جمهورية زفتى.. مدينة أعلنت التمرد وصنعت ملحمة استقلال عشرة أيام

وسط أجواء ثورة 1919 التي أشعلت الغضب في أرجاء مصر ضد الاحتلال البريطاني، وسبقت إعلان الاستقلال في 28 فبراير 1922، خرجت مدينة زفتى بمحافظة الغربية عن المألوف وكتبت فصلا استثنائيا من تاريخها الوطني، حين أعلنت استقلالها الذاتي لمدة عشرة أيام في خطوة جريئة هزت المشهد السياسي آنذاك وخلدت اسمها تحت عنوان جمهورية زفتى.
حكاية جمهورية زفتى
تزامن انفجار الغضب الشعبي مع القبض على سعد زغلول ورفاقه يوم 8 مارس 1919 ونفيهم خارج البلاد، وتحولت المدن المصرية إلى ساحات للغضب، لكن زفتى اختارت طريقا آخر بقيادة طالب الحقوق الشاب يوسف الجندي الذي جمع حوله الطلبة والعمال والفلاحين، وأعلن من مقهى مستوكلي المملوك ليوناني في ميدان بورصة القطن استقلال المدينة عن مصر يوم 18 مارس 1919، وجعل من هذا المكان مقر حكم الجمهورية الجديدة.
بدأت ملامح الجمهورية تتشكل سريعا تحت قيادة الجندي ورفاقه الذين أسسوا مجلسا بلديا تولى إدارة شؤون المدينة، واتخذ المجلس قرارات حاسمة، على رأسها السيطرة على مركز الشرطة، وهو ما تحقق بسهولة بعد أن فتح الضابط إسماعيل حمد، المتعاطف مع الثورة، أبوابه دون مقاومة، وسيطر الثوار بعدها على محطة القطار ومخازن القمح ومبنى التلغراف.
وفي لحظة فارقة، أصدرت الجمهورية صحيفة محلية تحمل اسمها، انطلقت من مطبعة محمد أفندي عجيبة، وشكلت لجنة أمنية بقيادة الضابط حمد وضمت كل من يستطيع حمل السلاح، وكان من أبرز المنضمين المفاجئين زعيم عصابة شهير يدعى سبع الليل الذي أبدى رغبة حقيقية في الدفاع عن المدينة واندمج في صفوف الثوار.
عندما وصلت أخبار التمرد إلى قوات الاحتلال، أرسلت السلطات البريطانية قوة عسكرية عبر كوبري ميت غمر، لكن الثوار واجهوها بشجاعة وردوها على أعقابها، وعندما علموا بقدوم قطار محمل بالجنود البريطانيين، سارع سبع الليل ورجاله إلى قطع القضبان، مما أوقف تقدم القوات وأربك مخططاتها.
انتقلت أخبار زفتى المستقلة إلى خارج مصر، وتناقلتها الصحف البريطانية التي تحدثت عن المدينة التي أعلنت استقلالها ورفعت علما جديدا، وسارع الاحتلال بإرسال فرقة أسترالية مسلحة لمحاصرة المدينة، فيما استعد أهل زفتى بحفر خندق دفاعي حولها، إلا أن حجم القوة المحاصرة أجبر المدينة على الاستسلام يوم 29 مارس 1919، بعد عشرة أيام صنعت فيها تاريخا فريدا لا ينسى.



