حوارات و تقارير

نزوى وصلالة ومسقط: ثلاث مدن تحكي قصة الحضارة العمانية

أسماء صبحي – سلطنة عمان ليست فقط دولة ذات طبيعة ساحرة وتضاريس متنوعة. بل هي أيضًا موطن لحضارة عريقة تعود إلى آلاف السنين، تجسدها ثلاث مدن رئيسية: نزوى، صلالة، ومسقط. وهذه المدن ليست مجرد مراكز سكنية أو إدارية، بل تعد محطات تاريخية وثقافية تحكي فصولًا مختلفة من قصة الحضارة العمانية. بدءًا من مراكز العلم والدين مرورًا بطريق اللبان والتجارة ووصولًا إلى النهضة الحديثة التي انطلقت من العاصمة مسقط.

نزوى والحضارة العمانية 

تعرف نزوى باسم “بيضة الإسلام” في عمان، وهي واحدة من أقدم وأعرق مدن السلطنة. كما كانت نزوى عاصمة لعمان في فترات مختلفة من التاريخ، واشتهرت كمركز ديني وثقافي. حيث خرج منها علماء وفقهاء أثروا في الفكر الإسلامي على مستوى المنطقة.

وتعد قلعة نزوى، التي تعود إلى القرن السابع عشر، من أبرز معالم المدينة. كما تجسد القوة الدفاعية والفكرية للمنطقة، حيث كانت مقرًا للحكم والتشريع.

وتحتضن نزوى أيضًا أسواقًا تقليدية شهيرة مثل سوق نزوى الذي يعرف بمنتجاته المحلية من الفضة والتوابل والتمور والمشغولات اليدوية. وهو شاهد حي على استمرار روح التراث في قلب المدينة. فالتعليم الديني والمدارس القرآنية كانت وما زالت جزءًا من نسيج المدينة، ما يجعلها رمزًا لهوية عُمانية عميقة الجذور.

صلالة أرض اللبان وسحر الطبيعة

في أقصى الجنوب، تقع صلالة، مدينة تتنفس التاريخ والعطر. تشتهر صلالة بأنها عاصمة اللبان. حيث كانت منذ العصور القديمة مركزًا عالميًا لتجارة اللبان، تلك المادة الثمينة التي وصلت من ظفار إلى الإمبراطوريات القديمة في روما ومصر والهند.

وتمثل صلالة أيضًا وجهًا مختلفًا لعُمان بطبيعتها الخضراء ومناخها الموسمي الذي يُعرف بـ”الخريف”. حيث تتحول الجبال إلى لوحات من الغابات الضبابية والشلالات المتدفقة. إلى جانب التاريخ، تشتهر المدينة بآثارها القديمة مثل موقع البليد الأثري ومدينة سمهرم. اللذين يشهدان على ازدهار التجارة البحرية وحضارات عريقة مرت من هنا.

مسقط عاصمة الحداثة ورمز الانفتاح

أما مسقط، فهي القلب النابض لعمان الحديثة، ومركز النهضة التي انطلقت منذ عهد السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه. وتجمع مسقط بين الماضي والحاضر بأسلوب فريد؛ فالمباني الحديثة تتجاور بتناغم مع الحصون والقلاع القديمة مثل قلعة الجلالي والميراني.

كما تعد مسقط مركزًا دبلوماسيًا وثقافيًا مهمًا، حيث تحتضن مؤسسات مثل دار الأوبرا السلطانية، التي تعكس تطور الفنون والانفتاح الحضاري في عمان. إلى جانب المتاحف والمعارض والأسواق الحديثة مثل سوق مطرح الشهير. هذه المدينة تمثل صورة عمان المعاصرة، ذات الهوية القوية والمنفتحة على العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى