر بابل، كما أشار في النص إلى توحد مصر وآشور وبابل في رؤية روحية واحدة.

النصوص القديمة تحمل سياقات زمنية تخص العصور الماضية، إلا أن الخطر يكمن في محاولات بعض القوى إسقاطها على الواقع المعاصر، حيث يتحول النص الديني إلى أداة سياسية وعسكرية لتبرير الحروب والتوسع، وهو ما يجعل تساؤل البعض مشروعًا حول دوافع إحياء نبوءات كتبت قبل قرون في ظل وجود صواريخ حديثة وأقمار صناعية تراقب سماء المنطقة من طهران إلى تل أبيب وصولًا إلى الخليج ومصر.

يرى بعض المحللين أن سقوط بابل الوارد في النص قد يكون رمزًا لانهيار مراكز قوى معاصرة في الشرق الأوسط، لكن آخرين يذهبون إلى أن الأمر يتجاوز الرمز إلى محاولة تطبيق حرفي لهذه النبوءة على أرض الواقع، بما يحمله من أخطار استراتيجية على استقرار المنطقة.

فكرة من النهر إلى النهر التي يروج لها بعض الساسة في الكيان ليست مجرد شعار، بل مشروع توسعي يقوم على السيطرة على أراض تمتد من النيل إلى الفرات، وهو تصور خطير إذا تحقق، فقد يتحول إلى نبوءة دمار تعيد رسم خريطة المنطقة بالقوة.

وفي خطاب شهير، استشهد نتنياهو بسفر إشعياء ليصف الصهاينة بأنهم أهل النور مقابل الفلسطينيين الذين وصفهم بأهل الظلام، مستندًا إلى الإصحاح التاسع، كما أشار إلى الإصحاح الستين الذي يتحدث عن نهاية الخراب وكرامة الشعب، ليؤكد أن كيانهم سيحقق النصر، بل وذهب إلى أبعد من ذلك بالإشارة إلى مصر عبر نصوص عن خرابها وجفاف النيل، ما يعكس حلم إسرائيل الكبرى الذي يتضمن السيطرة على العراق ودمشق واليمن ومصر.

سلطات الاحتلال تسعى إلى توظيف النصوص الدينية لاستقطاب المستوطنين وإقناعهم بمشروع إسرائيل الكبرى، لكن الواقع يؤكد أن مثل هذه المشاريع التوسعية محكومة بالفشل، فالتاريخ يشهد أن كل احتلال مهما طال مصيره الزوال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى